«إبداعات نسائية» تعبر عن جماليات المرأة سيكولوجياً

55 لوحة تقدمها 30 فنانة مصرية

TT

«إبداعات نسائية» تعبر عن جماليات المرأة سيكولوجياً

«قُم حَي هَذي النَيِّراتِ... حَي الحِسانَ الخَيِّراتِ»؛ إذا كان أمير الشعراء أحمد شوقي قد كتب أبياته الشهيرة مقدماً التحية للسيدات المصريات، معتبراً أن «مصر تُجدد مَجدَها بنسائِها المتجددات»؛ فإن متحف أمير الشعراء بالعاصمة المصرية القاهرة (مركز كرمة بن هانئ الثقافي) يجدد التحية للنساء بمناسبة شهر المرأة هذا العام، لكن عبر الفنون التشكيلية؛ حيث تقيم وزارة الثقافة معرضاً جماعياً بعنوان «إبداعات نسائية»، للاحتفاء بالمرأة في عيدها.
المعرض، الذي يستمر حتى 27 مارس (آذار) الحالي، يضم مشاركات أبدعتها المرأة عن المرأة؛ حيث تشارك به 30 فنانة من مختلف الاتجاهات والأعمار والمدارس الفنية، قدمن نحو 55 عملاً، تدور في رؤى تشكيلية متعددة، وتحمل تعبيرات حول ملامح المرأة ودلالات عن شخصيتها الأنثوية وبما يحاكي ذاتها، فمع التجول في المعرض نجد المرأة تارة رمزاً للجمال الشكلي، وتارة أخرى تعبر عن معاني الجمال الداخلي حيث القيم الروحية والإنسانية عبر معاني الحب والعطاء والتضحية، كما تطل أيضاً عبر اللوحات في حالات اجتماعية وانفعالات سيكولوجية وأفكار فلسفية مختلفة.
الفنانة شيرين كمال تشارك في المعرض ببورتريه، يمثل «نصف وجه امرأة»، وليس وجهاً كاملاً؛ حيث تحاول من خلال فكرتها التأكيد على «أننا أصبحنا نعيش في الحياة بنصف الحقيقة، وأن الغموض أصبح هو السمة السائدة في العلاقات الإنسانية، بعد أن تلاشت الشفافية والوضوح، سواء على الصعيد الفردي أو الجمعي، فنحن لا نعلم في غالب الأمور غير نصف حقائق الأخبار أو القصص من حولنا، لأننا نحكم عليها من طرف واحد، كذلك مشاعرنا الداخلية لا نظهرها كاملة أو نعترف بها كاملة».
وبـ3 لوحات تنتمي لفن «البوب آرت» جاءت أعمال الفنانة الدكتورة أميرة فهمي، ذلك الفن الذي أبدعه الفنان الأميركي آندي وارهول، ثم سار على نهجه كثير من الفنانين في العالم، متناولين في أعمالهم شخصيات فنية وسياسية ورياضية شهيرة، وهو ما وظفته الفنانة أيضاً لأجل تحية المرأة المصرية في عيدها.
اختارت فهمي أن تكون «أم كلثوم» بطلة لوحتها الأولى كونها أيقونة فن الغناء العربي، ولأنها تمثل نموذج امرأة مصرية نالت شهرة ونجاحاً على مستوى العالم. أما لوحتاها الأخريان فاختارت لهما نموذجاً حديثاً هي «سيدة الكرم»، صاحبة إحدى القضايا التي شغلت الرأي العام بمصر قبل سنوات؛ حيث دمجت الفنانة بين الحالة النفسية ومسحة الحزن لهذه المُسنة وبين أيقونة الفن التشكيلي، لوحة الموناليزا.
أما الفنانة أميمة السيسي، فجاء اختيارها للمرأة السيناوية لتكون بطلة لوحتها بالمعرض، فهي دائماً ما تسلط الضوء على المرأة المصرية وروحها وإنجازاتها، والمرأة السيناوية - على وجه الخصوص - لها شخصيتها المميزة، كونها تعيش في ظروف ليست بالسهلة، ورغم ذلك لها بصمتها التي تنعكس على المشغولات والمنسوجات اليدوية التي تغزلها بأناملها وتستوحيها من بيئتها، كما أن الظروف المعيشية من حولها جعلت لها شخصية قوية، وهو ما حاولتْ إظهاره من خلال طريقة جلستها ونظرة عينيها.
وتشارك الفنانة منى زيدان بـ3 لوحات، تحاول التأكيد من خلالها على أن المرأة مصدر للجمال والرقي في مظهرها، وحاملة لمعاني الاحتواء والدفء في سلوكها الإنساني، وللتأكيد على أن تكامل هذه المعاني اختارت توحيد الخلفية في لوحتين، مع اللعب بالألوان لإبراز جمال المرأة، وسحر شخصيتها وقوة حضورها.
وتقول الفنانة شيماء حسن، مسؤولة النشاط الثقافي في مركز كرمة بن هانئ الثقافي، ومنظمة المعرض، لـ«الشرق الأوسط»: «اخترنا هذا العام أن تعبر المرأة عن المرأة، لذا لم تكن هناك مشاركات من الفنانين الرجال، وذلك جاء بهدف إضفاء مزيد من الخصوصية على أعمال المعرض، وخلق حالة متكاملة من التعبير عن المرأة، وكذلك إعطاء الفرصة الكبرى لإظهار ما تحمله الفنانات من رؤى وإبداعات، فإلى جانب تقديم أعمال الرسم والتصوير نجد تنوع الخامات مثل المعادن والحلي والطباعة وأعمال الزجاج».
وتلفت حسن إلى مشاركتها بعملين في المعرض، الأولى لوحة بطلتها المرأة الفرعونية، تعبر عن شموخها ودورها في مصر القديمة، والثانية تعتمد على الفن التجريدي المعاصر وتخاطب المتلقي بأسلوب الحداثة بالاعتماد على جماليات الألوان النارية المبهجة دون تعقيد؛ حيث لجأت إلى رسم بورتريه لسيدة تحررت فيه من التفاصيل الكثيرة حولها.



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض