الإمارات تستهدف رفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي لـ82 مليار دولار

إطلاق استراتيجية وطنية تدعم تأسيس 13.5 ألف شركة ومؤسسة صغيرة ومتوسطة

الشيخ محمد بن راشد خلال تدشين الاستراتيجية الصناعية لدولة الإمارات (الشرق الأوسط)
الشيخ محمد بن راشد خلال تدشين الاستراتيجية الصناعية لدولة الإمارات (الشرق الأوسط)
TT

الإمارات تستهدف رفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي لـ82 مليار دولار

الشيخ محمد بن راشد خلال تدشين الاستراتيجية الصناعية لدولة الإمارات (الشرق الأوسط)
الشيخ محمد بن راشد خلال تدشين الاستراتيجية الصناعية لدولة الإمارات (الشرق الأوسط)

أطلقت الإمارات، أمس، الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، تحت اسم «مشروع 300 مليار»، بصفتها استراتيجية حكومية عشرية للنهوض بالقطاع الصناعي في البلاد، وتوسيع حجمه ونطاقه، ليكون رافعة أساسية للاقتصاد الوطني، ضمن أهداف ومستهدفات تسعى إلى تعزيز مساهمة القطاع الصناعي في الدولة في الناتج المحلي الإجمالي من 133 مليار درهم (36.2 مليار دولار) إلى 300 مليار درهم (81.6 مليار دولار) بحلول عام 2031. وقالت الدولة الخليجية إنه سيتم مع التركيز على الصناعات المستقبلية التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة وحلول الثورة الصناعية الرابعة، حيث تسعى الاستراتيجية إلى تحقيق اكتفاء ذاتي في كثير من الصناعات الحيوية، وتعزيز القيمة الصناعية الوطنية المضافة، من خلال الارتقاء بجودة المنتج الصناعي المحلي، ودعمه والترويج له محلياً وعالمياً.
إضافة إلى ذلك، ستعمل على تهيئة بيئة الأعمال الجاذبة المحفزة للاستثمار المحلي والأجنبي، فيما ستسهم الاستراتيجية التي تنفذها وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة من خلال كثير من البرامج والمبادرات التحفيزية في تطوير المنظومة الصناعية، عبر دعم تأسيس 13.5 ألف شركة ومؤسسة صغيرة ومتوسطة.
وأطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الاستراتيجية الصناعية أمس، إضافة إلى إطلاق الهوية الصناعية الموحدة التي تشكل امتداداً للهوية المرئية للإمارات، بعنوان «اصْنَع في الإمارات».

نقلة نوعية
وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «استراتيجية الصناعة ستحقق نقلة نوعية في القطاع الصناعي في الإمارات، ليكون المحرك الرئيسي للاقتصاد الوطني، وأساس انطلاقتنا التنموية للخمسين سنة المقبلة بثقة أعظم وسرعة أكبر»، لافتاً إلى أن «الصناعة هي عصب الاقتصادات الضخمة في العالم، والإمارات بما لديها من موارد وإمكانات وسياسات فاعلة وإرادة قيادية قادرة على بناء قاعدة اقتصادية عالمية». وأضاف: «تطوير القطاع الصناعي وتحقيق اكتفاء ذاتي في عدد من الصناعات الحيوية يشكل حصانة لاقتصادنا في مواجهة الأزمات العالمية»، لافتاً إلى أن: «القطاع الصناعي في الإمارات حقق إنجازات كثيرة، ولدينا منتجات وطنية نفخر بها، وهي قادرة على أن تنافس عالمياً، ومهمتنا مضاعفة هذه الإنجازات، وتعزيز القيمة الصناعية المحلية، وبناء منظومة صادرات تعزز تنافسية المنتج الوطني عالمياً».
وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «نسعى إلى إطلاق مشاريع وصناعات جديدة في إطار منظومة صناعية استشرافية تتصدى للتحديات والمعوقات أولاً بأول، وتبتكر الحلول، وتفكر خارج الصندوق، وتتجاوز سقف التوقعات»، مضيفاً: «تطوير القطاع الصناعي هو تطوير لاستقرارنا الاقتصادي، ومكانتنا العالمية، ومستقبل أجيالنا القادمة».

محركات الاقتصاد الوطني
من جانبه، قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إن «استراتيجية الصناعة تمثل نقلة تنموية نوعية في تمكين المنظومة الصناعية الوطنية، لتكون دعامة رئيسية في دعامات اقتصادنا الوطني»، مشيراً إلى أنها تجسد اهتمام الدولة بقطاع الصناعة، كونه أحد أهم محركات الاقتصاد الوطني خلال الخمسين سنة المقبلة، ومصدراً أساسياً لتنويع الدخل وخلق وظائف وتحقيق استدامة التنمية. وأضاف: «إن الإمارات نجحت في ترسيخ مكانتها عاصمة اقتصادية في المنطقة وبيئة مثالية للأعمال، لما تمتلكه من مقومات البنية التحتية المتطورة والبنية الرقمية والخدمات والأمن، وكثير من الممكنات والمزايا التنافسية»، متابعاً: «تأتي هذه الاستراتيجية لتضع هدفاً طموحاً لمضاعفة مساهمة قطاع الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة القيمة الوطنية المضافة، من خلال برنامج وطني شاملٍ للنمو الاقتصادي المستدام، يستفيد من هذه المزايا ويبني عليها للوصول إلى هدفٍ طموح يواكب أولوياتنا الوطنية، ويأخذ في الاعتبار المعطيات الجديدة خلال مرحلة ما بعد (كوفيد-19)». وأوضح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن «استراتيجية الصناعة تعد جزءاً من الحراك الذي تقوده جميع القطاعات التنموية في البلاد لتطوير المنظومة الاقتصادية، من خلال جهد مشترك بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، للانطلاق بقوة وتسارع في مسيرة الخمسين عاماً المقبلة لبناء دولة المستقبل على دعائم راسخة».

التحدي الأبرز
من جانبه، أوضح الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، أن استراتيجية وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة تمثل برنامجاً شاملاً للمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. وتابع: «يشكل (مشروع 300 مليار) نقلة نوعية في القطاع الصناعي في الإمارات، حيث يستهدف هذا البرنامج الوطني رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي إلى 300 مليار درهم (81.6 مليار دولار)، ورفع الإنتاجية، وخلق مزيد من فرص العمل للمواطنين، بما يعزز القدرات والمزايا التنافسية للصناعات الوطنية الحالية والمستقبلية على المستويين المحلي والعالمي».
ولفت إلى أن «التحدي الأبرز الذي واجهته البشرية في عام 2020، خلال تفشي جائحة (كوفيد-19)، قد دفع الدول حول العالم إلى إعادة تحديد أولوياتها، وأن توجيهات القيادة في الإمارات كانت باستمرار التركيز على ضمان تنافسيتنا وتميزنا، وبقاء الإمارات في المراكز الأولى عالمياً، فيما تستعد للمستقبل وللخمسين سنة المقبلة».



الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
TT

الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

بعد النمو الاقتصادي العالمي في العام الماضي، يبذل صناع السياسات في الهند جهوداً حثيثة لتجنّب تباطؤ حاد مع تفاقم الظروف العالمية وتراجع الثقة المحلية؛ مما أدى إلى محو ارتفاع سوق الأسهم مؤخراً.

ويوم الثلاثاء، توقّع ثالث أكبر اقتصاد في آسيا نمواً سنوياً بنسبة 6.4 في المائة في السنة المالية المنتهية في مارس (آذار)، وهو الأبطأ في أربع سنوات وأقل من التوقعات الأولية للحكومة، مثقلاً بضعف الاستثمار والتصنيع، وفق «رويترز».

ويأتي خفض التصنيف بعد مؤشرات اقتصادية مخيّبة للآمال وتباطؤ في أرباح الشركات في النصف الثاني من عام 2024؛ مما أجبر المستثمرين على إعادة التفكير في الأداء المتفوّق للبلاد في وقت سابق، وألقى الشكوك حول الأهداف الاقتصادية الطموحة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتعمل المخاوف الجديدة على تكثيف الدعوات للسلطات إلى رفع المعنويات من خلال تخفيف الإعدادات النقدية وإبطاء وتيرة التشديد المالي، خصوصاً أن رئاسة دونالد ترمب الثانية الوشيكة تلقي مزيداً من عدم اليقين بشأن آفاق التجارة العالمية.

وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة «إمكاي غلوبال فاينانشيال سيرفيسز»، مادهافي أرورا: «عليك إحياء روح الثقة والتفاؤل، وعليك أيضاً التأكد من انتعاش الاستهلاك. الأمر ليس بهذه السهولة»، مضيفة أن الهند يمكنها توسيع موازنتها المالية أو خفض أسعار الفائدة.

وتأتي مثل هذه الدعوات وسط سلسلة من الاجتماعات التي عقدها صنّاع السياسات الهنود مع الشركات التي تشعر بقلق متزايد بشأن تعثر الطلب. وعقدت وزيرة المالية، نيرمالا سيتارامان، سلسلة من الاجتماعات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع الصناعة والاقتصاديين، وهو أمر معتاد قبل الموازنة السنوية للهند التي من المقرر أن تصدر في الأول من فبراير (شباط) المقبل.

وتشمل بعض التدابير المقترحة في تلك المحادثات لتعزيز النمو وضع مزيد من الأموال في أيدي المستهلكين وخفض الضرائب والتعريفات الجمركية، وفقاً لمطالب الجمعيات التجارية والصناعية.

