زيارة البابا فرنسيس تفتح نوافذ أمل لمسيحيي البصرة

البابا فرنسيس خلال تأديته الصلاة في كنيسة بمدينة الموصل القديمة (رويترز)
البابا فرنسيس خلال تأديته الصلاة في كنيسة بمدينة الموصل القديمة (رويترز)
TT

زيارة البابا فرنسيس تفتح نوافذ أمل لمسيحيي البصرة

البابا فرنسيس خلال تأديته الصلاة في كنيسة بمدينة الموصل القديمة (رويترز)
البابا فرنسيس خلال تأديته الصلاة في كنيسة بمدينة الموصل القديمة (رويترز)

يقول المسيحيون العراقيون في البصرة، إن نافذة الأمل في مستقبل أفضل اتسعت بعد زيارة تاريخية قام بها البابا فرنسيس للبلاد. ففي وقت سابق من مارس (آذار) الحالي، زار فرنسيس مدناً مزقتها الصراعات، والتقى زعماء مسلمين ومسيحيين، ووجّه دعوة للسلام والتعايش.
كان المسيحيون في البصرة يترددون على ما يقرب من 13 كنيسة في المدينة، لكن بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وسيطرة «داعش» على مساحات شاسعة في العراق في أعقاب الغزو، لم يبق سوى ست كنائس مفتوحة للصلاة، بحسب ما نقلته وكالة 174رويترز».
في كنيسة مار توما، مقر الأبرشية الكلدانية في البصرة والجنوب، يحاول المتحدث باسمها حسام يعقوب إعادة البناء على بقايا المجتمع المسيحي.
يقول يعقوب، إن مسؤولي الكنيسة جمعوا القطع الأثرية القديمة من الكنائس المغلقة في أنحاء المدينة وعرضوها في معرض صغير بين جدران كنيسته.
يضيف «سابقاً، بالذات في ليلة عيد الميلاد كانت هذه المنطقة تمتلئ بالمسيحيين... والمعايدات تصير بين أبناء الديانتين الإسلامية والمسيحية. كانت هناك مشاركة ، خصوصاً في هذه المنطقة بسبب وجود كنيسة... المشاركة موجودة إلى اليوم في هذه المنطقة الشعبية حيث هناك تاريخ بين الناس».
في 2004، في السنة التالية للغزو الذي قادته الولايات المتحدة، أُغلقت الكنيسة التي يعود تأسيسها إلى سنة 1885. قال يعقوب، إن المنطقة المحيطة بالكنيسة كان يعيش فيها ما يقرب من 90 عائلة مسيحية. لكن لم يعد يعيش فيها الآن سوى 13 عائلة فقط.
خلال رحلة فرنسيس، وهي أول زيارة بابوية على الإطلاق للعراق، قام بجولة في أربع مدن، بينها الموصل، المعقل السابق لتنظيم «داعش» والتي لا يزال الدمار يغطي مناطق شاسعة فيها. وقالت ريتا آري، وهي ممن شاركوا في استقبال بابا الفاتيكان «زيارة البابا كانت جداً جميلة ورفعت معنويات الشعب المسيحي. كانت الزيارة جداً مُفرحة».
وقال فرنسيس للعراقيين، إن قوة السلام تتفوق على قوة الحرب. ورحب العراقيون بالبابا وقالوا إن زيارته فرصة لتحويل اهتمام العالم لينظر إلى دولتهم المنكوبة منذ وقت طويل من منظور جديد. وقال يعقوب «الله دائماً يداوي جراح الشعوب المتألمة، والشعب العراقي واحد من الشعوب التي تألمت، وبالذات الشعب المسيحي. لذلك نرى هذه الزيارة مهمة كمسيحيين كونها أتت من رئيس أعلى سلطة روحية. وإن شاء الله يكون هناك تغير في المستقبل القريب، ليس لوضع المسيحيين فحسب، وإنما لكل الشعب العراقي».
وأضاف «قداسة البابا طلب من المسيحيين أن يعودوا إلى العراق، لكن مسألة العودة لا تتم بكلمة واحدة؛ بل قد تحتاج إلى سُبُل عدة».
يذكر أن المجتمع المسيحي في العراق هو من الأقدم في العالم، لكن أعداد المسيحيين تراجعت إلى نحو 300 ألف فقط نزولاً من 1.5 مليون قبل الغزو الأميركي وما تبعه من عنف المتشددين.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.