احتجاج تركي لروسيا على تصعيد عسكري شمال غربي سوريا

إدانات أممية وغربية لقصف قوات النظام مستشفى في ريف حلب

TT

احتجاج تركي لروسيا على تصعيد عسكري شمال غربي سوريا

استدعت الخارجية التركية السفير الروسي في أنقرة أليكس يرهوف إلى مقرها أمس (الثلاثاء) لمناقشة الوضع في إدلب التي تشهد تصعيدا شديدا من جانب قوات النظام وروسيا على مدى الأيام الثلاثة الماضية.
وقالت الوزارة، في بيان، إنها استدعت السفير الروسي في أنقرة، على خلفية الوضع في إدلب وأبلغته قلق أنقرة من الهجمات على مدينة إدلب السورية. وأضافت مصادر بالوزارة أنه تمت مناقشة الأوضاع في إدلب مع يرهوف و«نقلنا مخاوفنا إلى الجانب الروسي، خاصة فيما يتعلق بقصف مستشفى الأتارب في إدلب»، مشيرة إلى أن الجيش التركي أعرب لنظيره الروسي عن قلقه من تفاقم الأوضاع في إدلب.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، الأحد، عن مقتل وإصابة نحو 15 شخصا بقصف قيل إنه لـ«قوات تساندها دمشق» استهدف مستشفى الأتارب. وطالبت روسيا بالتدخل لوقف هجمات جيش النظام السوري في إدلب. وقالت الوزارة، في بيان، إن القوات الحكومية السورية، التي استهدفت، الأحد، مستشفى في منطقة الأتارب، تضرب تجمعات سكنية في قرية قاح بمنطقة خفض التصعيد في إدلب، فضلاً عن استهداف بالصواريخ لموقف شاحنات ومقطورات بالقرب من سرمدا، وأصيب 7 مدنيين في الموقف. وأضافت «لقد أحيل بيان في هذا الشأن إلى الجانب الروسي من أجل الوقف الفوري للهجمات، كما تم تنبيه قواتنا، وتجري حالياً متابعة التطورات».
وأحصت مصادر مختلفة مقتل 7 أشخاص، بينهم طفل وامرأة، وإصابة أكثر من 20 آخرين، بينهم 9 من كوادر المستشفى، في حصيلة أولية، كما خرج المستشفى من الخدمة نتيجة الاستهداف المباشر بقذائف المدفعية. في الوقت ذاته، قتل مدني بقصف الطيران الحربي لقوات النظام وروسيا محيط معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، الذي يعد شريان دخول المساعدات الأممية الوحيد إلى مناطق سيطرة المعارضة شمال سوريا.
وأدانت وزارة الخارجية الأميركية، الاثنين، الغارات الجوية الروسية والهجمات المدفعية لنظام الأسد على إدلب وريف حلب، والتي أوقعت ضحايا مدنيين، يوم الأحد. وقالت، في بيان، إن التقارير تحدّثت عن قصف مدفعي على مستشفى الأتارب في ريف حلب الغربي، ما أدّى إلى مقتل العديد مِن المرضى بينهم طفل، وإصابة أكثر من 12 مِن الكوادر الطبية، مشيرة إلى أنه تمت مشاركة إحداثيات هذا المستشفى مع آلية تفادي الاشتباك التي تقودها الأمم المتحدة.
ولفت البيان إلى أن «الغارات الجوية الروسية ضربت إدلب قرب معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا ما أدّى إلى مقتل مدني وتعريض وصول المساعدات الإنسانية الملحة للخطر... لا يزال باب الهوى هو المعبر الحدودي الإنساني الوحيد المرخص مِن قبل الأمم المتحدة في سوريا، وهو الطريق الأكثر كفاءة وفاعلية لتقديم المساعدة الإنسانية المنقذة لحياة ما يقارب 2.4 مليون سوري كل شهر».
وشدد البيان على ضرورة أن لا يكون المدنيون، بمن فيهم أفراد الخدمات الطبية والمرافق الطبية، هدفاً لعمل عسكري على الإطلاق، ويجب أن يتوقف هذا العنف. وشهدت جبهات ريفي إدلب الجنوبي والشرقي قصفا متبادلا بين قوات النظام وفصائل المعارضة، أمس، وسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الروسية والتابعة لنظام الأسد. وقصفت قوات النظام السوري والميليشيات المساندة له، بقذائف المدفعية خطوط التماس مع فصائل المعارضة في منطقة جبل الزاوية جنوب إدلب، كما قصفت فصائل المعارضة معسكرات وأماكن تجمعات قوات النظام السوري بقذائف المدفعية وراجمات الصواريخ على محاور مدينة سراقب شرق إدلب، ردا على استهداف مواقعها واستهداف مناطق المدنيين بالقرب من بلدة سرمدا.
وصعّدت قوات النظام وروسيا خلال الأيام الثلاثة الماضية من عمليات القصف البرية والجوية لمناطق وتجمعات المدنيين في منطقتي سرمدا وباب الهوى قرب الشريط الحدودي مع تركيا شمال محافظة إدلب. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس، عن إدانته للهجمات الأخيرة التي شنها النظام السوري وحليفه الروسي على منطقة إدلب، شمال غربي سوريا.
في السياق، استهدف مجهولون بعبوة ناسفة، أمس، عربة مصفحة تابعة للقوات التركية قرب إحدى القواعد العسكرية التركية في معسكر المسطومة جنوب شرقي إدلب.
ووقع الاستهداف بعبوة ناسفة زرعت على حافة الطريق تسببت بوقوع أضرار مادية دون تسجيل إصابات في صفوف القوات التركية، التي أعلنت الاستنفار عقب سحب العربة المستهدفة إلى القاعدة العسكرية في المسطومة. وتعد النقطة العسكرية للقوات التركية في المسطومة من أكبر القواعد للجيش التركي في إدلب، تليها قاعدة «مطار تفتناز» شمال إدلب.
وتبنت جماعة مجهولة تطلق على نفسها «أنصار أبي بكر الصديق» في 15 مارس (آذار) الحالي، استهداف عربة للقوات التركية بعبوة ناسفة في منطقة الصناعة بمدينة إدلب، بعد أن سبق وتبنت في شهري أغسطس (آب)، وسبتمبر (أيلول) 2020 عمليات أخرى استهدفت بها القوات التركية في ريف إدلب، كما تبنت «كتائب خطاب الشيشاني» العديد من العمليات المماثلة في شهر يوليو (تموز).



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».