المياه مصدر جديد للتوتر بين إسرائيل والأردن

TT

المياه مصدر جديد للتوتر بين إسرائيل والأردن

شهدت العلاقات الإسرائيلية - الأردنية المتأزمة، تصعيداً جديداً في التوتر، في أعقاب قرار رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، رفض طلب عمان تزويدها بكمية إضافية من المياه، بموجب اتفاقية السلام بين البلدين.
وقالت مصادر في تل أبيب إن نتنياهو رفض الطلب الأردني، رغم أن المسؤولين عن المورد المائي الإسرائيلي وقيادة الأجهزة الأمنية أوصوا بالاستجابة للطلب الأردني. وأشارت صحيفة «هآرتس»، التي كشفت هذه المعطيات أمس (الجمعة)، إلى أن موقف نتنياهو يعكس عُمق الأزمة بين الدولتين، «الذي يبدو كمواجهة شخصية بين رئيس الحكومة والملك عبد الله».
وقالت الصحيفة إن مسؤولين إسرائيليين على علاقة وثيقة مع الجانب الأردني عبروا عن قلقهم من موقف نتنياهو والتوتر المتصاعد بين الدولتين. واتهمت المصادر نفسها نتنياهو بأنه «يتعمد تشكيل خطر على اتفاقيات السلام على خلفية العداء الشخصي بينه وبين العائلة المالكة، ويتجاهل القيمة الاستراتيجية البالغة لإسرائيل من العلاقات مع عَمان. فالأردن يسيطر على الحدود المشتركة بشكل مثير للاحترام والتقدير ويعفي بذلك الجيش الإسرائيلي من نشر قوات كبيرة على طول الحدود من أجل منع عمليات تسلل مخربين ومهربي سلاح».
وأضافت الصحيفة أنه يوجد غضب في الأردن على إسرائيل على خلفية انتشار فيروس كورونا، وطلب الأردن من إسرائيل تزويده ببضع عشرات آلاف اللقاحات من أجل تطعيم الطواقم الطبية. إلا أن «نتنياهو يحاول ممارسة (دبلوماسية لقاحات) ومكافأة دول صديقة بشحنات من اللقاحات، من سان مارينو وحتى غواتيمالا، فيما يغيب الأردنيون عن هذه القائمة، بموجب قرار نتنياهو».
ولفتت الصحيفة إلى أن العلاقات بين نتنياهو والملك عبد الله تقوضت منذ سنوات، على الرغم من المحادثات الهاتفية التي تجري بينهما من آن لآخر. وسادت أزمة شديدة بين الجانبين، في عام 2017، في أعقاب نصب إسرائيل بوابات إلكترونية حول المسجد الأقصى، وفي موازاة ذلك، أقدم حارس في السفارة الإسرائيلية في عمان على قتل مواطنين أردنيين. ووافق الملك عبد الله حينها على الإفراج عن الحارس الإسرائيلي، لكنه غضب في أعقاب احتفال نتنياهو بهذا الإفراج. وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو قال مؤخراً إن «الأردنيين بحاجة إلينا أكثر مما نحتاج نحن إليهم». ونقلت عن صحافيين مقربين من نتنياهو وصفهم للملك عبد الله بأنه «ليس ذا صلة بالواقع، ويكتبون عن الأردن باستخفاف، ويصورونه كدولة ضعيفة، وأن أهميتها تراجعت على خلفية اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات. وفي جهاز الأمن الإسرائيلي يرفضون هذا الوصف جملة وتفصيلاً ويرون بالأردن حليفاً استراتيجياً بالغ الأهمية لإسرائيل».
وتصاعدت الأزمة بين الجانبين في أعقاب إلغاء نتنياهو سفره إلى الإمارات، الأسبوع الماضي. وكان نتنياهو يخطط لاستغلال الزيارة إلى أبوظبي في الأيام الأخيرة لحملته الانتخابية. ورغم تحفظ المسؤولين الإماراتيين من زيارة نتنياهو، كونها تأتي عشية انتخابات الكنيست، التي جرت يوم الثلاثاء الماضي، والتحسب من اعتبارها تدخلاً في الانتخابات الإسرائيلية، إلا أن الإمارات أرسلت طائرة خاصة لإحضاره إلى أبوظبي. ولكن الأردن لم يسمح لطائرة نتنياهو بالوصول إلى عمان إلا بعد ثماني ساعات من الطلب. فقرر إلغاء الزيارة.
ويفسر التصرف الأردني كرد على ما حصل في اليوم السابق، إذ ألغى ولي العهد الأردني، الحسين بن عبد الله الثاني، زيارته إلى المسجد الأقصى، بمناسبة الإسراء والمعراج، بعد أن حاولت إسرائيل إجراء تغييرات في الترتيبات الأمنية بالحرم القدسي. فقد طالب الجانب الأردني حينها بأن يحمل رجال الأمن المرافقون لولي العهد بنادق خلال زيارة الحرم القدسي، «وليس مسدسات». وبعد التوصل إلى اتفاق بين الجانب الأردني وجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، نشأ خلاف آخر على خلفية طلب ولي العهد بأن يزور كنيسة القيامة في القدس، ورفضت إسرائيل هذا الطلب.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية إسرائيلية وأردنية تلميحها إلى أن نتنياهو واصل خرق اتفاقية السلام بين الجانبين. فهذه الاتفاقية تنص على أن تزود إسرائيل الأردن بصورة دائمة بالمياه التي تضخ من نهر الأردن بكمية تصل إلى 50 مليون متر مكعب في السنة. ويطلب الأردن أحياناً زيادة كمية المياه بسبب شحتها في بعض المواسم، وذلك لأن أزمته في المياه نابعة بالأساس من قيام إسرائيل بحرف مجرى نهر اليرموك واستغلال مياه نهر الأردن قبل وبعد وصولها إلى طبريا. وغالباً كانت إسرائيل تستجيب لطلبات كهذه.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.