أيها الشعراء حافظوا على هذه الوردة التي تطرز العالم

رسائل من شعراء سعوديين

أيها الشعراء حافظوا على هذه الوردة التي تطرز العالم
TT

أيها الشعراء حافظوا على هذه الوردة التي تطرز العالم

أيها الشعراء حافظوا على هذه الوردة التي تطرز العالم

- إبراهيم الحسين: وهج الشعر
لنكن عند وهج الشعر ولنقم فيه،
ما من معنى للحجر خارج ظله
ما من رنة خارج وتره
ما من عبق أكيد خارج وردته؛
ولا لون واضح أبداً بعيداً عن شمسه...
لنضع عيوننا في مياهه لتغسل جيداً نظرتها
لنلق أيدينا وأرجلنا في مسافاته لتتعرف على عظامها...
أجسادنا في حدائقه لتطلع على خضرتها،
لنكن في وهج الشعر إلى آخرنا ولنغنه بحناجر حقيقية مستعينين ببروقه على ما ليس منه نمشي فيه ونمشي لئلا نصل.

- جاسم الصحيح: النكد الجميل
الشعر - يا صديقي - ليس ترفا ولا متعة كما يعتقد البعض، الشعر ليس لديه سوى النكد الذي تحدث عنه (الأصمعي)، ولكنه النكد الجميل فهو يكشف لنا حجم الألم الذي تحمله الحياة ويحاول أن يخفف من وقع هذا الألم عبر تقديمه إياه على طبق من الجماليات اللغوية. أما الذين يبحثون عن الرفاهية والمتع من خلال الشعر فإنهم مخطئون تماما في فهم الشعر والوصول إلى جوهره.
الشعر - يا صديقي - لعنة، ولكن الشعراء يستنبتون الجمال من قلب هذه اللعنة. وأتذكر هنا الشاعر الأميركي (جيمس رايت) عندما بلغه أن ابنه (فرانز رايت) يكتب الشعر، بعث إليه برسالة مختصرة جدا: (أهلا بك إلى الجحيم).
الشعر - يا صديقي - هو حالة الشعور بانعدام الوزن حيث تتحول المادة إلى أثير فيتخفف الإنسان من ثقله لدرجة أنه يستطيع الطيران بعد أن تنعدم الجاذبية المادية التي تشده إلى الأسفل، فهناك دائما سمو معنوي وفكري وفني داخل كل قصيدة حقيقية.
فماذا عسى أن أقول للشعراء ولعشاق الشعر في يوم الشعر العالمي؟!
أيها الشعراء... حافظوا على هذه الوردة التي تطرز العالم، وهدهدوا بتلاتها وهي ترتجف في ظل العواصف الزمنية، واسقوها بدماء القلوب.
وأنتم يا عشاق الشعر... تأكدوا أن الشعر في نهاية المطاف هو شغفكم بالحياة وعاطفتكم تجاه الجمال، فلا تسمحوا لقلوبكم وعواطفكم ومشاعركم أن تضحي بنفسها في هذا العالم المادي إلا للحب والقيم الإنسانية على هذه الأرض.

- ناجي حرابة: الشعر سادن الأسرار وحامل الأساطير
أيها الشعر... يا سليل المواويل، ويا ربيب النبوءات، ويا سادن أسرار الإنسان، بماذا تبوح لك الكلمات التي لولاك لم تحسن الطيران في أفق المعاني! أيهذا القطار الذي لم تتوقف رحلته الطويلة المضنية منذ آلاف السنين وملايين القصائد، وهو يمضغ خلالها عشبة الخلود، ويشرب من نبع الحياة، وما تزال عرباته تحمل الأساطير والهموم والآمال والشكوك والمكابدات، هذا هو يومك الذي تحتشد فيه لك الأشواق ومناديلها، والأرواح ومناجاتها، والرؤى ومعارجها، والمعذبون وجراحهم، فقف لتلملم دموعهم وضحكاتهم وطموحهم وعثراتهم، واستأنف رحلتك الأبدية مثل كل عام، دون أن تسمع من ناطق: (شكراً).

