قيادي في «النهضة»: قيس سعيّد على خطى معمر القذافي

تعطل العمل في البرلمان ليومين متتاليين نتيجة غياب النواب

مواطنون في أحد متاجر المدينة القديمة بالعاصمة تونس يوم الخميس (رويترز)
مواطنون في أحد متاجر المدينة القديمة بالعاصمة تونس يوم الخميس (رويترز)
TT

قيادي في «النهضة»: قيس سعيّد على خطى معمر القذافي

مواطنون في أحد متاجر المدينة القديمة بالعاصمة تونس يوم الخميس (رويترز)
مواطنون في أحد متاجر المدينة القديمة بالعاصمة تونس يوم الخميس (رويترز)

خلف إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن استعداد رئاسة الجمهورية للإشراف على حوار وطني يشارك فيه شباب تونس فقط، من دون ذكر مشاركة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، أو رئاسة الحكومة بصفتها الجهاز التنفيذي الأساسي لمخرجات أي حوار سياسي، جدلاً سياسياً واسعاً.
ولم تسلم الدعوة من انتقادات حادة عبر عنها رفيق عبد السلام القيادي في حركة «النهضة»، وكذلك سامي الطاهري المتحدث باسم اتحاد الشغل (نقابة العمال)، خصوصاً إثر تجاوز رئاسة الجمهورية للمبادرة التي تقدم بها الاتحاد العمالي إلى قيس سعيد منذ نحو أربعة أشهر، دون أن يعيرها أي اهتمام.
وفي هذا الشأن، انتقد رفيق عبد السلام، وزير الخارجية السابق القيادي في «النهضة»، بشدة دعوة الرئيس التونسي إلى عقد حوار مع الشباب لتجاوز الأزمة السياسية والاجتماعية في البلاد، وعد أن هذا الاقتراح هو في الحقيقة مجرد «خدعة» نُسجت في أروقة قصر قرطاج.
وأضاف أن هذا الحوار صُمم في مضامينه ومخرجاته مسبقاً من فوق، لينزل عمودياً إلى تحت عبر تنسيقيات شبابية فاشلة، ويتم التجييش له عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مضيفاً أن وزير المالية السابق نزار يعيش يُستخدم مجرد قطعة شطرنج في هذا المخطط لا غير، على حد قوله.
وأشار إلى وجود مخطط لهندسة حوار على مقاس رئيس الدولة ينطلق في ظاهره من المحليات، ومنها إلى الجهات، ومن بعدها إلى الوطني الأوسع، وهو بذلك يسير على خطى العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، موضحاً: «بلغة أخرى، قيس (سعيّد) يسير هنا على خطى القذافي الذي كان يدعي زوراً وبهتاناً أنه مجرد (قائد)، وأن السلطة الفعلية بيد الشعب عبر لجانه الشعبية والوطنية. سعيّد يريد أن يمضي في الاتجاه نفسه تقريباً، بزعم أن الشباب في المحليات والجهات هو صاحب الرأي والقرار، وأنه مجرد منفذ لبرنامج اللجان الشعبية لا غير».
وتأتي هذه الانتقادات الحادة الصادرة عن أحد القيادات السياسية المقربة من رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي إثر إعلان الرئيس التونسي عن استعداد رئاسة الجمهورية للإشراف على تنظيم حوار وطني بمشاركة واسعة من الشباب عبر وسائل الاتصال الحديثة، بما يمكن من بلورة مقترحات ومطالب تنطلق من المستوى المحلي، ثمّ تتم صياغتها لاحقاً من قبل مختصين في المجالات كافة على المستويين الجهوي والوطني، للتوصل إلى مخرجات متناغمة متناسقة، وهو المسار نفسه الذي اعتمده قيس سعيد في حملته الانتخابية التي قادته إلى الفوز بمنصب الرئيس.
وفي السياق ذاته، قال سامي الطاهري، المتحدث باسم الاتحاد العام التونسي للشغل، إن ما قام به الرئيس التونسي ليس فيه احترام لهيبة الدولة ومؤسسة الرئاسة، إذ كان من الأفضل أن يواصل التشاور مع اتحاد الشغل الذي قدم له منذ أشهر مقترحاً مفصلاً للحوار، ودعاه للإشراف عليه، غير أنه بعد سبات لأشهر طويلة فاجأ القيادات النقابية باستقباله لوزير سابق، وحديثه عن حوار وطني مختلف تماماً عما تلقاه قبل أشهر، بحسب ما قاله.
