الليرة التركية تواصل الترنح بعد الإقالة «الغامضة» لرئيس {المركزي}

3 كوارث اقتصادية منتظرة... والمعارضة تطالب إردوغان بالتنحي

حذرت وكالة التصنيف الائتماني الدولية «موديز» من 3 كوارث سيتعرض لها الاقتصاد التركي بعد قرار إردوغان إقالة أغبال (رويترز)
حذرت وكالة التصنيف الائتماني الدولية «موديز» من 3 كوارث سيتعرض لها الاقتصاد التركي بعد قرار إردوغان إقالة أغبال (رويترز)
TT

الليرة التركية تواصل الترنح بعد الإقالة «الغامضة» لرئيس {المركزي}

حذرت وكالة التصنيف الائتماني الدولية «موديز» من 3 كوارث سيتعرض لها الاقتصاد التركي بعد قرار إردوغان إقالة أغبال (رويترز)
حذرت وكالة التصنيف الائتماني الدولية «موديز» من 3 كوارث سيتعرض لها الاقتصاد التركي بعد قرار إردوغان إقالة أغبال (رويترز)

واصلت الليرة التركية ترنحها في تعاملات أمس (الثلاثاء)، تحت ضغوط قرار الرئيس رجب طيب إردوغان، إقالة رئيس البنك المركزي ناجي أغبال، واستبداله بشهاب كاوجي أوغلو، فيما اضطرت بورصة إسطنبول لتعليق تعاملاتها لفترة وجيزة خلال الجلسة الصباحية للمرة الثانية على التوالي بعد أن هبط مؤشرها بشكل حاد... لتتوالى الانتقادات الحادة على إردوغان مع مطالبات من المعارضة بالاستقالة.
وسجلت الليرة التركية 7.85 ليرة مقابل الدولار، بحلول الساعة 05.00 بتوقيت غرينتش، لتهبط من إغلاق عند 7.80 ليرة للدولار، أول من أمس، حيث فقدت 15 في المائة من قيمتها، مقتربة من مستويات قياسية متدنية سجلتها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قبل تعيين أغبال في منصبه الذي عزل منه بعد أقل من 5 أشهر، لما قيل إنه بسبب رفع سعر الفائدة الرئيسي من 17 إلى 19 في المائة.
وساء أداء الليرة التركية أكثر في الجلسة المسائية، وانحدرت إلى مستوى 7.90 ليرة للدولار، حيث عمقت خسائرها التي بدأتها مع افتتاح تعاملات الأسبوع أول من أمس.
‏في الوقت ذاته، تراجع المؤشر الرئيسي للأسهم في بورصة إسطنبول للأوراق المالية التركية خلال التعاملات الصباحية بنسبة 5.4 في المائة، ليستمر أكبر تراجع للمؤشر منذ 8 سنوات، وهو ما دفع البورصة لوقف التعامل لمدة 30 دقيقة. وكانت البورصة اضطرت إلى وقف التداول لمدة 30 دقيقة أيضاً أول من أمس بعد تراجع المؤشر الرئيسي بنسبة 5 في المائة ثم 7 في المائة.
وأدت الإقالة الصادمة لرئيس البنك المركزي، وهي الثالثة من نوعها لرؤساء البنك منذ يونيو (حزيران) 2019، إلى تكهنات حول التراجع عن السياسات النقدية المتشددة التي تبناها البنك تحت قيادة أغبال. وأدت هذه التكهنات إلى تراجع الليرة التركية، وارتفاع العائد على سندات الخزانة العشرية التركية بأكثر من 4 نقاط مئوية.
ويشترك رئيس البنك الجديد شهاب كاوجي أوغلو، وهو نائب سابق لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان، وانتقد في مقالات لصحف موالية للحزب قرار رفع سعر الفائدة، مع إردوغان في الرؤية المخالفة للنظريات الاقتصادية الراسخة والمعمول بها في العالم، حيث يعتقد أن سعر الفائدة المرتفع هو سبب ارتفاع معدل التضخم.
وعززت إقالة أغبال، التي أرجعتها أوساط الحكومة إلى فشله في تنفيذ المهمة التي عين من أجلها، وهي تحقيق الاستقرار في أسعار الصرف، بينما كشف رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم»، نائب رئيس الوزراء الأسبق للشؤون الاقتصادية على باباجان، عن أنها جاءت بسبب طلبه تفسيراً لاختفاء 128 مليار دولار من احتياطي البنك قيل إنها أنفقت لدعم الليرة، وجهة نظر المستثمرين بشأن عدم استقلالية البنك المركزي التركي وخضوعه لضغوط الحكومة.
