ترجمة عربية لرسائل هيرمـان هسّه إلى الشباب

ترجمة عربية لرسائل هيرمـان هسّه إلى الشباب
TT

ترجمة عربية لرسائل هيرمـان هسّه إلى الشباب

ترجمة عربية لرسائل هيرمـان هسّه إلى الشباب

عن دار «مدارك» للنشر والتوزيع، صدر مؤخراً الطبعة العربية لكتاب «أنت جواب السؤال.. رسائل إلى الشباب»، للروائي الألماني الحائز جائزة نوبـل، هيرمـان هسّه 1877) - (1962.
والكتاب هو ترجمة رسائل مختارة من كتاب صدر عن دار النشر الألمانية «Insel Verlag»، وطبع ست مرات منذ نشره أول مرة سنة 2000، بمقدمة المحرر الأدبي فولر میشلز، الذي نذر حياته كلها تقريباً للتنقيب في تراث الشاعر هيرمـان هسّه على مدار خمسة عقود، وعلى الأخص في تركة الرسائل الضخمة مع كبار أدباء عـصره، كمراسلاته مع أديب نوبل توماس مان، ومعاصره شتيفان تسفايج، والناشر بيتر زورکامب، والأديب رومان رولان، وغيرهم.
في السطور الأولى من الكتاب يقول میشلز، إن إجمالي ما تيسر جمعه مـن مراســلات هيرمـان هسّه بلغ حتى اليوم خمسة وثلاثين ألف رسالة، حفظ قسم منها في أرشيف المكتبة المحلية لمدينة بيرن السـويسرية، والقسم الآخر محفوظ في أرشيف السجلات الأدبية في مدينة مارباخ الألمانيـة، وهي متاحة للباحثين.
حشد هيرمان هسّه تركيزه في نهاية عشرينات القرن السابق، وبعد ذيوع صيته على محوريْن أساسيْن؛ الأول هو كتابة مراجعات لأعمال أدبية وفكرية غير معروفة للقارئ الأوروبي؛ بهدف حثّه على تغيير ذائقته الأدبية، وتعريفه بأعمال قد لا يعلم بوجودها من الأساس (أصدر هسّه سِفره الضخم «العالم في كتاب» فيما يزيد على 3500 صفحة، ضمّ مختارات أدبية هي خلاصة قراءاته ومراجعاته).
أما المحور الآخر، فكان اهتمامه بتواصله مع الكُتّاب الشباب، وخاصة المغمورين الذين آمن بموهبتهم الأدبية، وتقديمهم إلى جمهور القُرّاء؛ من بينهم على سبيل المثال لا الحصر الكاتب النمساوي روبرت موزيل، والألماني فالتر بنيامين، وإلياس كانيتي، وآرنو شميدت، والأميركي جيروم ديفيد سالنجر، وغيرهم.
وفي هذا الكتاب «أنت جواب السؤال: رسائل إلى الشباب» يلتفت هسّه إلى الشباب التفاتاً خاصاً، فيقدم خلاصة تجاربه الأدبية، وتأملاته في الحياة والفنّ إلى الشباب. وقد وقع اختيار المحرر على مجموعة متباينة الأطياف من الرسائل، أعطت فكرة شاملة عن رؤية هسّه لموضوعات، مثل: الله والإيمان، اليأس، مغزى الحياة، مشكلات الشباب والمراهقة، السياسة، إلخ.
يكتب لأحد الشباب الذي طلب منه نصائح بشأن الكتب التي ينبغي قراءتها «لا أؤمن بقائمة أفضل مائة كتاب أو أفضل ألف كتاب، فلكل إنسانٍ منا مجموعة كتب جميلة وقيّمة ينتقيها بعناية، هي المجموعة القريبة إلى نفسه وعقله. لا يُمكن لأي قارئ تكوين مكتبته الشخصية بمجرد شراء الكتب وتكدسيها فوق الرفوف، والأولى بالقارئ أن يصغِي لصوت احتياجه المعرفي، وشغـفـه الشخصيّ، فيكّون مكتبته الشخصية مثلما يكون صداقاته».
يقول في الرسائل «إذا استولى عليك شعور بأن محاولاتك الأدبية تعينك على رؤية نفسك ورؤية العالم رؤية أوضح، وأن ما كتبته يشحذ عزيمتك على خوض غمار الحياة، ويجلو معدن ضميرك، فالزم مقام الأدب. ولا يهم إن صرت كاتباً أم لا، المهم أن ما كتبته سيصنع منك إنساناً واعياً بقيمته في الحياة، إنساناً يقظاً، حاد البصيرة. أما إذا اكتشفت أن كتابة الأدب والاستمتاع بها ستقف حجر عثرة في مشوار حياتك ولو في أضيق الحدود، وأنها ستغويك بسلوك طرق جانبية، نهايتها الغرور وتبلد الشعور، فألق بكل القصائد والنصوص وكل ما كتبته، بل وكل ما كتبناه جميعاً، وراء ظهرك».
في رسالة أخرى، يكتب «لا يمكن للعمل الفني أن يولد من رحم الموهبة وحدها. وهناك هوة شاسعة تفصل بين الهاوي والفنان الحقيقي؛ فالهاوي غالباً ما يكتفي بأول فكرة تطرأ على ذهنه، فتأخذه الرهبة من مواصلة تطويرها وتشذيبها على مستوى اللغة والإيقاع الشعري. أما الفنان الحقيقي فيجد سعادته القصوى في الوصول بعمله الفني إلى درجة الكمال ما وسعه، مهما تجشم من عناء، ومهما نقّح وصحح وعدل».
ورسالته الأخيرة المؤرخة في ديسمبر (كانون الأول) 1961، قبل أشهر من وفاته (أغسطس (آب) 1962، بعث بها إلى طالبة أميركية اسمها سوزان برومبيرج، ويستحضر فيها فكرة عرفانية من محيي الدين بن عربي وردت في كتابه «العبادلة»، وهي فكرة «البُدلاء»؛ إذ يقول ابن عربي «ونور الشمس على صفة واحدة، فيضرب الزجاج المتلوّن، فينعكس، فيظهر فيه من الألوان ما عليه الزجاج في رأي العين. الزجاج القلوب والألوان الاعتقادات، والحق لا يتغير، ولكن هكذا تراه».
بينما يكتب هيرمان هسّه في رسالته الأخيرة للشابة الأميركية «عزيزتي آنسة برومبيرج... خالص الشكر على خطابك الرقيق المُفرح، لكنكِ عثرتِ علي بعد فوات الأوان، فأنا شيخ هرِمٌ في الرابعة والثمانين، وأدنو للانسحاب من هذه الدنيا. عاجلاً أم آجلاً ستجدين بديلاً يحلّ محلي. الحقيقة لا تتغير، والحق لا يتغيّر، حتى وإن رأيناه بوجوه متباينة».



احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
TT

احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)

احتفت مصر بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ، عبر فعاليات متنوعة في متحفه وسط القاهرة التاريخية، تضمّنت ندوات وقراءات في أعماله وسيرتيه الأدبية والذاتية، واستعادة لأعماله الروائية وأصدائها في السينما والدراما.

وأعلن «متحف نجيب محفوظ» التابع لصندوق التنمية الثقافية في وزارة الثقافة، أن الاحتفال بـ«أديب نوبل» يتضمّن ندوة عن إبداعاته ومسيرته، يُشارك فيها النّقاد، إبراهيم عبد العزيز، ومحمد الشاذلي، والدكتور محمود الشنواني، والدكتور تامر فايز، ويديرها الدكتور مصطفى القزاز. بالإضافة إلى افتتاح معرض كاريكاتير عن نجيب محفوظ، وشاعر الهند الشهير رابندراناث طاغور، ومعرض لبيع كتب نجيب محفوظ.

وأوضح الكاتب الصحافي والناقد محمد الشاذلي أن «الاحتفالية التي أقامها (متحف نجيب محفوظ) في ذكرى ميلاده الـ113 كانت ممتازة، وحضرها عددٌ كبير من المهتمين بأدبه، وضمّت كثيراً من المحاور المهمة، وكان التركيز فيها على السيرة الذاتية لنجيب محفوظ».

«متحف نجيب محفوظ» احتفل بذكرى ميلاده (صفحة المتحف على فيسبوك)

ولد نجيب محفوظ في حيّ الجمالية بالقاهرة التاريخية في 11 ديسمبر (كانون الأول) عام 1911، وقدم عشرات الأعمال الروائية والقصصية، بالإضافة إلى سيناريوهات للسينما، وحصل على جوائز عدة أهمها جائزة «نوبل في الأدب» عام 1988، ورحل عن عالمنا عام 2006.

