تجاهل شعبي ورسمي لدعوات لـ«المصالحة مع الإخوان» في مصر

قيادات الخارج حركتها عقب إجراءات تركيا بشأن قنوات الجماعة

TT

تجاهل شعبي ورسمي لدعوات لـ«المصالحة مع الإخوان» في مصر

بين الحين والآخر، تتجدد دعوات «المصالحة مع الإخوان»، الجماعة التي تصنفها السلطات المصرية «إرهابية»، فتثير ضجيجاً على منصات التواصل الاجتماعي؛ لكن «دون أي أثر يُذكر على الأرض في مصر، حيث يقابلها تجاهل شعبي ورسمي في البلاد». ووفق خبراء مصريين فإن «إثارة فكرة (المصالحة) في هذا التوقيت تعكس محاولة فقط لـ(إثبات الوجود) من قبل الجماعة عقب المساعي التركية للتقارب مع القاهرة».
وعادت «المصالحة مع الإخوان» إلى المشهد من جديد عقب إجراءات تركيا تجاه قنوات الجماعة التي تصدر من أراضيها. وقال إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد جماعة «الإخوان» في تصريحات مع قناة «الجزيرة» الفضائية، إنه «إذا عُرض - على ما وصفهم بـ(المعارضة المصرية) - الحوار مع النظام المصري، بما يتضمن المعتقلين و(........) فلن نرفض».
لكن اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، عضو مجلس «الشيوخ» قال لـ«الشرق الأوسط» إن «(الإخوان) روجت لحديث (المصالحة) حينما بدأت لغة أخرى في تركيا لمحاولة التقارب مع مصر»، لافتاً إلى أن «دعوات (المصالحة) ليس لها أي وجود شعبي في مصر، لأن الشعب المصري يرى الجماعة (إرهابية)، وهي التي تورطت في أعمال عنف، على حد قوله». وقبل أيام «كشف عاملون في قنوات عاملة بأنقرة وتعنى بالشأن المصري عن طلبات مباشرة بـ(تغيير) السياسة التحريرية الموجهة ضد القاهرة»، وفق مراقبين.
وقال اللواء المقرحي إن «الدولة المصرية لا تلتفت لأي دعوات (مصالحة مع الإخوان) ولا ترد عليها، لأنها دولة، و(الإخوان تنظيم إرهابي)» على حد قوله. لافتاً إلى أن «ظهور مثل هذه الدعوات من وقت لآخر من قبل (الإخوان)، هي محاولة لطمأنه عناصر الجماعة حول العالم، ومحاولة لـ(إثبات وجود) في الفضاء الإلكتروني فقط، لتوصيل رسالة على (غير الحقيقة) أن (الجماعة موقفها سليم، والدولة المصرية تسعى إليها - على حد زعم قياداتها - لكن على الأرض لا أثر لهذه الدعوات».
وفي يناير (كانون الثاني) عام 2015 شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، على أن «(المصالحة) مع من مارسوا العنف (في إشارة ضمنية لجماعة الإخوان)، قرار الشعب المصري، وليس قراره شخصياً».
وبحسب عمرو عبد المنعم، الباحث في الشأن الأصولي بمصر، فإن «إجراءات (تقييد) قنوات (الإخوان) في تركيا، زادت من حالة الأزمة التي تعيشها الجماعة طوال السنوات الماضية»، لافتاً إلى أن «هناك ما يقرب من 7 محاولات سابقة منذ عزل (الإخوان) عن السلطة في يوليو (تموز) عام 2013 لطرح فكرة (المصالحة)؛ لكنها قوبلت حينها برفض من الدولة المصرية والمصريين، ومن بعض قيادات الجماعة في الخارج»، موضحاً أن «الشعب المصري لا يتعامل مع الكلمات التي تصدر عن (الإخوان) ويعتبرها (خداعاً للتضليل)». على حد قوله. مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «على المستوى الرسمي في مصر لا يوجد أي تعامل مع ما يصدر عن (الإخوان)، فالدولة المصرية تعاملها مع (الإخوان) في الإطار القانوني، فهناك عناصر في الخارج صدر بحقهم أحكام بالسجن (غيابياً) ويجب أن يعودوا لتوفيق أوضاعهم، وهناك عناصر وقيادات داخل السجون تتعامل معهم الدولة وفق القانون».
ويشار إلى أنه في ديسمبر (كانون الأول) عام 2019 أطلق شباب الجماعة رسائل كانت عبارة عن تسريبات من داخل أحد السجون المصرية لـ«المراجعة أو المصالحة»، وتنوعت حينها بين «مطالب الإفراج عنهم، ونقد تصرفات قيادات الخارج بسبب التعامل مع أسرهم - على حد قولهم -»، وقتها كان رد الجماعة قاسيا على لسان بعض قيادات الخارج، من بينهم إبراهيم منير، الذي قال إن «الجماعة لم تطلب من هؤلاء الشباب الانضمام لصفوفها، ولم تزج بهم في السجون، ومن أراد أن يتبرأ (أي عبر المراجعات) فليفعل». ولفت عمرو عبد المنعم أن «قيادات الجماعة في الخارج، لا تدرك الأوضاع في مصر لتتحدث عن (مصالحة)، فالجماعة ليس لها وجود في الشارع، فضلاً عن أن كثيرا من (أسر شباب الجماعة) لم يعد يثق في (الإخوان) بسبب الوعود الكثيرة التي لم تنفذ».


مقالات ذات صلة

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي في مطار أنقرة في إسطنبول (من البث المباشر لوصول الرئيس المصري) play-circle 00:39

السيسي وصل إلى أنقرة في أول زيارة لتركيا

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)

مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

أعلنت «الداخلية المصرية»، الثلاثاء، القبض على المتهم ببث «فيديو فيصل» الذي شغل الرأي العام، مؤكدة «اعترافه» بارتكاب الواقعة، بـ«تحريض» من عناصر «الإخوان».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الإعلامي بقناة «الشرق» الإخوانية عماد البحيري تم توقيفه بسبب التهرب الضريبي (من حسابه على  «فيسبوك»)

تركيا توقف إعلامياً في قناة إخوانية لتهربه من الضرائب

أحالت السلطات التركية، (الخميس)، المذيع بقناة «الشرق» المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، عماد البحيري، إلى أحد مراكز التوقيف بدائرة الهجرة في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

الجزائر: فصيل «الإخوان» يرشح الرئيس تبون لعهدة ثانية

أعلنت حركة البناء الوطني (فصيل الإخوان في الجزائر)، الجمعة، عن ترشيحها الرئيس عبد المجيد تبون للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 7 سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.