حملة فلسطينية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية ردا على قرار احتجاز أموال الضرائب

الشركات المستهدفة قللت من أهمية الحملة لأن منتوجاتها تباع بأسعار مخفضة

حملة فلسطينية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية ردا على قرار احتجاز أموال الضرائب
TT

حملة فلسطينية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية ردا على قرار احتجاز أموال الضرائب

حملة فلسطينية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية ردا على قرار احتجاز أموال الضرائب

جاب ناشطون فلسطينيون شوارع الضفة الغربية، أمس، للتأكد من سريان قرار مقاطعة المنتجات الإسرائيلية الذي أعلنته لجنة وطنية عليا هذا الأسبوع، ووزعوا ملصقات تدعو إلى التخلص من جميع بضائع إسرائيل، وذلك بعد يوم واحد من دخول قرار مقاطعة البضائع حيز التنفيذ.
وشوهد ناشطون في مختلف مدن الضفة الغربية وهم يخضعون سيارات البضائع للتفتيش، ويدمغون المنتجات الإسرائيلية داخل المحال الفلسطينية بملصقات تدعو للتوقف عن دعم الاحتلال.
وبهذا الخصوص قال الناشط الشبابي منذر عميرة، إنهم «طلبوا من التجار التوقف عن توزيع وبيع البضائع الإسرائيلية قبل انتهاء المهلة المحددة لهم بأسبوعين». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «سنراقب من الآن فصاعدا، ونمنع توزيع هذه البضائع، وإذا لزم الأمر فسنضرب بيد من حديد؛ لأننا نريد أن نعيش من دون احتلال».
وألصق عميرة ورفاقه في مدينة بيت لحم شعارا على المنتجات الإسرائيلية يقول: «نريد الاحتلال يخسر»، فيما نفذ آخرون في محافظات مختلفة حملات مماثلة ضد البضائع الإسرائيلية.
جاء ذلك بعد أيام قليلة من إعلان اللجنة الوطنية العليا لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية قرار منع دخول منتجات شركات «شتراوس» و«تنوفا» و«أوسم» و«عيليت» و«بريغات» و«يعفورا» الإسرائيلية إلى الأراضي الفلسطينية، ردا على قرار احتجاز إسرائيل أموال الفلسطينيين المستحقة لهم من الضرائب.
وتعد هذه الشركات من أضخم وأكبر الشركات الإسرائيلية التي تسوق منتجاتها في الأراضي الفلسطينية، كما أنها تتفوق على المنتجات المحلية الفلسطينية، لكن رغم الحملة التي وصفت بالضخمة، فقد استمر تسويق البضائع الإسرائيلية في السوق الفلسطينية؛ إذ أوضح متسوقون فلسطينيون أنهم يفضلون البضائع الإسرائيلية على المحلية بسبب جودتها، فيما رفض وكلاء شركات إسرائيلية مبدأ المقاطعة كليا.
وخلال 25 عاما من المحاولات المتكررة فشلت حملات المقاطعة بسبب أن عددا كبيرا من الفلسطينيين يثقون في البضائع الإسرائيلية أكثر من غيرها، لأنها متوفرة بكثرة، ولأن أسعارها منافسة، والأهم من ذلك كله أن السلطة الفلسطينية لم تتخذ أي إجراء قانوني ضد البضائع الإسرائيلية، على غرار ما فعلت مع بضائع المستوطنات.
وعمليا تدعم السلطة هذه الخطوة، لكنها لا تريد أن تكون في الواجهة الآن بسبب الاتفاقات الاقتصادية مع إسرائيل.
وفي هذا الصدد أبرز عميرة أن الفصائل الفلسطينية وعددا من الناشطين قرروا أخذ زمام المبادرة بأنفسهم، وأنهم لن ينتظروا كثيرا.
ويراهن مسؤولون فلسطينيون على وعي المستهلكين في تحقيق المقاطعة؛ إذ قال القيادي الفلسطيني واصل أبو يوسف، عضو اللجنة الوطنية العليا، إن منع دخول البضائع الإسرائيلية يمثل تكاملا بين الدورين الرسمي والشعبي، ودعا في الوقت نفسه إلى «حراك شعبي ووطني ضد المنتجات الإسرائيلية، فيما يتم تمكين المنتج الفلسطيني ليغطي احتياجات السوق الفلسطينية».
