السيسي يطمئن وفدًا برلمانيًا بريطانيًا على المسار الديمقراطي بمصر واحترام حقوق الإنسان

دعاهم لإقناع المسؤولين والرأي العام في إسرائيل بضرورة تحقيق السلام بالمنطقة

السيسي يطمئن وفدًا برلمانيًا بريطانيًا على المسار الديمقراطي بمصر واحترام حقوق الإنسان
TT

السيسي يطمئن وفدًا برلمانيًا بريطانيًا على المسار الديمقراطي بمصر واحترام حقوق الإنسان

السيسي يطمئن وفدًا برلمانيًا بريطانيًا على المسار الديمقراطي بمصر واحترام حقوق الإنسان

طمأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عددا من أعضاء مجلس العموم البريطاني، التقاهم في القاهرة أمس، على المسار الديمقراطي في مصر واستكمال خطوات «خارطة المستقبل» بإجراء الانتخابات البرلمانية خلال الشهرين المقبلين، مؤكدا التزام سلطات الدولة باحترام حقوق الإنسان وفقا لما ينص عليه الدستور، كما دعاهم لإقناع المسؤولين والرأي العام في إسرائيل بضرورة تحقيق السلام في المنطقة عبر إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولتين.
واستقبل السيسي بمقر رئاسة الجمهورية أمس وفد المجلس البريطاني برئاسة السير ريتشارد أوتاواي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس، وحضور عدد من أعضاء المجلس من حزبي المحافظين والعمال، إضافة إلى سفير المملكة المتحدة في القاهرة.
وقال علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، إن السيسي استعرض خلال اللقاء التطورات التي شهدتها مصر خلال العامين الماضيين، والتحديات الكبيرة التي تواجهها في المرحلة الراهنة. كما تناول مسار التطور السياسي في مصر، مؤكدا أن ما حدث في «30 يونيو (حزيران)» إنما كان تجسيدا لإرادة الشعب المصري، الذي ثار على محاولات تغيير هويته واستخدام الديمقراطية في تحقيق أهداف جماعة بعينها على حساب مصلحة الوطن، و«أشار الرئيس إلى وحدة المرجعية الفكرية التي تجمع التنظيمات التي تمارس العنف والقتل باسم الدين في الوقت الحالي».
وأضاف المتحدث الرسمي أن الوفد أبدى اهتمامه بالتعرف على حقيقة الأوضاع في مصر، نظرا لأهميتها ودورها المحوري في منطقة الشرق الأوسط، «حيث أوضح الرئيس السيسي أن مصر تسعى لإرساء دولة القانون واحترام الفصل بين السلطات، فضلا عن استكمال خطوات خارطة الطريق، لا سيما مع اقتراب الاستحقاق الثالث لها، والمتمثل في إجراء الانتخابات البرلمانية»، معربا عن ثقته في قدرة مجلس النواب المقبل على الاضطلاع بدوره الرقابي والتشريعي وفقا للدستور الجديد الذي أعطاه صلاحيات واسعة، وبما يخدم مصالح الشعب المصري.
وأكد السيسي على أن «الدستور المصري الجديد ينص على احترام حقوق الإنسان، الأمر الذي تسعى كل مؤسسات الدولة للالتزام به»، مبرزا في الوقت ذاته أهمية عدم الاقتصار على الحقوق السياسية فحسب، «حيث ينبغي الاهتمام كذلك بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين»، وشدد الرئيس على سعى الدولة في الوقت الراهن لتكريس ثقافة احترام حقوق المرأة والطفل. وأشار الرئيس إلى اهتمام مصر بقيام البرلمان البريطاني بدور نشط في تنمية العلاقات المصرية - البريطانية، خاصة على المستوى البرلماني، بما يصب في صالح تدعيم أواصر الصداقة المصرية - البريطانية، «كما أعرب الرئيس عن تطلع مصر لتعزيز العلاقات الثنائية مع الجانب البريطاني في مختلف المجالات، ومن بينها إمكانية التعاون في قطاعات التعليم والنقل والإسكان وتدريب الشباب، باعتباره يمثل مستقبل مصر، وكذلك زيادة الاستثمارات البريطانية في المشروعات التنموية بمصر»، مبرزا جهود الحكومة المصرية في مجال الإصلاح الاقتصادي ومكافحة الفساد والحد من البيروقراطية.
وردا على استفسار الوفد عن رؤية الرئيس إزاء التطورات التي تمر بها المنطقة، لا سيما على صعيد عملية السلام في الشرق الأوسط، استعرض الرئيس الاتصالات التي تقوم بها مصر من أجل احتواء التوتر بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مؤكدا على أهمية إقناع المسؤولين والرأي العام في إسرائيل بضرورة تحقيق السلام في المنطقة، وإبراز التأثير الإيجابي لمناخ السلام على مختلف الأطراف، فضلا عن التأكيد لهم بأن التحديات الراهنة في المنطقة لا يمكن مواجهتها بالقوة المسلحة وحدها، بل لا بد من التوصل لتسوية سلمية مع الفلسطينيين تقوم على حل الدولتين، الأمر الذي سيمنع العناصر المتطرفة من استغلال استمرار هذا الصراع في استقطاب مزيد من العناصر لصفوفها وزعزعة الاستقرار في المنطقة.
وأكد السيسي أهمية اتخاذ إجراءات من شأنها بث الأمل في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني، مع توفير الضمانات الدولية لتشجيع الجانب الإسرائيلي على المضي قدما في طريق السلام.
من جانبهم، أعرب أعضاء الوفد البريطاني في نهاية اللقاء عن تقديرهم لمواقف ورؤى الرئيس السيسي، موضحين أنها تعكس صدقا ورغبة حقيقية في التعامل مع كل التحديات وتحقيق مستقبل أفضل لمصر، وأكدوا مساندتهم لكل الجهود الرامية لتنفيذ هذه الأهداف.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.