يمنيات يتجرعن مرارة الانتهاكات بمناطق الميليشيات

TT

يمنيات يتجرعن مرارة الانتهاكات بمناطق الميليشيات

تحولت حياة آلاف اليمنيات إلى جحيم، من خلال إخضاعهن لدورات، بغية الزج بأبنائهن وقوداً للجبهات، فضلاً عن تعرضهن للقتل والاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب، وحرمانهن من معرفة مصير أبنائهن القابعين منذ سنوات في سجون الميليشيات.
وفي هذا السياق، أشارت تقارير محلية إلى سلسلة طويلة من الجرائم الحوثية المرتكبة بحق النساء اليمنيات، وفي مقدمتهن شريحة الأمهات، حيث أكدت أن آلاف اليمنيات أصبحن يتصدرن قوائم ضحايا جرائم وانتهاكات الجماعة.
وبالتزامن مع عيد الأم، تحدثت بعض التقارير عن استمرار الجماعة في انتهاك كرامة المرأة والأم اليمنية بشكل عنيف. وكشفت عن رصدها خلال فترات قليلة ماضية آلاف الانتهاكات التي تعرضت لها النساء اليمنيات.
وكشف أحدث تقرير حقوقي يمني عن سقوط أكثر من ألفي امرأة وطفلة ضحايا بنيران ميليشيات الحوثي في مناطق يمنية متعددة.
ووثّق التقرير الصادر عن اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان ضد اليمنيات أثناء الحرب المدعومة أممياً، مقتل وإصابة 2617 امرأة وطفلة خلال الفترة من 2015 وحتى نهاية 2020، إثر القصف العشوائي الذي استهدف الأحياء السكنية في عدد من المحافظات اليمنية.
وطبقاً للتقرير، تصدرت محافظة تعز القائمة بعدد 678 امرأة ضحية، تلتها محافظات الحديدة والجوف والضالع.
وتحدثت اللجنة عن انتهائها من التحقيق بعدد 726 امرأة تعرضن للتهجير القسري من مناطقهن تحت السلاح والإكراه، وهو الأمر الذي أدى لتعرضهن مع أطفالهن أثناء الخروج لأشكال مختلفة من المخاطر المرتبطة بانعدام الأمن.
وذكرت أنه تم التحقيق في سقوط 109 نساء نتيجة انفجار الألغام التي زرعتها الميليشيات الحوثية بينها 40 قتيلة و69 إصاباتهن خطيرة سببت لأغلبهن إعاقات دائمة وتشوهات مختلفة، وذلك في محافظات تعز والجوف والحديدة والبيضاء والضالع وعدن ولحج ومأرب وصعدة.
وقالت إنها تحقق في وقائع عن 72 امرأة يمنية تعرضن للاعتقال التعسفي والإخفاء القسري بسبب نشاطهن الإنساني والسياسي أو في ابتزاز أسرهن، كجزء من سياسة استخدام النساء في الحرب. وأوضحت أن العاصمة صنعاء جاءت في المرتبة الأولى بعدد 31 حالة.
ولفتت اللجنة إلى أن الميليشيات تمارس الاعتقال والإخفاء والتعذيب، وتحتجز أغلب النساء في فروع الأمن وأماكن احتجاز سرية أخرى، بينما نسبة ضئيلة في السجون المركزية.
وكشف التقرير عن أن الجماعة أنشأت ملحقاً سرياً جوار السجن المركزي بصنعاء لإخفاء النساء، وتوجَد فيه حالياً 50 امرأة مخفية، بحسب إفادات 4 من الضحايا الناجيات.
ورصد التقرير أيضاً وفاة 15 من النساء بسبب الحصار الذي يفرضه الحوثيون منذ سنوات على مديريات محافظة تعز وفترات طويلة على مديريات مختلفة في محافظتي الحديدة والضالع.
وأشار اللجنة في تقريرها إلى أن عمليات تفجير المنازل تأتي ضمن الانتهاكات الجسيمة التي ظهرت خلال الفترة من مارس (آذار) 2015 وحتى اليوم، لافتةً إلى أن الميليشيات تسببت في تضرر منازل 515 من النساء في محافظات حجة وتعز والبيضاء والجوف وإب وصنعاء والضالع، كما تسببت في تشرُّد كثير من النساء المدنيات وتحولهن إلى العراء وفقدانهن للحق في السكن والمأوى.
وعلى صعيد استمرار معاناة المئات من أمهات المختطفين والمخفيين قسراً، وحرمانهن من أبنائهن القابعين بسجون الانقلابيين. تحدثت أم مختطف في صنعاء، اكتفت بالترميز لاسمها بـ«أم علاء»، لـ«الشرق الأوسط»، بحرقة ومعاناة كبيرة عن أن دموعها لا تكاد تفارق وجنتيها منذ ثمانية أشهر لحظة اختطاف الميليشيات ابنها (29 عاماً) وإيداعه معتقلات الجماعة بتهمة نُصحِه لقرنائه في الحي الذي تقطنه الأسرة وسط صنعاء برفض مطالب وإغراءات مشرفين حوثيين لهم للالتحاق بدورات طائفية، بهدف الزج بهم فيما بعد بجبهات القتال.
وقالت أم علاء: «نتيجة استمرار حرمان الجماعة لها من حتى الزيارة واللقاء بفلذة كبدها، لم تعد تقوى على الوقوف أو الحركة من شدة الحزن والبكاء، كما لم تعد قادرة على سماع مزيد من التطمينات البائسة ممن هم حولها». وأضافت: «إنها تريد اليوم فقط أن ترى ابنها أمامها على قيد الحياة».
وتابعت بالقول: «الجماعة تكتفي في كل مرة أحاول فيها البحث من جديد عن مصير ابني المعتقل في سجونها بطمأنتي؛ إذ يقول عناصرها: (إطمئني... ولا تشغلي بالك... ابنك في مكان آمن وسيتم الإفراج عنه عما قريب)، لكن دون جدوى».
وحال أم علاء لا يختلف كثيراً عن مئات الأمهات الثكالى اللواتي فُجعن بفقدان أبنائهن، عقب اختطافهم على يد مسلحي الجماعة، حيث كشفت تقارير محلية سابقة عن تحويل الميليشيات لأجزاء واسعة من المناطق والمدن التي تسيطر عليها إلى أماكن للمعتقلات والسجون العامة والسرية.
وبحسب تقارير حقوقية سابقة، تدير الجماعة حالياً أزيد من 203 سجون، بينها 78 ذات طابع رسمي، و125 معتقلاً سرياً، إضافة إلى استحداث سجون سرية خاصة في أقبية المؤسسات والمنشآت الحكومية، كما لا تزال تحتجز مئات المعتقلين المدنيين في 4 مواقع عسكرية، وتواصل ممارسة أبشع الجرائم بحقهم ومنع أسرهم من زيارتهم.
وفي سياق ذي صلة بالموضوع، كشفت رابطة حقوقية يمنية قبل يومين من تعرض الصحافيين المختطفين بسجون الجماعة للتهديد بتنفيذ حكم الإعدام عليهم.
وأكدت رابطة أمهات المختطفين اليمنيين في بلاغ لها، تعرض صحافيين مختطفين، وهم عبد الخالق عمران، وتوفيق المنصوري، وأكرم الوليدي، والحارث حُميد، للتهديد من قبل الجماعة بتنفيذ حكم الإعدام عليهم في حال لم يتم التبادل بهم من قبل الحكومة الشرعية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.