في السياق ذاته، حذرت وكالة التصنيف الائتماني الدولية «موديز» من 3 كوارث سيتعرض لها الاقتصاد التركي بعد قرار إردوغان إقالة أغبال، موضحة أن القرار سيؤثر سلباً على تدفقات رأس المال إلى تركيا، بالإضافة إلى تجديد الضغوط على سعر الصرف، ما سيؤدي بدوره إلى ارتفاع التضخم.
وتوقعت «موديز» أن يخفض البنك المركزي سعر الفائدة إلى ما دون مستوى التضخم، البالغ 15.61 في المائة، لدفع النمو في حقبة رئيسه الجديد كاوجي أوغلو، ورأت أن مثل هذه الخطوات قد تؤدي إلى زيادة الواردات وارتفاع العجز في المعاملات الجارية. وقال محللون إن تركيا تعطي انطباعاً بأنها بلد لا يتبع أي قواعد، ولم يعد هناك قانون ولا ديمقراطية، وكل ذلك يترك أثراً.
وأبدى إردوغان المؤيد لنمو قوي مدعوم بقروض متدنية الكلفة، باستمرار، معارضته للفوائد المرتفعة التي يصفها باستمرار بأنها «أصل كل الشرور»، معلناً نفسه «عدواً» لها، ومؤكداً خلافاً للنظريات الاقتصادية التقليدية أنها سبب ارتفاع التضخم.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» الأميركية عن المحلل لدى «أواندا»، جيفري هالي، أن الرئيس الجديد للبنك المركزي التركي في وضع صعب، فإما أن يخفض الفائدة ويجازف بهروب المستثمرين الأجانب وارتفاع التضخم وانهيار العملة، وإما أن يرفعها مجازفاً بطرده.
وتزايدت ضغوط المعارضة على إردوغان بسبب قراراته وتدخلاته المستمرة في شؤون البنك المركزي وطالبته بالاستقالة أو إجراء انتخابات مبكرة لتصحيح مسار البلاد. وأكد باباجان أن الحكومة باتت عاجزة تماماً عن إدارة شؤون البلاد، وأنها حولت الشعب التركي إلى شعب فقير رغم أنه يعيش في دولة غنية.
وطالب حزب «الجيد» المعارض، إردوغان، بالاستقالة وإجراء انتخابات مبكرة في تركيا. وقال رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، إسماعيل تاتلي أوغلو، مخاطباً إردوغان، «عليك أن تعلن للشعب كافة المعلومات المتعلقة بتلاشي 128 مليار دولار من خزينة البنك المركزي، على أن تبدأ بعد ذلك عملية استقالة النظام، والانخراط في انتخابات مبكرة».
وتتهم المعارضة التركية، إردوغان، وصهره رئيس الخزانة والمالية السابق بيرات البيرق، الذي استقال من منصبه في نوفمبر الماضي بعد تدهور مؤشرات الاقتصاد وعجزه عن كبح انهيار الليرة، بإهدار 128 مليار دولار من احتياطيات البلاد خلال 8 أشهر فقط لدعم العملة. بينما يقول إردوغان إن المبلغ أنفق لمواجهة أعباء تفشي وباء «كورونا».
واعتبر تاتلي أوغلو أن إقالة رئيس البنك المركزي تسببت في زيادة المخاطر على الاقتصاد بنسبة 50 في المائة، وأن القرار الذي اتخذه إردوغان في منتصف ليل الجمعة، مهد الطريق أمام حالة من عدم التوازن أدت إلى «اغتيال الاقتصاد التركي»، مطالباً إردوغان بتوضيح أسباب قراره. وأشار إلى أن المعلومات لديهم تؤكد أن القرار اتخذ بسبب سؤال أغبال عن مصير المليارات المهدرة حتى يتمكن من ضبط الأمور.
بدوره، حمّل حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، إردوغان، المسؤولية عن انهيار الليرة الذي جاء نتيجة إقالة أغبال بشكل مفاجئ، وطالب على لسان المتحدث باسمه، فايز أزتراك، بإجراء انتخابات مبكرة، قائلاً: «على إردوغان أن يسلم الأمانة لأهلها، وأن يتجه المواطنون إلى صناديق الاقتراع لإعادة البلاد إلى مسارها الصحيح».



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.