- جاسم عساكر: مساحة كبرى للحب
ليس بمقدرونا في يوم الشعر هذا سوى أن نمد له يد البيعة أميراً جميلاً على عرش أرواحنا وعواطفنا ونجدد عهدنا به لنؤكد له أنه الأولى بصلة الرحم كأحد الأقرباء من الوجدان، والأجدر بحسن الجوار كأحد الساكنين قريباً من القلب، كي لا نفقد بريق المعنى الجميل في زمن تتسيده الأشباح وتتسلطن عليه الفزاعات.
يوم الشعر العالمي: فرصة لنطلي سياج أحلامنا، ونصبغ سور أمانينا، ومساحة كبرى لنبذ العصبيات والأحقاد والضغائن والوشايات وكل ما في قاموس الشر من مفردات... لأنه الشعر... الشعر وكفى.



مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة، بداخلها مجموعة من المومياوات والهياكل العظمية والتوابيت، وغيرها من اللقى الأثرية.

وتوصلت البعثة المشتركة بين مصر وإسبانيا من خلال جامعة برشلونة ومعهد الشرق الأدنى القديم، إلى هذا الكشف الأثري أثناء عمليات التنقيب بمنطقة البهنسا في محافظة المنيا (251 كيلومتراً جنوب القاهرة).

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر الدكتور محمد إسماعيل خالد، أهمية هذا الكشف، واعتبره سابقة في الاكتشافات الأثرية، قائلاً: «للمرة الأولى يتم العثور بمنطقة البهنسا الأثرية على بقايا آدمية بداخلها 13 لساناً وأظافر آدمية ذهبية لمومياوات من العصر البطلمي، بالإضافة إلى عدد من النصوص والمناظر ذات الطابع المصري القديم، والتي يظهر بعضها لأول مرة في منطقة البهنسا؛ مما يُمثل إضافة كبيرة لتاريخ المنطقة، ويسلط الضوء على الممارسات الدينية السائدة في العصر البطلمي»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

لوحات ومناظر تظهر لأول مرة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأوضح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومدير حفائر البعثة المشتركة الدكتور حسان إبراهيم عامر، أنه تم العثور على جعران القلب موجود في مكانه داخل المومياء، في إحدى المقابر المكتشفة، بالإضافة إلى العثور على 29 تميمة لـ«عمود جد»، وجعارين وتمائم لمعبودات مثل «حورس» و«جحوتي» و«إيزيس». في حين ذكر رئيس البعثة من الجانب الإسباني الدكتور أستر بونس ميلادو، أنه خلال أعمال الحفائر عثرت البعثة على بئر للدفن من الحجر المستطيل، تؤدي إلى مقبرة من العصر البطلمي تحتوي على صالة رئيسة تؤدي إلى ثلاث حجرات بداخلها عشرات المومياوات متراصّة جنباً إلى جنب؛ مما يشير إلى أن هذه الحجرات كانت قد استُخدمت كمقبرة جماعية.

وأضاف رئيس البعثة أنه «إلى جانب هذه البئر تم العثور على بئر أخرى للدفن تؤدي إلى ثلاث حجرات، ووجدوا جدران إحدى هذه الحجرات مزينة برسوم وكتابات ملونة، تمثل صاحب المقبرة الذي يُدعى (ون نفر) وأفراد أسرته أمام المعبودات (أنوبيس) و(أوزوريس) و(آتوم) و(حورس) و(جحوتي)».

إلى جانب ذلك، تم تزيين السقف برسم للمعبودة «نوت» (ربة السماء)، باللون الأبيض على خلفية زرقاء تحيط بها النجوم والمراكب المقدسة التي تحمل بعض المعبودات مثل «خبري» و«رع» و«آتوم»، حسب البيان.

