انصهار الثنائيات بريشة جريئة في معرض السورية ريما سلمون

TT

انصهار الثنائيات بريشة جريئة في معرض السورية ريما سلمون

تضاعفت جهود الفنانين التشكيليين في زمن الوباء، بعد أن وجدوا وقتاً إضافياً لترجمة مشاعرهم والتفرغ لرسمها. الحال نفسها لامست الرسامة السورية المقيمة في لبنان ريما سلمون، فقررت إطلاق معرضها للرسم في غاليري «ميسيون آرت» بمنطقة مار مخايل. وضمن 15 لوحة تعبيرية رسمتها بالرصاص وتقنية الأكليريك، تتناول سلمون موضوع الثنائية بآفاقها الواسعة. فهي من خلال لوحاتها التي تحكي عن الغضب والرومانسية والحب والحنان، وغيرها من الموضوعات الإنسانية، تعبر عما يختلجها من مشاعر. وتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «بواسطة الريشة أستطيع أن أعبر عن أفكاري أكثر من استخدامي للكلمة. وأحب أن يتفاعل معي الناس ويشاركونني الحوارات بعين قارئة لموضوعاتي».
فكرة إقامتها هذا المعرض في زمن «كورونا» جاءت على خلفية دعمها للفن ولشبابه وهواته. أما موضوع المعرض، فهو نتاج حالة مخاض عاشتها، واكتشفت فيها الأنثى والذكر اللذين يسكناها. فرحيل والدها عنها ولد لديها فلسفة مغايرة حول فقدان شخص عزيز. كما أن تأثير حرب سوريا عليها، والمعاناة التي عاشتها، وانتقالها إلى لبنان، أنتجت عندها فراغاً. وفي أسلوب يجمع بين الموت والفراغ، والحب والحياة، ترسم سلمون مشاعرها التي تغوص فيها إلى الماورائيات.
وفي لوحاتها التي تطبع وجوه أشخاصها مشاعر مختلفة، فيها من الغموض والألم والسلام ما يؤلف مجموعة تناقضات. وتروي سلمون مشواراً إنسانياً على طريقتها، يتمحور حول ثنائية المرأة والرجل، وتقول: «كل منا يبحث عن التوازن بين الذكر والأنثى في أعماقه. وفي لحظة معينة، يستيقظ هذا الشعور في داخلنا لأنه موجود في الأصل. فأنا أعمل على هذه الثنائية منذ زمن، ولكن ضمن أسلوب آخر، إذ كانا متباعدين غير ملتصقين، كما أتصورهما اليوم. وكل فنان يملك معرفة بحد ذاتها تتطور في مراحل مختلفة، ويتعرف عليها، كما المجتمع والذاكرة والموت ورحيل أعزاء، هي حالات تتراكم عند الشخص، وفي ظروف معينة تتبلور».
لم تطلق سلمون الأسماء على لوحاتها، حتى أنها لم تحمل معرضها عنواناً. تقول: «لم أشأ تقييد اللوحة بموضوع أفرضه على مشاهدها، بل أترك له حرية التسمية والتفاعل معها. كما أني لم أجد اسماً يمكنه أن يعبر عن موضوعات لوحاتي مجتمعة، فارتأيت أن يدور في فضائية واسعة لا حدود لها».
تأخذك لوحات سلمون في رحلة مع الذات. تعكس ملامح شخصياتها وتعابير وجوهها حيناً، وبخربشات سوريالية تغطي معظمها حيناً آخر، يندفع مشاهدها إلى تفكيك ألغازها، تماماً كما ترغب صاحبة اللوحات. قد تلحظ تفسيرات المتفرج الأمان والعاطفة والتضحية والعبثية، وكل ما هنالك من أفكار قد تدغدغ خياله، فهي تفتح له أبواباً واسعة ليطلع من خلالها إلى مساحات من الثنائيات المنصهرة حيناً، والمجتمعة حيناً آخر في أكثر من شخصيتين.
تقول سلمون، في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «في رأيي، لدى كل منا مساحة تتسع للأنثى والذكر معاً. ويمكننا اكتشافها مع الوقت، عندما تتراكم المحطات والتجارب. قد تكون انبثقت من ظروف خاصة، كالتي عشتها شخصياً، ولكني أتحت الفرصة لناظرها أن يلتقط فيها ما يحاكيه ويعبر عنه».
وعن الألوان المستخدمة في اللوحات التي تتراوح بين الأبيض والأسود والترابي، تقول سلمون إن «الألوان لها علاقة مباشرة بالجسد والبشرة التي تغلفه، وهي بارزة في خلفية اللوحات. ويمكن لهذه الألوان مجتمعة أن تشير إلى بيئة نعيش فيها أو محيط يحتضننا. فاستخدامي لقلم الرصاص هو بمثابة قرار اتخذته للتعبير عما يخالجني، تماماً كالشاعر الذي يعبر عن أحاسيسه بكلمات قصيدته».
وعما إذا استوحت الرمادية الطاغية على معظم لوحاتها من الزمن الذي نعيشه حالياً، ترد: «إننا بالتأكيد نعيش في زمن رمادي، ولكني منذ بداياتي لم أركن إلى الألوان للتعبير عن أفكاري. وهذا المعرض هو تكملة لما بدأته. وإني على قناعة بأننا جميعاً مرتبطون بعضنا ببعض ضمن أجواء واحدة، وكأننا أبناء رحم واحد. ولعل التباعد الاجتماعي الذي نعيش في ظله اليوم، وضعني في صورة سوريالية، كأننا نتحرك ضمن بوتقة واحدة. وهذا التلاقي الذي أبرزه في لوحاتي يعزز شوقنا لحياة اجتماعية طبيعية».
وتختم سلمون حديثها لـ«الشرق الأوسط»، قائلة: «هذا المعرض هو بمثابة ولادة جديدة لعملية تلاحم إنسان بآخر، وثقتها بريشة جريئة تتنقل بين الذكر والأنثى، تتفجر مع مجموعة خطوط تركز على البشرة والغلاف والمحيط ومتعة الالتقاء».



