«سدايا» تطلق منصة «إحسان» لدعم العطاء الخيري في السعودية

لحظة إطلاق المنصة الوطنية للعمل الخيري «إحسان» (واس)
لحظة إطلاق المنصة الوطنية للعمل الخيري «إحسان» (واس)
TT

«سدايا» تطلق منصة «إحسان» لدعم العطاء الخيري في السعودية

لحظة إطلاق المنصة الوطنية للعمل الخيري «إحسان» (واس)
لحظة إطلاق المنصة الوطنية للعمل الخيري «إحسان» (واس)

أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا»، اليوم (السبت)، منصة العمل الخيري «إحسان» لدعم العطاء الخيري في المملكة.
وجاء إطلاق المنصة بمشاركة اللجنة الإشرافية ممثلة بوزارات (الداخلية، العدل، المالية، الصحة، الشؤون البلدية والقروية والإسكان، الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، التعليم)، ورئاسة أمن الدولة، والبنك المركزي السعودي، وهيئة الحكومة الرقمية، والتي تفاعلت والجهات ذات العلاقة والمستفيدين مع الحملة الإعلامية للمنصة؛ بهدف إيصالها لأطياف المجتمع كافة.
من جانبه، ثمّن رئيس «سدايا» الدكتور عبد الله الغامدي، حرص القيادة على تعظيم الفائدة والقيمة التي يقدمها القطاع الخيري وغير الربحي، مبيناً أن الهيئة بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، حققت منذ إنشائها قبل أكثر من عام العديد من الإنجازات، وكان لتوجيهاته ومتابعته الحثيثة بالغ الأثر في ذلك، «مستلهمة منه إصراراً وعزيمة وطموحاً يعانق عنان السماء».
ونوّه الدكتور الغامدي بأن إطلاق «إحسان» سيدعم مكانة السعودية المرموقة عالمياً في مجال العطاء الخيري وسيقوي هذا القطاع، حيث تحتل المرتبة 50 في تقرير العطاء العالمي الصادر عن مؤسسة المعونة الخيرية (CAF) بالمملكة المتحدة، حيث بلغ حجم التبرعات للجمعيات الأهلية التابعة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية 2.6 مليار سنوياً.
وأشار إلى أن المنصّة ستسهم في حفظ جهود المتبرعين وأصحاب الخير، وتذليل صعوبات المتبرعين فيما يتعلق بإجراء الحوالات البنكية للجهات غير الربحية، وستنظم بوابات الدفع المخصصة للتبرعات الإلكترونية، وستسهّل رصد ومتابعة عمليات التبرع كافة، وتحسّن الرقابة عليها لضمان أن تذهب لمستحقيها، وستولي اهتماماً بالمتبرع، وتكثف التواصل معه لتزويده بأحدث المستجدات المتعلقة بالأنظمة واللوائح ذات العلاقة، وتعرفه بالقنوات المختلفة التي يمكنه استخدامها لدعم المنظمة أو المؤسسة المفضلة لديه.
وأوضح رئيس «سدايا» أن الهيئة تهدف من خلال تطويرها للمنصة إلى تعزيز قيم العمل الإنساني لأفراد المجتمع عن طريق التكامل مع الجهات الحكومية المختلفة وتعظيم نفعها، وتمكين القطاع غير الربحي وتوسيع أثره، وتفعيل دور المسؤولية الاجتماعية في القطاع الخاص، والمساهمة في رفع مستوى الموثوقية والشفافية للعمل الخيري والتنموي، لافتاً إلى أن المنصة تساعد الجهات غير الربحية المختلفة على تنمية مواردها المالية، وتسهّل عملية التبرع للباحثين عن الخير، بالتكامل مع بقية المنصات، واطلاعهم على مختلف مجالات التبرع المتاحة داخل السعودية في مكان واحد.
وتسعى «سدايا» عن طريق تطويرها لمنصة «إحسان» إلى دعم المشاريع التنموية وتعزيز تكاملها، وتأسيس منظومة تقنية متكاملة لحوكمة وإدارة التبرعات واستدامتها.
وتجمع «إحسان» التي تقدم العديد من الخدمات والبرامج، المنصات الوطنية المعنية بالتبرع على مستوى السعودية، وستُسهم في تعزيز المسؤولية الاجتماعية، وتحسين كفاءة العمل التنموي، والارتقاء بقيم الانتماء الوطني والعمل الإنساني لدى الأفراد أو المؤسسات على حدٍ سواء. كما توفر المنصة آلية متطورة ومتقدمة سترفع درجة الموثوقية والشفافية والسهولة في جمع التبرعات، وستساهم في تنظيم ونشر ثقافة العمل التنموي، وتكريم المتميزين في القطاع.
من جانبه، أشاد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء، بالدور الذي ستضطلع به «إحسان» في تنظيم وتنسيق العمل الخيري وتوحيد الجهود فيما بين الجهات الخيرية بتنوع اختصاصاتها واختلاف مجالاتها ومشاريعها تحت مظلة واحدة، بهدف العمل على تطويرها واستثمار طاقاتها وتنظيم الجهات المستفيدة، وترتيب أولوياتها والعمل على تحقيق احتياجاتها بشكل أفضل وأمثل، لافتاً إلى أن المنصة ستعمل على نشر ثقافة التبرع وتعزيز الترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع مما يجعلهم يساهمون في العمل الخيري بما يحقق سمة التعاون والتكاتف المطلوب بين المسلمين.
من جهته، أشار الرئيس التنفيذي لـ«إحسان» عبد العزيز الحمادي، إلى توجيهات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ورعايته هذه المنصة منذ أن كانت فكرة «حيث كان لمتابعته الحثيثة والمتواصلة الدور الأكبر فيما نراه اليوم».
وأبان أن المنصة ستعمل على إطلاق العديد من المنتجات المختلفة قريباً؛ لتعظيم أثر العمل الخيري وغير الربحي، انطلاقاً من قوة البيانات والتقنية بتمكين كبير من «سدايا» ممثلاً في بنك البيانات الوطني فيها، وستساهم في رفع مستوى الموثوقية والشـفافية في العمل الخيري.
ووفقاً للحمادي، تخدم «إحسان» حتى هذه اللحظة أكثر من 60 جهة حكومية وخيرية، عبر أكثر من 200 فرصة عطاء متنوعة المجال والمكان، يستفيد منها أكثر من 100 ألف إنسان.



موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».