بات ملف تشكيل الحكومة اللبنانية يدور في حلقة مفرغة إثر الصدام غير المسبوق الذي وقع بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بحيث أصبح كل منهما يرمي المسؤولية على الطرف الآخر، وينتظر ما سيقدم عليه من خطوات مقبلة.
وتقول مصادر مقربة من الحريري لـ«الشرق الأوسط» أنه قام بكل ما هو مطلوب منه والكرة اليوم باتت في ملعب رئيس الجمهورية الذي تسلم من الحريري في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي التشكيلة الحكومية، وعليه إما الموافقة عليها وإما رفضها وتوضيح السبب، مع تأكيدها أن الحريري منفتح في أي وقت على البحث فيها، فيما خيار الاعتذار غير وارد حاليا.
أما مصادر «التيار الوطني الحر» فتؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس عون لن يقف مكتوف الأيدي، وهو بدأ خطواته عبر اللقاءات التي قام بها مع عدد من السفراء وسيستكملها أيضا مع دبلوماسيين وسياسيين محليين، فيما لا يزال التريث سيد الموقف حيال ما قيل عن تحضير القصر رسالة إلى البرلمان لمطالبته بأن يكون له الكلمة الفصل في ملف الحكومة المتأزم مع الإقرار بأن الخيارات ليست كثيرة، إنما التعويل يبقى على إمكانية فتح ثغرة ما بعد انسداد الأفق من كل الجهات.
وبين هذا وذاك، تبقى الأمور أيضا مقفلة من الناحية الدستورية وهو ما يشير إليه الخبير الدستوري سعيد مالك، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الثابت حسب أحكام الدستور أنه ليس هناك أي مخارج دستورية لمأزق تأليف الحكومة، حيث ليس هناك نص يحدد مهلة معينة للحريري لتقديم التشكيلة الحكومية، كما ليس هناك أي نص لسحب التكليف منه»، ويقول مالك: «أما ضمن إطار استنباط الحلول الممكنة فأرى إمكانية العودة إلى السلطة التي كلّفت الحريري أي البرلمان الذي يجب أن يلعب دورا في هذا الشأن، وذلك عبر تقديم عريضة من قبل الأكثرية البرلمانية لرفعها إلى عون والمطالبة بالدعوة إلى استشارات نيابية جديدة لتكليف رئيس للحكومة، لكن هذا الحلّ يبقى دون جدوى حيث الانقسام والواقع السياسي على حاله في مجلس النواب وبالتالي سنبقى مكاننا، بحسب مالك، معتبرا أن الحلّ الذي من شأنه أن يحدث التغيير هو إجراء انتخابات نيابية مبكرة لإعادة تكوين السلطة وليس هناك أي مانع لإجرائها».
في موازاة ذلك، يطغى الجمود على ملف تشكيل الحكومة، حيث لم تسجل أمس أي اتصالات أو لقاءات في هذا الإطار فيما استمرت الدعوات من قبل الأطراف للعمل على الإسراع بتأليفها. وفي هذا الإطار، قال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي «إن بعض الجهات لا تريد الحريري لترؤس الحكومة، مناشدا الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) الذي تقع عليه مسؤولية العمل بصورة جدية وحثيثة لدفع الأمور باتجاه التوافق وبأسرع وقت». واعتبر في حديث إذاعي أن «الواقع الحكومي مأزوم وكل الإشارات تدل إلى تأزم العلاقات، كما أن هناك نيات لا تحبذ تسهيل إرادة المجلس النيابي بتكليف الرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة». ورأى الفرزلي أن «الدور الفرنسي هو الوحيد الفاعل والعملي لمساعدة لبنان في هذه المرحلة»، مشددا على «ضرورة تنفيذ البرنامج الإصلاحي الذي تم التوافق عليه في ذلك الاجتماع».
في المقابل، شددت «كتلة الوفاء للمقاومة» (حزب الله) بعد اجتماعها الدوري على «أهمية تذليل العقبات أمام تشكيل الحكومة رغم النتيجة الصادمة التي نتجت عن اجتماع بعبدا»، ورأت أن «حكم البلاد يتطلب تعاوناً شفافاً بين الرؤساء ما من شأنه أن يُطيل عمر الحكومات، والاعتماد على الدعم الخارجي لا يكفي لإطالة عمر أي حكومة، وبناءً عليه نطلب من الجميع مراعاة أصول الحكم».
الجمود يسيطر على تشكيل الحكومة مع غياب المخارج الدستورية
خبير قانوني: لا حلّ إلا بانتخابات نيابية مبكرة
الجمود يسيطر على تشكيل الحكومة مع غياب المخارج الدستورية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة