هاجم «التيار الوطني الحر»، الرئيس المكلف سعد الحريري، متهماً إياه بـ«افتعال أزمة مع رئيس الجمهورية والفريق السياسي المؤيد له» و«اختلاق مشكلة الثلث المعطل»، كما اتهمه بانتهاج «منحى اقصائي»، وبأنه يمتلك «رغبة واضحة بأن يسمي بنفسه الوزراء المسيحيين فيكون له نصف أعضاء الحكومة زائداً واحداً»، وذلك في أعنف هجوم على الحريري، وسط تأزم سياسي بين الطرفين أحبط إعلان تأليف الحكومة منذ 5 أشهر. وظهرت عدة مبادرات خلال الأسابيع الماضية، من بينها مبادرة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وأخرى من رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وتلتزمان المبادرة الفرنسية وعدم وجود أثلاث معطلة، لكنها لم تؤدِ إلى أي نتيجة رغم الدعوات المتكررة لتشكيل الحكومة، والاتصالات التي يقوم بها البطريرك الماروني بشارة الراعي لمحاولة إيجاد قواسم مشتركة تؤدي إلى التأليف. وشرعت الحسابات السياسية سجالات على ضفتي التأليف، دخل فيها «التيار الوطني الحر» بقوة، أمس، حيث رأى أن الرئيس المكلف قام بحركة استعراضية يوم الاثنين «بحثاً عن شعبية انتخابية». وقال بعد اجتماع مجلسه السياسي إنه «لا بد لرئيس الحكومة المكلف أن يعود إلى الأصول الميثاقية والدستورية التي يعرفها جيداً، والتي سبق له أن اعتمدها في تشكيل كل حكومة، لأنها السبيل الوحيد لتأليف أي حكومة من أي نوع كانت». وسأل التيار: «لماذا يمعن (الحريري) في ترك الإبهام والغموض في توزيع الحقائب، خصوصاً المسيحية؟ وهل رئيس الجمهورية هو شريك دستوري في تأليف الحكومة، أم أن صلاحيته محصورة بالتوقيع على مرسوم التأليف؟»، وأضاف: «هل يفهمون مغزى أن تُشكل حكومة في لبنان تغيب عنها الكتل النيابية المسيحية بالمشاركة والثقة؟» في تهديد بعدم منح أبرز كتلتين مسيحيتين الثقة للحكومة. وحذر «التيار» «من خطورة المنحى الإقصائي الذي ينتهجه دولة الرئيس المكلف في تعامله مع رئيس الجمهورية ومع الكتل البرلمانية المعنية»، ورأى في هذا السلوك «رغبة واضحة بأن يسمي بنفسه الوزراء المسيحيين، فيكون له نصف أعضاء الحكومة زائداً واحداً». ورأى أن «هذا هو الهدف الحقيقي من رفع الحريري عنوان الثلث زائداً واحداً، وهذا هو السبب الذي يمنعه من أن يقدم تشكيلة حكومية كاملة وواضحة لرئيس الجمهورية، وهو فوق ذلك كله يشترط الحصول على ثقة تكتل (لبنان القوي)». وكرر التيار قوله إنه «لن يشارك في الحكومة، ولن يعطيها الثقة على الأسس التي يطرحها الرئيس المكلف»، كما قال إنه «يرفض إعطاء الرئيس المكلف وفريقه النصف زائداً واحداً في الحكومة، لأنه سيستعمله لمنع الإصلاح، وتعطيل التدقيق الجنائي، وفرملة كل محاولات محاربة الفساد».
نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعاركhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5085292-%D9%86%D8%B2%D9%8A%D9%81-%D8%A8%D8%B4%D8%B1%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A%D8%A9-%D8%B1%D8%BA%D9%85-%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.
ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.
وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.
ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».
وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.
وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.
وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.
قتل داخل السجن
وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.
وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.
وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.
وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.
ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.
ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.
قتلى بلا حرب
وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.
وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.
ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.
ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.
كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.
وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.