وأكد الطاهري أن ما قدمه الرئيس سعيّد لا علاقة له بمبادرة اتحاد الشغل، معتبراً أن رئيس الجمهورية كان عليه إعلام الجميع بأنه «تراجع» عن تلك المبادرة.
وفي غضون ذلك، أعلن الرئيس التونسي أنه سيقدم قريباً مشروع قانون الصلح الجزائي حتى يستعيد الشعب التونسي حقوقه المشروعة، وفي الوقت نفسه لا يبقى المتهمون في السجن، وهو أمر عده غير مفيد للدولة. كما كشف عن إعداد مشروع قانون يتعلق بالتعويض لعائلات ضحايا ثورة 2011، علاوة على مشروع قانون ثالث يتعلق بإحداث هيئة عليا للتربية والتعليم، وهو ما سيخلف تساؤلات حول جدوى هذه المشاريع، خاصة أن الرئاسة أعلنت عنها من دون أن تحظى بنقاشات سياسية واجتماعية.
وعلى صعيد غير متصل، فشل البرلمان التونسي، لليوم الثاني على التوالي، في عقد جلسة برلمانية بسبب عدم اكتمال النصاب، إذ لم يحضر خلال جلسة أمس المخصصة للحوار مع الهيئة التونسية لمكافحة الفساد (هيئة دستورية) سوى 23 نائباً عند افتتاح الجلسة في حدود التاسعة صباحاً، ولم يتجاوز عددهم 42 عند استئناف الجلسة بعد نصف ساعة من موعدها الأصلي.
وكان البرلمان قد برمج جلسة عامة عشية أول من أمس للحوار مع حسناء بن سليمان، وزيرة العدل بالإنابة، حول قطاعات العدل والداخلية والقانون المنظم للجمعيات، لتُرفع الجلسة بعد تسجيل الحضور في مناسبتين دون حصول النصاب القانوني، فاضطر رئيس الجلسة للاعتذار من الوزيرة لتعذر انعقاد الجلسة. وينص الفصل (109) من النظام الداخلي للبرلمان التونسي على ضرورة توفر 109 أعضاء (الأغلبية المطلقة) لانطلاق الجلسة. وإذا لم يتوافر النصاب القانوني، فإن الجلسة العامة تعقد صحيحة بعد نصف ساعة من الوقت الأصلي للجلسة بثلث الأعضاء على الأقل، وهو ما لم يتوافر خلال اليومين الماضيين. وأثار ذلك تساؤلات حول الأسباب الحقيقية لغياب نواب البرلمان، على الرغم من أهمية الملفات التي كانت ستطرح.
إلى ذلك، أعلن حسام الجبابلي، المتحدث باسم البحرية في تونس، أمس (الجمعة)، عن ضبط أكثر من 130 مهاجراً غير شرعي، بينهم أطفال ونساء، على متن قوارب بسواحل صفاقس ونابل في طريقها إلى السواحل الإيطالية.
وأفاد الجبابلي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) بأن 76 مهاجراً ضبطتهم الوحدات البحرية على مركب صيد بسواحل منطقة العوابد، بجهة صفاقس جنوب شرقي العاصمة، الجمعة. وأوضح أن أغلب المهاجرين ينحدرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء، من بينهم 27 من النساء و9 أطفال، إلى جانب 4 تونسيين، من بينهم 3 يلاحقهم القضاء لتورطهم في جرائم حق عام وصادرة ضدهم أحكام بالسجن. كما ضبطت الوحدات البحرية 56 مهاجراً تونسياً ينحدرون من الأحياء الشعبية المحيطة بالعاصمة على متن قاربين بسواحل ولاية نابل. ويواجه الموقوفون تهم اجتياز الحدود البحرية بطرق غير قانونية. وتعد السواحل التونسية منصة رئيسية يعبرها المهاجرون من تونس ومن دول أفريقيا جنوب الصحراء للوصول إلى أقرب نقطة من السواحل الأوروبية على الأراضي الإيطالية.
وشهدت السواحل التونسية في بداية الشهر الحالي انتشال جثث 39 غريقاً من المهاجرين المنحدرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، من بينهم أطفال ونساء كانوا في طريقهم إلى إيطاليا. وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، انتشلت البحرية التونسية 20 جثة، معظمها لنساء.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.