مناظر عن العالم الآخر في مقابر البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان اللافت للانتباه، وفق ما ذكرته البعثة، هو «وجود طبقة رقيقة من الذهب شديدة اللمعان على وجه المومياء التي يقوم بتحنيطها (أنوبيس)، وكذلك على وجه (أوزوريس) و(إيزيس) و(نفتيس) أمام وخلف المتوفى». وأوضحت أن «هذه المناظر والنصوص تمثل صاحب المقبرة وأفراد أسرته في حضرة معبودات مختلفة، وهي تظهر لأول مرة في منطقة البهنسا».

وقال الخبير الأثري المصري الدكتور خالد سعد إن «محتويات المقبرة توضح مدى أهمية الشخص ومستواه الوظيفي أو المادي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر وجدت الكثير من الدفنات المماثلة من العصرين اليوناني والروماني، وكانت الدفنة سليمة؛ لم يتم نبشها أو العبث بها».

ويوضح الخبير الأثري أن «الفكر الديني في ذلك الوقت كان يقول بوضع ألسنة ذهبية في فم المومياوات حتى يستطيع المتوفى أن يتكلم كلاماً صادقاً أمام مجمع الآلهة».

ألسنة ذهبية تم اكتشافها في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أما بالنسبة لتلابيس الأصابع (الأظافر الذهبية)، فهذا تقليد كان ينتهجه معظم ملوك الدولة الحديثة، وتم اكتشافها من قبل في مقبرة «توت عنخ آمون»، وكانت مومياؤه بها تلابيس في أصابع اليد والقدم، وفي البهنسا تدل التلابيس والألسنة الذهبية على ثراء المتوفى.

وتعدّ قرية البهنسا (شمال المنيا) من المناطق الأثرية الثرية التي تضم آثاراً تعود للعصور المختلفة من المصري القديم إلى اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي، وقد عثرت فيها البعثة نفسها في يناير (كانون الثاني) الماضي على عدد كبير من القطع الأثرية والمومياوات، من بينها 23 مومياء محنطة خارج التوابيت، و4 توابيت ذات شكل آدمي.

مناظر طقوسية في مقابر منطقة البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وفسّر الخبير الأثري العثور على مجموعة من الأواني الكانوبية في المقابر بأنها «تحفظ أحشاء المتوفى، وهي أربعة أوانٍ تمثل أربعة من أولاد (حورس) يرفعون أطراف الكون الأربعة، وفقاً لعقيدة الأشمونيين، ويتمثلون في ابن آوى والقرد والإنسان والصقر، ويوضع في هذه الأواني المعدة والأمعاء والقلب والكبد، وكانت على درجة عالية من الحفظ، نظراً للخبرة التي اكتسبها المحنّطون في السنوات السابقة».

وأشار إلى أن «اللقى الأثرية الأخرى الموجودة بالكشف الأثري مثل الأواني الفخارية والمناظر من الجداريات... تشير إلى أركان طقوسية مرتبطة بالعالم الآخر عند المصري القديم مثل الحساب ووزن القلب أمام ريشة (ماعت)؛ مما يشير إلى استمرارية الديانة المصرية بكافة أركانها خلال العصر اليوناني والروماني، بما يؤكد أن الحضارة المصرية استطاعت تمصير العصر اليوناني والروماني».

بدورها، أشارت عميدة كلية الآثار بجامعة أسوان سابقاً الدكتورة أماني كرورة، إلى أهمية منطقة البهنسا، واعتبرت أن الكشف الجديد يرسخ لأهمية هذه المنطقة التي كانت مكاناً لعبادة «الإله ست» في العصور المصرية القديمة، وفق قولها، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة كانت تضم العديد من المعابد والمنشآت العامة، فهناك برديات تشير إلى وجود عمال مكلفين بحراسة المنشآت العامة بها؛ مما يشير إلى أهميتها».