تركيا تسدل الستار بعد 15 عاماً على قضية اغتيال صحافي أرميني

محتجون أمام المحكمة أمس في إسطنبول يطالبون بالعدالة للصحافي التركي من أصل أرميني الذي اُغتيل قبل 15 عاماً (أ.ف.ب)
محتجون أمام المحكمة أمس في إسطنبول يطالبون بالعدالة للصحافي التركي من أصل أرميني الذي اُغتيل قبل 15 عاماً (أ.ف.ب)
TT

تركيا تسدل الستار بعد 15 عاماً على قضية اغتيال صحافي أرميني

محتجون أمام المحكمة أمس في إسطنبول يطالبون بالعدالة للصحافي التركي من أصل أرميني الذي اُغتيل قبل 15 عاماً (أ.ف.ب)
محتجون أمام المحكمة أمس في إسطنبول يطالبون بالعدالة للصحافي التركي من أصل أرميني الذي اُغتيل قبل 15 عاماً (أ.ف.ب)

بعد قرابة 15 عاماً، أسدلت محكمة في إسطنبول أمس (الجمعة)، الستار على قضية اغتيال الصحافي التركي من أصل أرميني هرانت دينك، بإصدار أحكام مشددة بحق قادة سابقين في الشرطة وقوات الدرك وغيرهم ممن قالت إن لهم ارتباطاً مع حركة «الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن التي تُحمّلها السلطات المسؤولية عن محاولة انقلاب فاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016 صنّفتها على أثرها منظمة إرهابية. وقُتل دينك، وهو صحافي تركي بارز من أصل أرميني أسس صحيفة «أجوس» الأرمينية وكان يرأس تحريرها، أمام مكتبه في حي شيشلي قرب ميدان «تقسيم» في إسطنبول في 10 يناير (كانون الثاني) عام 2007 على يد صبي يدعى أوجو ساماست كان يقيم في طرابزون بشمال شرقي تركيا وكان يبلغ من العمر 17 عاماً وقت إطلاقه الرصاص على دينك البالغ في ذلك الوقت 53 عاماً. وفي عام 2012 عاقبت المحكمة ساماست، المؤيد للنزعة القومية المتطرفة، بالسجن 23 عاماً، بعد أن ظل في دار لرعاية الأحداث لمدة عام قبل نقله إلى السجن، وتواصلت محاكمة 76 متهماً آخرين، 6 منهم فقط رهن الاعتقال بينما فر الباقون أو أُفرج عنهم مع استمرار محاكمتهم، بتُهم القتل العمد وانتهاك الدستور والانتماء إلى منظمة إرهابية. فيما طال أمد المحاكمة بسبب عدم الاستيفاء الكامل لحيثيات مقتل دينك. وفي مرحلة ما من القضية، تبين أن الأمن التركي كان على علم بالمؤامرة، لكنه لم يتخذ أي إجراء. وأصدرت المحكمة قراراتها أمس، وحكمت على رمضان أكيوريك، الرئيس السابق لاستخبارات الشرطة، بالسجن المؤبد المشدد بتهمة القتل العمد مع عقوبة إضافية لمدة 5 سنوات و7 أشهر بتهمة إتلاف وثائق رسمية تتعلق بالتستر على بلاغات استخباراتية بارتكاب جريمة قتل.
وحُكم على علي فؤاد يلماز، رئيس الشرطة السابق، بالسجن المؤبد المشدد بتهم القتل، وعقوبة إضافية لمدة 4 سنوات ونصف السنة، بتهمة إتلافه وثائق رسمية بتهمة تتعلق بالتستر على بلاغات استخباراتية بالقتل. وعاقبت المحكمة علي أوز، قائد قوات الدرك الأسبق في طرابزون، بالسجن 28 سنة. وبرّأت أحمد إلهان جولر، الرئيس الأسبق لاستخبارات الشرطة في إسطنبول، وإنجين دينك، الرئيس الأسبق لاستخبارات الشرطة في طرابزون، من تهمة «القتل بسبب الإهمال»، وأسقطت تهم «إهمال المنصب العام» الموجّهة إليهما بسبب قانون التقادم. كما حُكم على أركان غون بالسجن 10 سنوات لعضويته في «منظمة إرهابية مسلحة»، وتم إسقاط التهم عن جلال الدين جراح، قائد شرطة إسطنبول الأسبق، فيما يتعلق بإهمال وظائف المنصب العام، بسبب التقادم، وإسقاط تهم مماثلة موجهة إلى صبري أوزون، أحد كبار مسؤولي استخبارات الشرطة. وصدر حكم على ياووز كاراكايا، وهو ضابط صغير كان يخدم في استخبارات الدرك في إسطنبول في ذلك الوقت، بالسجن مدى الحياة بتهمة «انتهاك الدستور» وبالسجن لمدة 12 سنة ونصف السنة بتهمة «المساعدة في القتل عمداً»، كما حُكم على الجندي السابق محرم دمركالي بالسجن المؤبد المشدد مرتين. ومع الإدانة بارتكاب جريمة القتل بما يتماشى مع أغراض «منظمة غولن الإرهابية»، قررت المحكمة رفع شكوى جنائية ضد أوجون ساماست وأرهان تونجل وياسين خيال (الذي درّب ساماست وزوّده بمسدس نفّذ به الجريمة) وتونجاي أوزوندال بتهمة العضوية في «منظمة غولن الإرهابية»، كما صدرت مذكرة توقيف بحق 6 متهمين آخرين. وستُعقد محاكمة منفصلة للداعية فتح الله غولن، المقيم في منفى اختياري في بنسلفانيا الأميركية منذ عام 1999 بوصفه زعيم «منظمة فتح الله غولن الإرهابية» و12 متهماً آخر، هاربين، من بينهم المدعي العام السابق لمدينة إسطنبول زكريا أوز، ورئيس التحرير السابق لصحيفة «زمان» التابعة لحركة «الخدمة» أكرم دومانلي، وآدم ياووز أرسلان.
وكان قد ألقي القبض على قاتل دينك، الصبي أوجون ساماست في ولاية سامسون المجاورة لطرابزون، في اليوم التالي لارتكابه الجريمة من خلال تتبع الكاميرات التي قادت إلى هروبه عقب ارتكاب جريمته.
وقالت السلطات التركية إن التحقيقات العميقة قادت إلى أن حركة غولن تقف وراء جريمة اغتيال دينك، ولذلك بدأت تحقيقاً جديداً في دور شخصيات بارزة في حركة غولن في مؤامرة الاغتيال، بمن في ذلك زعيمها فتح الله غولن، والمدعي العام الأسبق لإسطنبول زكريا أوز، وضباط شرطة كبار سابقون. وحسب لائحة الاتهام الصادرة عن الادعاء العام في إسطنبول، شكّل اغتيال دينك حدثاً مهماً أدى إلى سلسلة من الأحداث التي قادت إلى محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016. وكان دينك صحافياً معارضاً بارزاً وأحد دعاة تحسين العلاقات مع أرمينيا، وتم استهدافه مراراً لمطالبته بالاعتراف بوقوع إبادة جماعية بحق الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، على يد الدولة العثمانية. وترفض أنقرة استخدام مصطلح «الإبادة الجماعية» لوصف عمليات التهجير الجماعي والقتل بحق 1.5 مليون مواطن أرميني في شرق الأناضول خلال الحرب العالمية الأولى، وتطالب بفتح الأرشيف في تركيا وأرمينيا وإجراء تحقيق محايد بواسطة خبراء ومؤرخين، وتقول إن الأحداث لم تطل الأرمن فقط وإنما الأتراك أيضاً.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.