مناشدات لاستعادة الدول مواطنيها من مخيم الهول شرق سوريا

65% من النازحين شرق الفرات عادوا لمناطقهم

TT

مناشدات لاستعادة الدول مواطنيها من مخيم الهول شرق سوريا

فرضت «قوات سوريا الديمقراطية» طوقاً أمنياً على مخيم الهول والبلدة الواقعة على بعد نحو 45 كيلومتراً شرقي محافظة الحسكة، بعد ارتفاع حصيلة القتلى التي تجاوزت 40 حالة منذ بداية العام الحالي، في وقت طالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر حكومات الدول الإسراع باستعادة 62 ألف شخص يقطنون المخيم، بينهم أطفال لعائلات مرتبطة بمسلحي تنظيم «داعش» المتطرف.
ونشرت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) حواجز ونقاط تفتيش على طول الطريق الذي يربط المخيم بمدينة الحسكة ومنعت حركة الدخول والخروج منذ يوم الجمعة، بعد ورود أنباء عن مقتل نازح سوري ولاجئ عراقي الأسبوع الماضي لترتفع الحصيلة إلى 15 شخصاً خلال شهر مارس (آذار) الحالي بينهم 3 نساء، وتتهم قوى الأمن التابعة للإدارة الذاتية خلايا التنظيم بالوقوف خلف الجرائم.
ووصل عدد الضحايا منذ بداية العام الحالي إلى 40 حالة وفاة غالبيتها تعود إلى لاجئين عراقيين. وقال مصدر أمني من قوى الأمن بالمخيم إنهم ألقوا القبض على 10 متهمين خلال عمليات دهم وبحث أمنية بعد تصاعد أعمال العنف، «الحملة ستشمل كافة القطاعات وكل الأقسام للبحث عن عناصر متورطة موالية للتنظيم، كما نبحث عن أسلحة استخدمت في تلك الجرائم قد تكون موجودة داخل الخيام».
ومنذ مطلع العام الحالي، تدهورت الأوضاع الأمنية بشكل كبير في المخيم المكتظ والذي يعد من بين أكبر المخيمات في سوريا، يستقبل نحو 62 ألفاً يشكل اللاجئون العراقيون والنازحون السوريون النسبة الأكبر، إضافة إلى وجود نحو 11 ألف من عائلات مقاتلي «داعش» المتطرف، فروا من آخر جيب كان يسيطر عليه مسلحو التنظيم بعد القضاء على سيطرته الجغرافية والعسكرية أواخر شهر مارس 2019.
في السياق، قال بيتر ماورير رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعد زيارة ميدانية للمخيم: «إن عشرات الآلاف من الأطفال المحاصرين بمخيم الهول وغيره من المخيمات والمحتجزين في السجون هم ضحايا. إنهم ضحايا بغض النظر عما ربما فعلوه هم أو آباؤهم، أو ما هم متهمون به».
وأشار ماورير بأن الأطفال القاطنين بالمخيم: «كثير منهم يتامى أو منفصلون عن آبائهم، يعيشون في ظروف خطيرة دائماً في المخيم».
وناشدت سلطات الإدارة الذاتية والولايات المتحدة الأميركية الدول الأعضاء بالتحالف الدولي وحكومات غربية وعربية استعادة رعاياها، غير أن معظم الدول امتنعت عن استعادة مواطنيها، وأرجعت ذلك لأسباب أمنية أو سعت لتجريدهم من الجنسية.
وكانت السلطات الأمنية لإدارة المخيم قد نفذت سابقاً عدة حملات تفتيش أمنية بالتنسيق مع «قوات سوريا الديمقراطية»، وبدعم من قوات التحالف الدولي، للحد من عمليات القتل والاعتداء ومحاولات الفرار.
وحث ماورير الذي اختتم زيارة استمرت خمسة أيام لسوريا شملت الحسكة ومخيم الهول، السلطات المحلية على وضع حد «لمأساة على مرأى الجميع. توجد أمثلة إيجابية على استعادة أفراد وإعادة دمجهم».
إلى ذلك، قال التحالف الدولي إن 65 في المائة من النازحين السوريين في شمال شرقي سوريا عادوا إلى ممتلكاتهم بعد مرور عامين على هزيمة التنظيم العسكرية، ونشر الحساب الرسمي للتحالف في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع «تويتر»، «إن الحياة عادت إلى أسواق شمال شرقي سوريا، منذ تحرير بلدة (الباغوز)، آخر معاقل التنظيم شرقي الفرات».
ولفت التحالف إلى استمرار عمليات مكافحة التنظيم عبر استهداف خلاياه النائمة بهدف تحقيق النصر النهائي والقضاء على تركته، منوهاً بأن «عمليات إعادة إعمار البنى التحتية الأساسية في المناطق المتضررة مستمرة، فيما كانت عمليات إزالة الألغام من بين أبرز الإنجازات خلال العامين الماضيين، لا سيما أنها جعلت المناطق أكثر أماناً للمدنيين».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم