الحراك الجزائري يتمسك برفض الانتخابات

مشاركون في الحراك بالعاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
مشاركون في الحراك بالعاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
TT

الحراك الجزائري يتمسك برفض الانتخابات

مشاركون في الحراك بالعاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
مشاركون في الحراك بالعاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)

عطّلت السلطات الأمنية الجزائرية، أمس، شبكة التواصل الاجتماعي قبيل صلاة الجمعة، لمنع تداول فيديوهات وصور المظاهرات الأسبوعية، في خطوة تشير إلى أن الحراك الشعبي بات مصدر إزعاج كبير للحكومة التي استعملت معه، بعد عودته منذ شهر، القوة لوقفه من دون جدوى.
وانتشر المئات من المتظاهرين، بعد الانتهاء من صلاة الجمعة، في شوارع «ديدوش مراد» و«عسلة حسين» و«زيغود يوسف» و«حسيبة بن بوعلي» وفي «ساحة موريس أودان» و«البريد المركزي»، للتعبير عن عدم اقتناعهم بالتغيير الذي جرى في نهاية 2019، وهو استخلاف الرئيس عبد المجيد تبون بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، المستقيل في أبريل (نيسان) من نفس العام تحت ضغط الشارع.
كما رفض المتظاهرون في الأسبوع الـ110 من الاحتجاجات، الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في 12 يونيو (حزيران) المقبل، بذريعة أنها «تندرج في إطار خريطة طريق النظام الهادفة إلى تمديد عمره». ورفع متظاهر عشريني، ينتمي للحزب المعارض «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، قصاصة ورقية صفراء كُتب عليها: «لا انتخابات مع العصابات». ولفظة «العصابة» أطلقها للمرة الأولى رئيس أركان الجيش السابق الفريق أحمد قايد صالح، على الفريق الحاكم سابقاً بقيادة بوتفليقة، لما جمع القيادة العليا للجيش صباح 2 أبريل 2019، وطالب بوتفليقة بتقديم استقالته بحجة أنه بات عاجزاً عن الاستمرار في السلطة بسبب المرض. وظلت هذه الكلمة متداولة على ألسنة المسؤولين، وبخاصة الرئيس تبّون، للدلالة -حسبهم- على أنهم يسيّرون تبعات الفساد الموروث عن الفترة السابقة، المستشري في أجهزة الدولة. يشار إلى أن تبون كان وزيراً لسنوات طويلة في فترة حكم بوتفليقة.
ورُفعت بـ«البريد المركزي» صور كثير من معتقلي الرأي، من بينهم عبد الله بن نعوم الذي سُجن منذ أكثر من عامين، بسبب مظاهرة قادها في الشارع ضد الرئيس السابق بوتفليقة والمسؤولين في تلك الفترة، أغلبهم اليوم في السجن بتهم فساد، مثل رئيسي الوزراء أحمد أويحيى وعبد المالك سلال.
وقال صحافيون من وهران، كبرى مدن غرب البلاد، إن الشرطة فرّقت محتجين في بداية مظاهرة بوسط المدينة. غير أن ذلك لم يمنعهم من السير في طريق «الترامواي»، الذي يخترق قلب وهران، مرددين شعارات منددة بـ«حكم العسكر». كما عدّوا تبون «وليد انتخابات مزوّرة نظّمها الجيش».
وفي مدن القبائل (شرق) تيزي وزو وبجاية والبويرة، تظاهر الآلاف مرددين شعارات حادة ضد تبون وقادة الجيش. وأكدوا مقاطعة الاستحقاق التشريعي، الذي وعدوا بأن تكون «نتيجته صفراً»، مثلما كان الحال مع استفتاء الدستور في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقبله انتخابات الرئاسة، إذ كانت نتيجة التصويت في منطقة القبائل قريبة من لا شيء.
إلى ذلك، طالب باحثون في التاريخ في رسالة إلى الرئيس تبون، بإسداء أوامر لمدير مؤسسة الأرشيف الوطني عبد المجيد شيخي، لتمكينهم من النفاد إلى الوثائق الخاصة بتاريخ «الحركة الوطنية» (نشاط أحزاب جزائرية وقت الاستعمار)، وثورة التحرير، المسموح قانوناً بالاطلاع عليها. لكن شيخي، حسبما قالوا، يَحول بينهم وبينها. وتُطرح «أزمة إغلاق الأرشيف أمام الباحثين»، منذ سنوات طويلة، وأصابع الاتهام موجّهة إلى شيخي الذي يرأس مؤسسة الأرشيف منذ زمن بعيد، وهو منذ فترة قصيرة مستشار للرئيس «مكلف بقضايا الذاكرة».
ومن الأسماء البارزة التي تضمنتها رسالة الباحثين، دحو جربال المقيم في فرنسا، ومحمد القورصو وعامر محند عمار. ومما جاء فيها: «رغم العناية التي تولونها للتاريخ الوطني، بشكل عام وتاريخ الحركة الوطنية والثورة التحريرية على وجه الخصوص، ورغم ترسيمكم 8 مايو (أيار) 1945 (يوماً وطنياً للذاكرة) وفـتحكم قناة تُعنى بالتاريخ الوطني هي قناة (الذاكرة)، ورغم استحـداثكم منصب مستشار لدى سيادتكم مكلف بالأرشيـف والذاكـرة الوطنيـة، ورغم الاهتمام المتزايد بمسألة الذاكرة الوطنية، ورغم نداءاتنا واحتجاجاتنا المتكررة عبر وسائل الإعلام الوطنية... فإننا لم نتمكن من الولوج إلى مصادر التوثيق الأرشيفية».
يشار إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعلن الشهر الجاري، تسهيل الوصول للأرشيف السري الذي يزيد عمره على 50 عاماً لا سيما المتعلق بحرب التحرير الجزائرية. وقوبلت الخطوة جزائرياً بالترحيب.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.