تركيا تحت «المجهر الأوروبي» 3 أشهر لتحسين سلوكها

النهج الجديد للاتحاد إزاء أنقرة يعتمد ثنائية الترغيب والترهيب

رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال خلال اجتماع يوم الخميس عبر تقنية «الفيديو كونفرنس» مع قادة الاتحاد (إ.ب.أ)
رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال خلال اجتماع يوم الخميس عبر تقنية «الفيديو كونفرنس» مع قادة الاتحاد (إ.ب.أ)
TT

تركيا تحت «المجهر الأوروبي» 3 أشهر لتحسين سلوكها

رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال خلال اجتماع يوم الخميس عبر تقنية «الفيديو كونفرنس» مع قادة الاتحاد (إ.ب.أ)
رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال خلال اجتماع يوم الخميس عبر تقنية «الفيديو كونفرنس» مع قادة الاتحاد (إ.ب.أ)

«تركيا ستكون تحت التجربة طيلة ثلاثة أشهر»... هكذا يمكن تلخيص ما وصلت إليه القمة الأوروبية في اجتماعها عن بُعد الذي اختُصر ليوم واحد «الخميس» بسبب صعوبة إجراء نقاش جدي عبر تقنية الفيديو كونفرنس. ولهذا السبب، تخلى القادة الـ27 عن تناول ملف العلاقة مع روسيا رغم أهميته ورحّلوه إلى اجتماعهم المقبل في شهر يونيو (حزيران). لكنّ هذا لم يمنعهم من تكريس وقت طويل للملف التركي الذي خصص له بيانهم عشر فقرات و869 كلمة مستوحياً تقرير «وزير» خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي سبق لوزراء الخارجية أن ناقشوه في اجتماعهم يوم الاثنين الماضي. والنهج الجديد للاتحاد إزاء أنقرة يعتمد ثنائية الترغيب والترهيب. الترغيب أولاً عن طريق تجديد طرح «الأجندة الإيجابية» لتشجيعها على المداومة فيما رآه الأوروبيون من خطوات على الطريق الصحيح مثل معاودة المفاوضات مع اليونان حول الخلاف المائي في شرق المتوسط والاستعداد للتفاوض مجدداً مع قبرص في إطار لجنة الأمم المتحدة، وبدء سحب المرتزقة السوريين الذين نقلتهم تركيا إلى ليبيا... ولكن في الوقت عينه، التحذير من أن تكون هذه الإجراءات «ظرفية» تنتهي بانتهاء القمة وعودة الاستنفزازات التركية التي عوّدت أنقرة الأوروبيين عليها في 2020، وعندها سيتراجع الاتحاد عمّا قدمه وسيلجأ إلى أسلوب فرض العقوبات المؤجل من قمة إلى أخرى. ويمكن توصيف المقاربة الأوروبية بأنها «تدريجية، مشروطة وقابلة للانعكاس».
بدايةً، يذكر البيان أن مصلحة الاتحاد الأوروبي «الاستراتيجية» تكمن في المحافظة على «محيط آمن ومستقر في المتوسط الشرقي وقيام علاقات تعاون مع تركيا مفيدة للطرفين» كما ينوه بـ«خطوات لجم التصعيد عن طريق تجميد عمليات التنقيب غير المشروعة» في مياه المتوسط الشرقي. بناءً عليه، فإن الأوروبيين «شرط تواصل خفض التصعيد والتزام تركيا موقفاً بناءً، مستعدون لدعم الدينامية الإيجابية» من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي وعلى رأسه تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي واتخاذ قرارات إضافية في القمة القادمة. ويقترح الاتحاد إطلاق حوار عالي المستوى حول مسائل الصحة العامة والبيئة ومحاربة الإرهاب والمسائل الإقليمية والتأشيرات. ويعرب القادة عن استعدادهم للاستمرار في توفير الدعم المالي لتركيا «وأيضاً للبنان والأردن» في إطار استقبالها للاجئين السوريين الذين قدّروا أعدادهم بأربعة ملايين شخص. بيد أن هذا الدعم ليس مجاناً، إذ يدعو الأوروبيون أنقرة إلى «تعزيز التعاون خصوصاً لجهة حماية الحدود، أي منع المهاجرين من الدخول إلى أوروبا» ومحاربة الهجرات غير المشروعة واستقبال الذين يُعادون إلى تركيا بسبب أوضاعهم غير القانونية. وبهذا يريد الأوروبيون من أنقرة، مقابل رفع مساهمتهم المالية، أن تكون «الحارس الأمين» وأن تتخلى عن سياسة التهويل بفتح حدودها أمام تدفقهم إلى أوروبا. وابتداءً من الفقرة الـ11 تتغير لهجة البيان؛ فهذه الفقرة تدعو تركيا إلى «الامتناع عن