مخاوف متزايدة

تسبّبت المخاوف بشأن اقتصاد الهند في انخفاض مؤشر «نيفتي 50» القياسي بنسبة 12 في المائة من أواخر سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني). وقد استعاد السهم تلك الخسائر لينهي عام 2024 مرتفعاً بنسبة 8.7 في المائة، وهي مكاسب جيدة؛ لكنها بعيدة عن مكاسب العام السابق البالغة 20 في المائة.

ومع تراجع الثقة، يبدو أن الجهود السياسية الرامية إلى تحفيز النمو تتسع. وذكر التقرير الاقتصادي الشهري للهند الذي نُشر الشهر الماضي، أن السياسة النقدية المتشددة للبنك المركزي كانت مسؤولة جزئياً عن الضربة التي تلقاها الطلب.

وأجرى مودي بعض التغييرات البارزة مؤخراً التي من المتوقع أن ترفع النمو الاقتصادي بصفته أولوية على استقرار الأسعار.

في خطوة مفاجئة في ديسمبر، عيّن مودي سانغاي مالهوترا محافظاً جديداً للبنك المركزي، ليحل محل شاكتيكانتا داس، البيروقراطي الموثوق به الذي كان من المتوقع على نطاق واسع أن يحصل على فترة ولاية أخرى لمدة عام إلى عامين رئيساً، بعد أن أكمل ست سنوات على رأس البنك.

وجاء تعيين مالهوترا الذي قال مؤخراً إن البنك المركزي سيسعى جاهداً لدعم مسار نمو أعلى، فوراً بعد أن أظهرت البيانات تباطؤ نمو الربع الثالث من سبتمبر أكثر بكثير من المتوقع إلى 5.4 في المائة.

مواجهة الأزمات

خلال الوباء، سعى مودي إلى الحفاظ على نمو الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق على البنية التحتية والحد من الإنفاق الباهظ للحفاظ على المالية العامة للحكومة في حالة جيدة. وقد أدى ذلك إلى رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي، لكنه لم يدعم الأجور أو يساعد الاستهلاك في الحفاظ على التوسع السنوي بأكثر من 7 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وقال الزميل الزائر في مركز التقدم الاجتماعي والاقتصادي، سانجاي كاثوريا، إنه في حين أن اقتصاد الهند قد لا يزال يتفوّق على الاقتصاد العالمي، فإن السؤال هو ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على نمو يتراوح بين 6.5 في المائة و7.5 في المائة، أو التباطؤ إلى 5 في المائة و6 في المائة.

وقالت أرورا إن البلاد تعيش حالياً «حالة من الغموض»؛ حيث لا ينفق الأفراد. وتتوقع أن يستمر هذا إذا لم يتحسّن التوظيف، وظل نمو الأجور ضعيفاً.

التخفيضات الجمركية وخطة لمواجهة حروب ترمب

أفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن الحكومة تخطّط لخفض الضرائب على بعض الأفراد، وتستعد لتقديم تخفيضات جمركية على بعض السلع الزراعية وغيرها من السلع المستوردة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة، لإبرام صفقة مع ترمب.

ويقول خبراء الاقتصاد إن الحكومة ستضطر إلى إبطاء بعض تشديدها المالي لدعم النمو مع نجاح مثل هذه التدابير التي تعتمد على مدى التخفيضات.

وحول التجارة، يقول المحللون إن الهند بحاجة إلى خطة موثوقة لمحاربة حروب ترمب الجمركية. وقال خبراء اقتصاديون إنه إذا ظلّت الصين الهدف الرئيسي لرسوم ترمب الجمركية، فقد يمثّل ذلك فرصة للهند لتعزيز مكانتها التجارية، رغم أنها ستحتاج أيضاً إلى السماح للروبية بالهبوط أكثر لجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة.

ووصلت الروبية إلى مستويات منخفضة متعددة في الأسابيع القليلة الماضية، وكان 2024 هو عامها السابع على التوالي من الانخفاض، ويرجع ذلك في الغالب إلى ارتفاع قيمة الدولار. ويوم الأربعاء، وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

وقال كاثوريا، وهو أيضاً أستاذ مساعد في جامعة «جورج تاون»، إن الهند بحاجة إلى «تنفيذ ترشيد التعريفات الجمركية بجدية، للمساعدة في دمج نفسها بشكل أعمق في سلاسل القيمة العالمية».

وقد يشمل هذا تخفيضات التعريفات الجمركية، بهدف تجنّب الرسوم العقابية من البيت الأبيض في عهد ترمب بشكل استباقي.

وقال رئيس نظام الأبحاث والمعلومات للدول النامية ومقره نيودلهي، ساشين تشاتورفيدي: «يجب على الهند أن تعلن بعض التدابير الاستباقية للولايات المتحدة، لتقديم تنازلات لها، بدلاً من انتظار الإدارة الجديدة لإعلان خطواتها».