«القاسم الانتخابي» محور مذكرات من أحزاب مغربية للمحكمة الدستورية

مواطنان في بلدة فجيج المغربية على الحدود مع الجزائر الأسبوع الماضي وطلب الجزائريون من أهل هذه الواحة التوقف عن أعمال الزراعة في الأرض التابعة للجزائر (أ.ف.ب)
مواطنان في بلدة فجيج المغربية على الحدود مع الجزائر الأسبوع الماضي وطلب الجزائريون من أهل هذه الواحة التوقف عن أعمال الزراعة في الأرض التابعة للجزائر (أ.ف.ب)
TT

«القاسم الانتخابي» محور مذكرات من أحزاب مغربية للمحكمة الدستورية

مواطنان في بلدة فجيج المغربية على الحدود مع الجزائر الأسبوع الماضي وطلب الجزائريون من أهل هذه الواحة التوقف عن أعمال الزراعة في الأرض التابعة للجزائر (أ.ف.ب)
مواطنان في بلدة فجيج المغربية على الحدود مع الجزائر الأسبوع الماضي وطلب الجزائريون من أهل هذه الواحة التوقف عن أعمال الزراعة في الأرض التابعة للجزائر (أ.ف.ب)

بينما تستعد المحكمة الدستورية بالمغرب في غضون أسابيع للبت في دستورية القوانين التنظيمية المتعلقة بتنظيم الانتخابات المقبلة، وجهت مجموعة من الأحزاب من المعارضة والغالبية مذكرات إلى المحكمة للدفاع عن دستورية التعديلات التي أدخلها البرلمان على هذه القوانين أو الطعن فيها، وخاصة اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية وليس على أساس المصوتين.
ووجهت فرق المعارضة ممثلة في كل من أحزاب «الأصالة والمعاصرة» و«الاستقلال» و«التقدم والاشتراكية» مذكرة مشتركة للمحكمة جرى الإعلان عنها مساء أول من أمس، حول التعديلات التي تم إدخالها على أربعة قوانين تنظيمية هي القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، والقانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين، والقانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، والقانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية (البلديات والجهات).
وركزت المذكرة على الدفاع عن القاسم الانتخابي المثير للجدل الذي يهم القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، وخاصة احتسابه على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية.
واعتبرت مذكرة أحزاب المعارضة أن القاسم الانتخابي الجديد «لا يتعارض مع أي من الاختيارات الدستورية الكبرى»، ولا يعارض «أي مبدأ من المبادئ التي تحكم بناء المؤسسات التمثيلية وحسن سيرها»، مشيرة إلى أن الدستور لا يتضمن أي «قاعدة مؤسسة» أو «مُتصلة بموضوع النظام الانتخابي»، بحيث إنه «لم يُحدد نمطاً معيناً للاقتراع يُرجى اتباعه، أو قواعد للعدالة الانتخابية تؤخذ بعين الاعتبار»، وأن ذلك يفيد أن هذا الموضوع «يندرج في اختيارات تشريعية، من الممكن تغييرها، وتعديلها ومراجعتها، بتغيير ملابسات وسياقات وضعها».
وتضيف المعارضة، في مذكرتها، أن الدستور نص في الفصل 62 على أن يُبين قانون تنظيمي عدد أعضاء مجلس النواب، ونظام انتخابهم، ومبادئ التقسيم الانتخابي، وشروط القابلية للانتخاب، وحالات التنافي، وقواعد الحد من الجمع بين الانتداب، ونظام المنازعات الانتخابية، وبذلك فإن البرلمان في مراجعته لطريقة احتساب القاسم الانتخابي «تصرف في مجال محفوظ له، التشريع فيه، دستورياً».
وأوضحت المعارضة أن تعديل طريقة حساب القاسم الانتخابي «ينطلق من غايات ترُوم توسيع دائرة المشاركة السياسية، وتحسيس الناخبين المقيدين في اللوائح الانتخابية بأهمية مشاركتهم»، وأن طريقة حساب القاسم الانتخابي في الانتخابات السابقة على أساس المصوتين، أدى عملياً، إلى «إبعاد» توجهات سياسية «من التمثيل النيابي، وأضعف البعض منها».
من جهته، قدّم الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، مذكرة للمحكمة الدستورية، طعن من خلالها في تعديل القاسم الانتخابي، معتبراً أنه سيؤدي إلى «توزيع المقاعد بين الأحزاب المشاركة بالتساوي ومن دون منافسة»، معتبراً أنه «يخالف المقتضيات الدستورية» التي تنص على أن «التصويت هو الذي يعبر عن إرادة الأمة»، وأن «الأمة تختار ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم».
وأوضح الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية أن التعديل «يضرب أساس العملية الديمقراطية ويضر بنسب المشاركة الانتخابية التي ستكون من دون جدوى».
وذهب الفريق النيابي ذاته إلى القول إن القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، يخالف «الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، ويعاكس المراجع الفقهية التجارب المقارنة الفضلى»، ويشكل «تراجعاً وانتكاسة خطيرة على الديمقراطية التمثيلية».
وكانت الفرق البرلمانية قد تلقت مؤخرا رسالة من رئيس المحكمة الدستورية من أجل إبداء ملاحظاتهم مكتوبة بشأن القوانين التنظيمية المتعلقة بالانتخابات داخل أجل ثمانية أيام.
وينص الفصل 85 من الدستور المغربي على أنه «لا يمكن إصدار الأمر بتنفيذ القوانين التنظيمية، إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتها للدستور».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.