حضر الاحتفالية بعض ممن كتبوا عن سيرة نجيب محفوظ، من بينهم إبراهيم عبد العزيز، الذي له أكثر من كتاب عن «أديب نوبل»، بالإضافة إلى الطبيب الدكتور محمود الشنواني الذي رافق الأديب لمدة 30 سنة تقريباً، وفق الشاذلي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تَحدّث كلُّ شخص عن الكتاب الذي أصدره عن نجيب محفوظ. وإبراهيم عبد العزيز كان مرافقاً له في ندواته، وتحدّث عن كتاب (أنا نجيب محفوظ)، الذي تضمّن ما قاله محفوظ عن نفسه، بيد أني أرى أن كتابه الأهم هو (ليالي نجيب محفوظ في شيبرد) لأنه كان عبارة عن كناسة الدكان، فقد رصد السنوات الأخيرة لنجيب محفوظ».

وعن كتاب الشاذلي حول نجيب محفوظ يقول: «تعرّفت عليه بصفتي صحافياً منذ بداية الثمانينات، وقد تحدّثت عن موضوعين تناولتهما في كتابي عنه (أيام مع نجيب محفوظ ذكريات وحوارات)، وهو ما أُشيع عن هجومه على العهد الناصري، خصوصاً في روايته (الكرنك)، وهذا ليس صحيحاً، وفي الحقيقة كان محفوظ يُركّز على حقوق الإنسان والحريات أكثر من أي شيء آخر، وقد أنصف عبد الناصر في كثيرٍ من كتاباته، خصوصاً شهاداته عن هذا العصر، والنقطة الثانية ما أُشيع حول الاتهامات التي وجّهها بعضهم لنجيب محفوظ بحصوله على (نوبل) بدعم إسرائيل، وهذا ليس صحيحاً بالمرّة، وكانت تُهمة جاهزة لمن أراد إهانة الجائزة أو النّيل ممّن حصل عليها».

وأشار الشاذلي إلى أن محفوظ كان له رأيُّ مهم في السينما، وقد ترأس مؤسسة السينما في إحدى الفترات، وكان يرى أنه أصبح كاتباً شعبياً ليس بفضل القراءات ولكن بفضل السينما، فكان يحترم كلّ ما له علاقة بهذه المهنة، ويعدّها مجاورة للأدب.

محفوظ وطاغور في معرض كاريكاتير (منسق المعرض)

وتحوّلت روايات نجيب محفوظ إلى أعمال سينمائية ودرامية، من بينها أفلام «بداية ونهاية»، و«الكرنك»، و«ميرامار»، و«ثرثرة فوق النيل»، وثلاثية «بين القصرين»، و«قصر الشوق»، و«السكرية»، وأيضاً «زقاق المدق»، و«اللص والكلاب»، بالإضافة إلى مسلسلات «الحرافيش - السيرة العاشورية»، و«أفراح القبة»، و«حديث الصباح والمساء».

وضمّ المعرض الذي أقيم بالتعاون بين سفارة الهند في القاهرة، ومتحف الكاريكاتير بالفيوم، ومنصة «إيجيبت كارتون»، 38 لوحة لفنانين من 12 دولة من بينها مصر والهند والسعودية وصربيا والصين ورومانيا وروسيا وفنزويلا.

وأشار الفنان فوزي مرسي، أمين عام «الجمعية المصرية للكاريكاتير» ومنسِّق المعرض إلى أن هذا المعرض اقتُرح ليُعرض في الاحتفال بذكرى طاغور في مايو (أيار) الماضي، إذ عُرض في المركز الثقافي الهندي، وكذلك في يوم الاحتفال بعيد ميلاد «أديب نوبل» المصري نجيب محفوظ.

وقال مرسي لـ«الشرق الأوسط»: «يُعدّ المعرض جزءاً من الاحتفالية التي نظّمتها وزارة الثقافة (لأديب نوبل) الكبير، واهتمّ معظم الفنانين برسم البورتريه بشكلٍ تخيُّلي، في محاولة لعقد الصلة بين طاغور ومحفوظ».

فنانون من 12 دولة رسموا الأديبين طاغور ومحفوظ (منسق المعرض)

وفي السياق، أعلنت «دار المعارف» عن إصدار كتابٍ جديدٍ عن نجيب محفوظ في الذكرى الـ113 لميلاده، وكتب إيهاب الملاح، المُشرف العام على النشر والمحتوى في «دار المعارف» على صفحته بـ«فيسبوك»: «في عيد ميلاد الأستاذ نُقدّم هدية للقراء ولكل محبي نجيب محفوظ وهي عبارة عن كتاب (سردية نجيب محفوظ) للناقد الدكتور محمد بدوي».