بري فوجئ بطروحات نصر الله الحكومية وردود فعل سلبية على {تناقضاتها}

TT

بري فوجئ بطروحات نصر الله الحكومية وردود فعل سلبية على {تناقضاتها}

ينعقد غداً اللقاء المرتقب بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري تحت وطأة «خريطة الطريق» التي طرحها الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، والتي ترتبت عليها تداعيات وردود فعل أولية لم تكن لصالح طروحاته، وقوبلت بردود فعل سلبية لما احتوته من تناقضات، فيما لقيت ترحيباً من رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، الذي بدا في تغريدته متناغماً مع حليفه الاستراتيجي، خصوصاً أنه على علم مسبق برفض عون للمواصفات التي يتمسك بها الحريري للإبقاء على المبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان قيد التداول، بصفتها الممر الإلزامي لوقف الانهيار.
فالأمين العام لـ«حزب الله» انطلق في تسويق دعوته إلى تشكيل حكومة تكنوسياسية من معرفته المسبقة بأن عون ليس في وارد الموافقة على تمسك الحريري بتشكيل حكومة من 18 وزيراً من اختصاصيين ومستقلين ومن غير المحازبين، وألا يكون فيها الثلث الضامن لأي طرف، وإن كان ربط موافقته عليها بتوافق عون والحريري.
وطرح نصر الله أيضاً خياراً بديلاً لتعذر تفاهم عون - الحريري على حكومة مهمة من اختصاصيين من جهة، ولرفض الأخير أن تكون حكومة تكنوسياسية هي البديلة، لأن مجرد موافقته تعني حكماً بأنه يطلق رصاصة الرحمة على المبادرة الفرنسية من جهة ثانية. ناهيك من أن نصر الله بطرحه البديل الآخر، بتفعيل حكومة تصريف الأعمال، يوقع نفسه في تناقض. وتسأل مصادر سياسية كيف أنه يعيب على حكومة من اختصاصيين أن تكون قادرة على اتخاذ قرارات إصلاحية وأخرى غير شعبوية ما لم تطعم من داخلها بغطاء سياسي بإشراك القوى السياسية فيها، بينما يدعو لتفعيل الحكومة المستقيلة.
وتسأل المصادر من أين تستحضر الحكومة المستقيلة قوتها ليكون في مقدورها إعداد مشروع قانون الموازنة للعام الحالي، وترشيد الدعم، وتحقيق الإصلاحات، والتفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي يأخذ على هذه الحكومة الانقطاع عن التواصل معه، بصرف النظر عن الخطوط الحمر التي رسمها نصر الله للتفاوض، لئلا يوقع البلد في شرك شروطه؟
وتلفت المصادر نفسها إلى أن تعويم الحكومة المستقيلة دونه محاذير تتجاوز إصرار رئيسها حسان دياب على تلقي الضوء الأخضر من البرلمان شرطاً لإعادة تفعيلها، وهذا ما يلقى معارضة من رئيسه نبيه بري، لسببين: الأول يكمن في أن مجرد موافقته تعني أنه يسهم في رفع الضغوط التي تطالب بتشكيل حكومة جديدة، وبالتالي قرر التعايش مع المستقيلة؛ والثاني يعود إلى أنه يشارك في الانقلاب على المبادرة الفرنسية، إضافة إلى ما يترتب على موقفه من تداعيات سلبية على العلاقة بين السنة والشيعة، وردود فعل دولية.
وتؤكد أن نصر الله لم يكن موفقاً في طروحاته للخروج من أزمة تشكيل الحكومة، ولم يكن مضطراً لاستخدام النبرة العالية التي انطوت على إنذارات للآخرين ليست في محلها، ولن تبدل من صمود البطريرك الماروني بشارة الراعي على موقفه، مع أن نصر الله غمز من قناة من يدعو للتدويل من دون أن يسمى من أطلقها.
كذلك، فإن جهات مسيحية متعددة الانتماءات تستغرب تلميحه بأن هناك من يتحضر للعودة بالبلد إلى الحرب الأهلية التي أصبحت من الماضي، ولا ضرورة للتذكير بها في سياق تناوله للأزمة الحكومية، لأن هم اللبنانيين هو وقف تدهور أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية التي لا تعالج باستخدام «العصا الغليظة»، وإنما بتوفير الحلول السريعة قبل فوات الأوان.
وتكشف أن نصر الله لم ينسق ما طرحه مع حليفه الاستراتيجي الرئيس بري، في ضوء ما يتردد من أنه فوجئ ببعض ما طرحه نصر الله في موضوع تشكيل الحكومة، وما لديه من ملاحظات على طرحه، وتقول إنه لا يبدي حماسة لحكومة تكنوسياسية، مع أنه يعود له وحده تظهير موقفه في الوقت المناسب، وكذلك الحال بالنسبة إلى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي»، وليد جنبلاط، الذي يضع الوسط السياسي في حالة من الترقُّب حتى يبادر إلى تحديد موقفه.
لكن القديم - الجديد يكمن في موقف رؤساء الحكومات السابقين الذين التقوا مساء أول من أمس، وأجمعوا كما علمت «الشرق الأوسط» على تبني موقف الحريري، وتوفير كل الدعم له، خصوصاً في إصراره على تأييد المبادرة الفرنسية بكامل مواصفاتها وشروطها، وهذا ما يتمسك به في اجتماعه غداً بعون الذي يتعامل مع طروحات نصر الله على أنها قدمت له ومن وجهة نظره «قارب النجاة» لفك الحصار المفروض عليه، وتحريره من المبادرة الفرنسية، من دون أن يتنبه -ومعه وريثه السياسي باسيل- للعواقب الدولية التي يُفترض أن تستهدفه في حال قرر أن يتلطى وراء نصر الله للهروب إلى الأمام.
إلا أن مصادر مقربة من رؤساء الحكومات السابقين عدت أن نصر الله يتلطى وراء عون لتمديد الأزمة الحكومية، انسجاماً مع تبنيه للأجندة الإيرانية التي تمسك بالورقة اللبنانية لتوظيفها في مفاوضات طهران مع واشنطن التي لم يحن موعدها، وترى أن نصر الله توخى من خلال طروحاته تكبير الحجر، من دون أن يتمكن من حجب الأنظار الدولية عن اهتمامها بلبنان، وتحذيرها من التأخير في تشكيل الحكومة، بعد أن دخل البلد في صراع يهدد مصيره وكيانه.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.