تونسيون يطالبون بـ«حلّ البرلمان» في ذكرى الاستقلال

رددوا شعارات مؤيدة لسعيّد في خلافه مع المشيشي

جانب من المظاهرات المطالبة بحل البرلمان التونسي وسط العاصمة أمس (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات المطالبة بحل البرلمان التونسي وسط العاصمة أمس (إ.ب.أ)
TT

تونسيون يطالبون بـ«حلّ البرلمان» في ذكرى الاستقلال

جانب من المظاهرات المطالبة بحل البرلمان التونسي وسط العاصمة أمس (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات المطالبة بحل البرلمان التونسي وسط العاصمة أمس (إ.ب.أ)

تخللت احتفالات التونسيين أمس بالذكرى 65 لعيد الاستقلال مسيرات احتجاجية، رغم الوجود المكثف لقوات الأمن وسط شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، الذي احتضن الاحتفالات والاحتجاجات، وكان شاهداً على ثورة شعب بأكمله.
وخرج المحتجون أمس إلى شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في مسيرة تطالب صراحة بحل البرلمان، وبشكل أساسي بحل أعلى سلطة في البلاد، ومحور النظام السياسي المعتمد في تونس، منذ صدور دستور 2014. وهو نظام برلماني معدل.
وحسب وكالة الصحافة الألمانية، فقد رفع المحتجون، الذين تراوحت أعدادهم بين 200 و300 شخص، لافتات مؤيدة للرئيس قيس سعيد في خلافه مع رئيس الحكومة، تطالب بتطبيق الفصل 80 من الدستور، الذي يتضمن إجراءات حل البرلمان، ورددوا شعار «حل البرلمان»، و«الشعب يريد حل البرلمان».
وسبق أن ترددت مثل هذه الدعوات سابقاً، وبشكل عرضي، بين أنصار الرئيس سعيد أثناء زياراته لبعض المناطق والأحياء الشعبية، لكن هذه الدعوات خرجت أمس إلى العلن بشكل منظم، وعبر لافتات صريحة.
وتفاقم التوتر في علاقة الرئيس سعيّد بالبرلمان والأحزاب الرئيسية الممثلة فيه، وفي مقدمتها التحالف الداعم للحكومة المستقلة الحالية، برئاسة هشام المشيشي، وهي حركة النهضة الإسلامية، و«حزب قلب تونس» الليبرالي، و«ائتلاف الكرامة»، المحسوب على اليمين الديني.
وقال الشيخ الداعية محمد الهنتاتي، المشارك بمسيرة أمس في كلمة وسط المحتجين: «البرلمان فاسد، ونوابه فاسدون، ونظام سياسي برلماني فاسد... في تونس لا يصلح نظام برلماني... نريد لتونس نظاماً رئاسياً». مضيفاً: «نطالب الشعب بأن يعبّد الطريق للرئيس قيس سعيد».
تجذر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية منتخب من الشعب بصفة مباشرة، لكن صلاحياته تنحصر أساساً
في مسائل الدفاع والأمن القومي والسياسة الخارجية، في حين يتمتع رئيس الحكومة بصلاحيات تنفيذية واسعة. وقد لمّح سعيّد في حملته الانتخابية للرئاسة في 2019. وفي الكثير من خطاباته إلى رغبته في تعديل النظام السياسي، نحو نظام رئاسي مع تعزيز الصلاحيات للحكم المحلي، بينما يدعو رئيس البرلمان وزعيم حزب حركة النهضة، راشد الغنوشي، إلى الانتقال لنظام برلماني خالص.
وتعيش تونس أزمة سياسية ودستورية ما تزال متواصلة، وتلقي بظلالها على مؤسسات الدولة، وذلك بسبب امتناع الرئيس عن قبول وزراء جدد
في التعديل الحكومي، بعد نيلهم ثقة البرلمان في 26 من يناير (كانون الثاني) الماضي، بسبب تحفظه على بعض الوزراء المقترحين، وتعارض التعديل مع فصول في الدستور، حسب رأيه.
وعلى صعيد متصل بالاحتجاجات، نظّم صباح أمس عدد من النّاشطين بالمجتمع المدني في سوسة وقفة احتجاجية بساحة حقوق الإنسان وسط المدينة، في رسالة واضحة ودعوة صريحة إلى مختلف القوى السياسية، والأحزاب والسياسيين، للكفّ عن «ترذيل وتسفيه المشهد السياسي»، ووقف تداعيّاته السلبية التي انعكست بوضوح على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للتونسيين.
وخلال الوقفة الاحتجاجية الصامتة، رفع المحتجّون الراية الوطنية في حجم عملاق، إلى جانب لافتات تدعو إلى القطع مع سياسة الإفلات من العقاب والعنف، واللامسؤولية والكفّ عن تقديم الوعود الزائفة، والشعبوية المقيتة، التي أضرّت بواقع البلاد والعباد، حسب تعبيرهم.
كما نظّم {الحزب الدستوري الحرّ} تظاهرة أمس في صفاقس (شرق)، ثاني أكبر مدن تونس، نودي فيها بشعارات مناهضة لحركة {النهضة} الإسلامية وللنظام البرلماني القائم إثر انتفاضة 2011.
من جهة ثانية، أدى رئيس الجمهورية، مساء أول من أمس، زيارة إلى السجن المدني بالمرناقية، وعقد جلسة مع المدير العام للإدارة العامة للسجون والإصلاح، ومدير السجن، كما تحدث مع مجموعة من المساجين، واطلع على قضايا عدد منهم، متوقفاً خاصة عند الشبان، الذين تم إيقافهم خلال احتجاجات شهر يناير الماضي.
وأكد الرئيس سعيد حرصه على توفير كل أسباب العدالة لهؤلاء الشبان، خاصة ممن تم الزج بهم دون أن تكون الأعمال التي قاموا بها موجبة لعقوبات سالبة للحرية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.