لكن الشركات الإسرائيلية المستهدفة قللت من أهمية الحملة الفلسطينية، وقالت إنه لا يمكن تغطية منتجاتها من طرف السوق المحلية، وعبرت بعض الشركات الإسرائيلية عن عدم مبالاتها تجاه إعلان المقاطعة، حيث قال مسؤول كبير في إحدى الشركات الإسرائيلية إن «تأثير المقاطعة على الشركات الإسرائيلية الكبيرة هامشي، ويكاد لا يذكر. والمنتجات التي نقوم ببيعها للمناطق الفلسطينية هي أساسية جدا، وتباع بأسعار مخفضة، لعلمنا أن المستهلك الفلسطيني لا يملك المال لشراء منتجات أغلى، وبالتالي فإن الأرباح هناك قليلة جدا، أكثر بكثير مما في إسرائيل». وأضاف مستدركا: «بالمجمل هم يعاقبون أنفسهم أكثر لأنهم يحتاجون للمنتوجات الغذائية الإسرائيلية أكثر مما تحتاج إليهم الشركات الإسرائيلية».
وقدر خبراء إسرائيليون أن الحملة لن تصمد طويلا، لأن الفلسطينيين سيواجهون إذا ما طبقوا الأمر بشكل جدي مشكلة كبيرة في مجال منتجات الحليب، وذلك بسبب عدم وجود قدرة إنتاج كافية لدى المحالب في السلطة الفلسطينية، لكن عميرة رد بالقول إن حربهم ضد المنتجات الإسرائيلية لا تنطلق من أسباب شخصية، ولا تتعلق بالجودة والسعر وخلافه. وقال موضحا: «مشكلتنا مع الاحتلال.. ونحن نستطيع العيش من دون منتجات الاحتلال من دون شك».
واعترف مسؤولون في الشركات الإسرائيلية بأن المقاطعة الفلسطينية جاءت متزامنة مع ظروف غير مريحة للشركات الإسرائيلية، حيث أقر مسؤول آخر في إحدى الشركات التي أعلنت السلطة الفلسطينية عن مقاطعتها، بأنه «إذا تمت فعلا مقاطعة الشركات الإسرائيلية لفترة طويلة فإن ذلك يعني خسارة مبلغ مالي لا يستهان به».
ويبلغ حجم التبادل التجاري السنوي بين الفلسطينيين والإسرائيليين أكثر من 3 مليارات دولار سنويا، معظمها تصدرها إسرائيل للمناطق الفلسطينية. وهذا بالضبط ما يسعى إليه الفلسطينيون، أي تكبيد إسرائيل خسائر مادية فادحة، باستخدام الطريقة نفسها التي تستخدمها إسرائيل ضدهم.
وكانت إسرائيل قد جمدت للشهر الثاني على التوالي أكثر من 100 مليون دولار، هي مستحقات السلطة الفلسطينية من جمع الضرائب، وهو ما أدخل الحكومة الفلسطينية في أزمة مالية لم تستطع معها دفع كامل رواتب الموظفين والتزامات أخرى.
وفي هذا الشأن أعلن مسؤول في صندوق النقد الدولي، أمس، عن توقعات متشائمة تجاه أداء الاقتصاد الفلسطيني خلال العام الجاري، بسبب حجز إسرائيل للمستحقات الفلسطينية، محذرا من قدرة السلطة على مواجهة تداعيات الخطوة الإسرائيلية لن تستمر طويلا.
ورجّح راغنار غودمنسون، الممثل المقيم لصندوق النقد الدولي في فلسطين، في محاضرة ألقاها في معهد أبحاث السياسات الاقتصادية (ماس) في رام الله، أمس، ألا يحقق الاقتصاد الفلسطيني تعافيا قويا في عام 2015؛ وذلك «بسبب ارتفاع مستوى عدم اليقين، ووجود الكثير من الظروف المعاكسة، ومن أبرزها عدم تحويل إسرائيل إيرادات المقاصة التي تحصلها عن السلع المستوردة إلى الضفة الغربية وغزة، التي تمثل نحو ثلثي الإيرادات الصافية للسلطة».
وقال غودمنسون: «من المرجح حدوث انخفاض حاد في الاستهلاك والاستثمار الخاص، نظرا لتخفيض مدفوعات الأجور، وغيرها من بنود الإنفاق العام على النحو الذي استلزمه توقّف إيرادات المقاصة ووجود قيود على التمويل».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».