معرض «الذهب والمجوهرات» المصري يستلهم الفنون الفرعونية

خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)
خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)
TT

معرض «الذهب والمجوهرات» المصري يستلهم الفنون الفرعونية

خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)
خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)

افتتح وزير التموين والتجارة الداخلية المصري الدكتور شريف فاروق، الأحد، فعاليات معرض «نبيو» للذهب والمجوهرات 2024، بالعاصمة المصرية القاهرة، الذي «يعد أكبر حدث سنوي في صناعة الذهب والمجوهرات بمصر، ويعكس تميز القاهرة في هذا المجال على المستويين الإقليمي والدولي»، بحسب بيان صحافي للوزارة.

ويستمر معرض «نبيو»، الذي يقام بقاعة المعارض الدولية بالقاهرة، حتى الثلاثاء المقبل، بمشاركة 80 عارضاً محلياً ودولياً، من بينهم 49 علامة تجارية مصرية، و31 عارضاً دولياً، بالإضافة إلى جناحين مخصصين لكل من تركيا وإيطاليا للمرة الأولى، بهدف «تعزيز البعد الدولي».

جانب من افتتاح المعرض (مجلس الوزراء المصري)

وتتضمن فعاليات «نبيو» معرضاً فنياً بعنوان «المجوهرات كانعكاس للهوية المصرية عبر التاريخ - الحقبة الفرعونية». وقال وزير التموين المصري، خلال الافتتاح، إن «المعرض يعكس الإرث الحضاري العريق لمصر في مجال الذهب والمجوهرات، ويمثل فرصة حقيقية لتعزيز الصناعات الوطنية وزيادة تنافسيتها في الأسواق العالمية».

وقال مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، الدكتور حسين عبد البصير: «الحلي والمجوهرات في مصر القديمة لم تكن مجرد زينة تجميلية، بل هي لغة معقدة مليئة بالرموز تعبر عن المكانة الاجتماعية، الروحانية، والصلات العميقة بالطبيعة والإلهية».

قطعة حلي فرعونية بالمتحف القومي للحضارة المصرية (الشرق الأوسط)

وأضاف عبد البصير لـ«الشرق الأوسط»: «المصريون القدماء استطاعوا بفضل مهارتهم الفنية وابتكارهم، صنع مجوهرات تحمل معاني وقيماً تفوق بكثير وظيفتها الجمالية»، مشيراً إلى أنهم «استخدموا الذهب في صناعة الحلي باعتباره رمزاً للخلود والنقاء، كما استخدموا أيضاً الفضة والنحاس وأحياناً البرونز، وزينوا المجوهرات بأحجار كريمة وشبه كريمة مثل اللازورد، والفيروز، والجمشت، والكارنيليان، والعقيق، والزجاج الملون».

ولفت عبد البصير إلى أن «المجوهرات كانت مؤشراً على الثراء والنفوذ، حيث اقتصر استخدام الذهب والأحجار الكريمة على الطبقة الحاكمة والنبلاء، بينما استخدمت الطبقات الأقل المواد البديلة مثل الزجاج».

وأشار إلى أن «هناك مجوهرات صنعت خصيصاً للموتى وكانت توضع بين الأثاث الجنائزي»، ضارباً المثل بالحلي التي اكتشفت في مقبرة الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون».

وأردف: «كانت المجوهرات جزءاً لا يتجزأ من حياة المصري القديم، حيث تعكس فلسفته وتصوره عن العالم، كما كانت رمزاً لفنون ذلك العصر».

المصريون القدماء أبدوا اهتماماً لافتاً بالحلي (الشرق الأوسط)

ويشير الخبراء إلى أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ، وكانوا يرتدونها للزينة ولأغراض دينية أيضاً، حيث كانت تستخدم مثل تميمة لحماية جسد المتوفى.

ويستضيف معرض «نبيو» أيضاً 166 مشاركاً من 19 دولة لـ«تعزيز التعاون التجاري وزيادة الصادرات»، إضافة إلى مسابقة لتصميم المجوهرات بمشاركة 13 دولة. وقال وزير التموين المصري إن «المعرض يجسد التعاون المثمر بين الدولة والقطاع الخاص، ويعكس رؤية القاهرة لأن تكون مركزاً عالمياً لصناعة الذهب والمجوهرات».