دراسة: الخلايا الدهنية ترتبط بمخاطر الإصابة بسرطان الثدي

الدراسة وجدت أن النساء اللواتي لديهن خلايا دهنية أكبر تحيط بالثدي أكثر عُرضة للإصابة بسرطان الثدي المنتشر (أ.ب)
الدراسة وجدت أن النساء اللواتي لديهن خلايا دهنية أكبر تحيط بالثدي أكثر عُرضة للإصابة بسرطان الثدي المنتشر (أ.ب)
TT

دراسة: الخلايا الدهنية ترتبط بمخاطر الإصابة بسرطان الثدي

الدراسة وجدت أن النساء اللواتي لديهن خلايا دهنية أكبر تحيط بالثدي أكثر عُرضة للإصابة بسرطان الثدي المنتشر (أ.ب)
الدراسة وجدت أن النساء اللواتي لديهن خلايا دهنية أكبر تحيط بالثدي أكثر عُرضة للإصابة بسرطان الثدي المنتشر (أ.ب)

يمكن تجنيب آلاف النساء الإصابة بمرض سرطان الثدي والعلاج القاسي الناجم عنه، بعد أن وجد الباحثون أن الدهون الموجودة حول خلايا الثدي غير الطبيعية يمكن استخدامها للتنبؤ بالمخاطر المستقبلية، وفقاً لصحيفة «التايمز».
ويتم تشخيص نحو 7 آلاف امرأة في المملكة المتحدة كل عام بحالة تسمى «سرطان القنوات الموضعي»، وهذا يعني أن الخلايا الموجودة في الثدي لا تبدو طبيعية ولكنها ليست منتشرة.
ومع ذلك، نظراً لصعوبة التكهن بأيٍّ من هؤلاء النساء ستصاب بسرطان الثدي الغازيّ، فإن معظمهن يخضعن لعلاج السرطان بشكل استباقي. ويشتمل هذا عادةً على جراحة لإزالة الثدي بالكامل أو جزء منه، يليها علاج إشعاعي وآخر بالهرمونات.
وجد البحث الجديد أن النساء اللواتي لديهن خلايا دهنية أكبر تحيط بالثدي أكثر عُرضة للإصابة بسرطان الثدي الغازيّ والمنتشر. وتعد هذه العلاقة صحيحة بشكل خاص إذا كان سرطان القنوات الموضعي الخاص بهن يحتوي على مستويات عالية من بروتين يسمى «سي أو إكس - 2».
ويثير ذلك احتمالية استفادة النساء ذوات الخلايا الدهنية الصغيرة من نهج «المراقبة والانتظار»، مع تجنيبهن العلاج حتى يكون ذلك ضرورياً.
وقالت ميشيل ميتشل، الرئيسة التنفيذية لأبحاث السرطان في المملكة المتحدة: «نحن نعلم أن تشخيص السرطان وعلاجه يتأثران بالمرضى، وفرصة تجنب العلاج تماماً يمكن أن تُحدث فرقاً كبيراً بالنسبة للنساء المعرّضات لخطر الإصابة بسرطان الثدي الغازيّ».
يتم تشخيص سرطان القنوات الموضعي بوتيرة أعلى مما كانت عليه في الماضي، وغالباً ما يُعثر عليه عند النساء اللواتي يخضعن لتصوير الثدي بالأشعة كجزء من البرنامج الوطني لفحص الثدي. ويمثل هذا النوع نحو 20% من جميع حالات سرطان الثدي التي تم اكتشافها عن طريق الفحص في المملكة المتحدة.
وتعد ماتيلد ألمكيندرس، من المعهد الهولندي للسرطان والمؤلفة الأولى للبحث، صاحبة فكرة النظر إلى الخلايا الدهنية المحيطة بقنوات الثدي. يمكن لهذه الخلايا إرسال إشارات كيميائية تؤثر على سلوك الخلايا المحيطة. وقارن فريقها 108 نساء تم تشخيصهن بمرض سرطان القنوات الموضعي اللائي أصبن بسرطان الثدي الغازيّ مع 168 امرأة لم تتطور حالتها.
ووجد البحث أن النساء اللواتي لديهن خلايا دهنية كبيرة ومستويات عالية من «سي أو إكس - 2» لديهن فرصة بنسبة 28% للإصابة بسرطان الثدي الغازيّ في غضون 15 عاماً. أما السيدات اللواتي يتمتعن بخلايا دهنية صغيرة ومستويات منخفضة من «سي أو إكس - 2» تتراجع هذه النسبة لديهن إلى 2.6%، على غرار مستوى الخطر لدى عامة السكان.
وقالت البروفسور جيلي ويسلينغ، رئيسة فريق تحديات السرطان الكبرى في المعهد الهولندي للسرطان: «يجب أن تكون هناك طريقة لتجنب مثل هذه التدخلات الطبية الثقيلة دون المساومة على النتائج الصحية الممتازة. آمل أن نكون قد وجدناها».
ويعمل الباحثون الآن مع تجربة إكلينيكية يتم فيها إعطاء النساء المصابات بسرطان القنوات الموضعي اللواتي لا تبدو خلاياهن الخبيثة عالية الخطورة خيار الخضوع للمراقبة المنتظمة بدلاً من العلاج.


مقالات ذات صلة

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)

«أسماك مزروعة بخلايا سرطانية»... جديد الأطباء لعلاج الأورام «بسرعة»

هل يستطيع أطباء الأورام اتخاذ قرارات أفضل لعلاج السرطان باستخدام الأسماك؟ تهدف تجربة سريرية من المقرر أن تبدأ هذا الشهر في البرتغال إلى معرفة ذلك.

«الشرق الأوسط» (لشبونة)
صحتك أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين يتناولون أربعة فناجين من القهوة يومياً تتراجع احتمالات إصابتهم بسرطان الرأس والعنق بشكل عام (رويترز)

دراسة: تناول الشاي والقهوة يقلل مخاطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق

كشفت دراسة علمية أن تناول بعض المشروبات الساخنة في الصباح مثل الشاي والقهوة ربما يقلل الإصابة ببعض أنواع السرطان التي تصيب منطقة الرأس والعنق.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
صحتك فنجان قهوة (أ.ب)

شرب الشاي أو القهوة يومياً قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الرأس والرقبة

كشفت دراسة جديدة عن أن تناول الشاي أو القهوة يومياً قد يوفر بعض الحماية من سرطان الرأس والرقبة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

أكدت نتائج أولية لدراسة طبية أن التدخل الجراحي ربما لا يفيد معظم النساء المصابات بسرطان القنوات الموضعي، وهو نوع منخفض الخطورة من سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (تكساس)

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك
TT

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

قليلاً ما يتحول حفل تكريم مبدع كبير إلى احتفاءٍ بكل الحلقة الخلاّقة التي تحيط به. هذا يتطلب رقياً من المكرّم والمنظمين، يعكس حالةً من التسامي باتت نادرة، إن لم تكن مفقودة.

فمن جماليات حفل تكريم الشاعر الفذّ طلال حيدر على «مسرح كركلا»، برعاية وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري وحضوره، الأحد الماضي، هذا التحلق اللافت لجمع من الشعراء وأهل الفكر والثقافة والفنانين والإعلاميين، حول شاعرهم الذي رفد الأغنية اللبنانية بأجمل القصائد، وأغنى الشعر بصوره المدهشة وتعابيره المتفجرة.

طلال حيدر قبل التكريم مع الفنان عبد الحليم كركلا ووزير الإعلام زياد المكاري

طربيه ودور البطل

قدم الحفل الممثل القدير رفعت طربيه الذي هو نفسه قيمة فنية، معتبراً أن حيدر «كان دائماً البطل الأول على (مسرح كركلا). فهو ابن الأرض، وابن بعلبك، لكنه في الوقت عينه واكب الشعر العالمي ودخل الحداثة فكراً وصورةً وإيقاعاً، راكباً صهيل الخيل». فليس شائعاً أن يترجم شاعر بالعامية إلى لغات أجنبية كما هي دواوين المكرّم وقصائده.

عبد الحليم كركلا مع الشاعر نزار فرنسيس (خاص - الشرق الأوسط)

ومن أرشيف المايسترو عبد الحليم كركلا، شاهد الحضور فيلماً قصيراً بديعاً، عن طلال حيدر، رفيق طفولته ودربه طوال 75 عاماً. قال كركلا: «لقاؤنا في طفولتنا كان خُرافياً كَأَسَاطِيرِ الزَمَان، غامضاً ساحراً خارجاً عن المألوف، حَصَدنَا مَواسم التراث معاً، لنَتَكَامل مع بعضنا البعض في كل عمل نبدعه».

فيلم للتاريخ

«طلال حيدر عطية من عطايا الله» عنوان موفق لشريط، يظهر كم أن جيل الستينات الذي صنع زهو لبنان ومجده، كان متآلفاً متعاوناً.

نرى طلال حيدر إلى جانبه كركلا، يقرآن قصيدة للأول، ويرسمان ترجمتها حركةً على المسرح. مارسيل خليفة يدندن نغمة لقصيدة كتبها طلال وهو إلى جانبه، وهما يحضّران لإحدى المسرحيات.

لقطات أثيرة لهذه الورشات الإبداعية، التي تسبق مسرحيات كركلا. نمرّ على مجموعة العمل وقد انضم إليها سعيد عقل، ينشد إحدى قصائده التي ستتحول إلى أغنية، والعبقري زكي ناصيف يجلس معه أيضاً.

عن سعيد عقل يقول حيدر: «كنا في أول الطريق، إن كان كركلا أو أنا، وكان سعيد عقل يرينا القوى الكامنة فينا... كان يحلم ويوسّع حلمه، وهو علّمنا كيف نوسّع الحلم».

في أحد المشاهد طلال حيدر وصباح في قلعة بعلبك، يخبرها بظروف كتابته لأغنيتها الشهيرة «روحي يا صيفية»، بعد أن دندن فيلمون وهبي لحناً أمامه، ودعاه لأن يضع له كلمات، فكانت «روحي يا صيفية، وتعي يا صيفية، يا حبيبي خدني مشوار بشي سفرة بحرية. أنا بعرف مش رح بتروح بس ضحاك عليي».

في نهاية الحوار تقول له صباح: «الله ما هذه الكلمات العظيمة!»، فيجيبها بكل حب: «الله، ما هذا الصوت!» حقاً ما هذا اللطف والتشجيع المتبادل، بين المبدعين!

كبار يساندون بعضهم

في لقطة أخرى، وديع الصافي يغني قصيدة حيدر التي سمعناها من مارسيل خليفة: «لبسوا الكفافي ومشوا ما عرفت مينن هن»، ويصرخ طرباً: «آه يا طلال!» وجوه صنعت واجهة الثقافة اللبنانية في النصف الثاني من القرن العشرين، تتآلف وتتعاضد، تشتغل وتنحت، الكلمة بالموسيقى مع الرقصة والصورة. شريط للتاريخ، صيغ من كنوز أرشيف عبد الحليم كركلا.

المقطع الأخير جوهرة الفيلم، طلال حيدر يرتجل رقصة، ويترجم بجسده، ما كتبه في قصيدته ومعه راقصو فرقة كركلا، ونرى عبد الحليم كركلا، أشهر مصمم رقص عربي، يرقص أمامنا، هذه المرة، وهو ما لم نره من قبل.

عبد الحليم كركلا يلقي كلمته (خاص - الشرق الأوسط)

روح الألفة الفنية هي التي تصنع الإبداع. يقول حيدر عن تعاونه مع كركلا: «أقرأه جيداً، قرأنا معاً أول ضوء نحن وصغار. قبل أن أصل إلى الهدف، يعرف إلى أين سأصل، فيسبقني. هو يرسم الحركة التصويرية للغة الأجساد وأكون أنا أنسج اللغة التي ترسم طريق هذه الأجساد وما ستذهب إليه. كأن واحدنا يشتغل مع حاله».

طلال حيدر نجم التكريم، هو بالفعل بطل على مسرح كركلا، سواء في صوغ الأغنيات أو بعض الحوارات، تنشد قصائده هدى حداد، وجوزف عازار، وليس أشهر من قصيدته «وحدن بيبقوا مثل زهر البيلسان» التي غنتها فيروز بصوتها الملائكي.

أعلن رئيساً لجمهورية الخيال

طالب الشاعر شوقي بزيع، في كلمته، بأن ينصّب حيدر «رئيساً لجمهورية الخيال الشعري في دولة لبنان الكبير» بصرف النظر عمن سيتربع على عرش السياسة. ورغم أن لبنان كبير في «الإبداعوغرافيا»، كما قال الشاعر هنري زغيب، فإن طلال حيدر «يبقى الكلام عنه ضئيلاً أمام شعره. فهو لم يكن يقول الشعر لأنه هو الشعر».

وقال عنه كركلا: «إنه عمر الخيام في زمانه»، و«أسطورة بعلبك التي سكبت في عينيه نوراً منها، وجعلت من هيبة معابدها حصناً دفيناً لشعره». وعدَّه بطلاً من أبطال الحضارة الناطقين بالجمال والإبداع. سيعيش دوماً في ذاكرة الأجيال، شعلةً مُضيئةً في تاريخ لبنان.

الفنان مارسيل خليفة الذي تلا كلمته رفعت طربيه لتعذّر حضوره بداعي السفر، قال إن «شعره مأخوذ من المتسكعين والباعة المتجولين والعاملين في الحقول الغامرة بالخير والبركة». ووصفه بأنه «بطل وصعلوك في آن، حرّ حتى الانتحار والجنون، جاهليّ بدويّ فولكلوريّ خرافيّ، هجّاء، مدّاح، جاء إلى الحياة فتدبّر أمره».

وزير الإعلام المكاري في كلمته توجه إلى الشاعر: «أقول: طلال حيدر (بيكفّي). اسمُك أهمّ من كلّ لقب وتسمية ونعت. اسمُك هو اللقب والتسمية والنعت. تقول: كبروا اللي بدهن يكبروا، ما عندي وقت إكبر. وأنا أقول أنتَ وُلِدْتَ كبيراً»، وقال عنه إنه أحد أعمدة قلعة بعلبك.

أما المحامي محمد مطر، فركزّ على أن «طلال حيدر اختار الحرية دوماً، وحقق في حياته وشعره هذه الحرية حتى ضاقت به، لذا أراه كشاعر فيلسوف ناشداً للحرية وللتحرر في اشتباكه الدائم مع تجليات الزمان والمكان».

الحضور في أثناء التكريم (خاص - الشرق الأوسط)

وفي الختام كانت كلمة للمحتفى به ألقاها نجله علي حيدر، جاءت تكريماً لمكرميه واحداً واحداً، ثم خاطب الحضور: «من يظن أن الشعر ترف فكري أو مساحة جمالية عابرة، إنما لا يدرك إلا القشور... الشعر شريك في تغيير العالم وإعادة تكوين المستقبل».