أي أعمال استفزازية أو أحادية الجانب مخالفة للقانون الدولي». ويلجأ الأوروبيون إلى سيف التهديد، إذ يؤكدون «العزم على اللجوء إلى الأدوات والخيارات المتاحة لهم من أجل الدفاع عن مصالحهم ومصالح الدول الأعضاء والمحافظة على الاستقرار الإقليمي» في إشارة واضحة إلى ما قامت به أنقرة، طيلة أشهر العام الماضي، من انتهاكات للسيادة البحرية اليونانية والقبرصية. ويعرب الأوروبيون عن «قلقهم العميق» إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا واستهداف الوسائل الإعلامية والأحزاب، في إشارة إلى «حزب الشعوب التركية» أو الانسحاب من اتفاقية إسطنبول لمنع العنف المنزلي، ويعدون هذه الإجراءات «نكسة كبيرة لحقوق الإنسان وانتهاكاً لالتزامات تركيا في مجال احترام الديمقراطية ودولة القانون وحقوق المرأة». كذلك حثّ القادة الـ27 أنقرة والأطراف الأخرى الإقليمية على «العمل بشكل إيجابي من أجل التوصل إلى حلول للأزمات الإقليمية أكان ذلك في ليبيا وسوريا أو جنوب القوقاز» وهي المناطق التي تتدخل فيها أنقرة سياسياً وعسكرياً. ونبّه الأوروبيون إلى أنهم سيبقون «بالغي الحذر» بصدد الأداء التركي. وبعد أن يدعو رؤساء الدول والحكومات الأوروبية بوريل إلى العمل على تسهيل انعقاد «المؤتمر متعدد الأطراف» حول شرق المتوسط، وهي فكرة أوروبية قديمة يراد منها إيجاد إطار لوضع كل الأطراف المعنية حول طاولة واحدة، وجّهوا تحذيراً أخيراً إلى أنقرة بأنهم «سيتابعون الوضع عن قرب» وأنهم سيعودون لمناقشته في قمتهم القادمة في شهر يونيو.
باستطاعة أنقرة، وفق مصدر دبلوماسي أوروبي أن تكون «مغتبطة» لأن الأوروبيين لم يعمدوا إلى إقرار عقوبات إضافية، وأن خطتها لـ«تبريد» التوترات الضالعة فيها والتواصل مجدداً مع الأوروبيين منعاهم من ممارسة ضغوط تجارية واقتصادية عليها كانت ستؤثر على تدهور إضافي لاقتصادها الذي يعاني من الانكماش وتدهور العملة الوطنية وارتفاع نسب التضخم... لكن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، كان واضحاً بقوله عقب انتهاء القمة إنه إذا عادت تركيا لممارساتها السابقة «سوف نضع حداً لبرامج التعاون»، الأمر الذي انتقده بيان تركي صدر أمس عن وزارة الخارجية متهماً الاتحاد «بتبني ادعاءات بعض الأعضاء» الذين لا يكنّون الودّ لتركيا، في إشارة إلى اليونان وقبرص وفرنسا على وجه الخصوص. وحسب المصدر نفسه، فإن تركيا، رغم ما تقوم به، تبقى دولة أساسية بالنسبة إلى الاتحاد أقله في ملفين اثنين: التعاون الأمني والحرب على الإرهاب من جهة، وملف الهجرات من جهة أخرى. كذلك رأى ميشال أن الاتحاد «وضع إطاراً لتحسين العلاقات مع تركيا، لكن من الضروري أن تقوم أنقرة باتباع نهج معتدل، لذا سوف نبقى متيقظين». وعملياً، يريد الأوروبيون من تركيا أن تضع حداً لاختلاق المشكلات وأن «تقرن الأقوال بالأفعال» وفق كلمة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان. من هنا، أهمية تسليط الضوء على ما تقوم به أنقرة في الأشهر الثلاثة القادمة التي تعد «اختباراً» لمدى جدية الرئيس إردوغان في «تطبيع» علاقاته مع الأوروبيين. وقال الرئيس ماكرون الذي توترت علاقاته مع إردوغان العام الماضي، ليل أول من أمس، إن الأوروبيين «وضعوا إشارات واضحة لتركيا حتى تأتي بالأدلة على رغبتها في الالتحاق بأوروبا... وفي حال حصلت مؤشرات تدل على أعمال عدوانية جديدة يمكننا عندها التراجع عما طرحناه». ومجدداً اتّهم ماكرون الطرف التركي بالسعي للتدخل في الاستحقاقات الانتخابية القادمة في أوروبا وباستخدام الجالية التركية في فرنسا «كما في أوروبا» لأغراض سياسية، ما من شأنه أن يُعيد التوتر إلى العلاقات بين باريس وأنقرة، وهو ما بدأ في الظهور مجدداً خلال الأيام الماضية بعد فترة من التهدئة انطلقت منذ أواخر العام الماضي.



الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.