تركيا تقيّد حركة «الإخوان» وتُلزم قنوات الجماعة وقف الهجوم على مصر

فرض إقامة جبرية على 30 من القيادات ومنعهم من التصريحات وفحص حسابات بعضهم

تركيا تقيّد حركة «الإخوان» وتُلزم قنوات الجماعة وقف الهجوم على مصر
TT

تركيا تقيّد حركة «الإخوان» وتُلزم قنوات الجماعة وقف الهجوم على مصر

تركيا تقيّد حركة «الإخوان» وتُلزم قنوات الجماعة وقف الهجوم على مصر

ألزمت السلطات التركية القنوات التلفزيونية التابعة لـ«الإخوان» المسلمين، التي تبث من إسطنبول، بالالتزام بميثاق الشرف الصحافي والإعلامي، وتجنب الشأن السياسي والتهجُّم والتطاول على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والحكومة المصرية، والتخلي عن أسلوب التحريض والإساءة للدولة المصرية ودول الخليج، في أول خطوة عملية تترجم التصريحات المتتالية على مدى الأسابيع الماضية، حول الرغبة في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع مصر.
وعمدت القنوات الثلاث الناطقة بلسان الإخوان («الشرق»، و«مكملين»، و«وطن») إلى تغيير خريطة برامجها، وإلغاء بث بعض البرامج السياسية التي تتسم بحدة الخطاب تجاه الحكومة المصرية، ليل الخميس - الجمعة الماضي، عقب اجتماع عقده مسؤولون بوزارة الخارجية التركية في أنقرة مع رؤساء القنوات الثلاث، طالبوها خلالها بتغيير السياسة التحريرية للقنوات، لتناسب المرحلة الجديدة التي تعمل فيها أنقرة على التقارب مع القاهرة.
ووجّهت السلطات التركية تعليمات باقتصار تغطيات القنوات الثلاث على الموضوعات الاجتماعية والثقافية، والابتعاد عن الموضوعات السياسية التي تشكل تدخلاً في الشؤون الداخلية لمصر.
وكشفت مصادر في تلك القنوات لـ«الشرق الأوسط» أن تعليمات الجانب التركي كانت واضحة، بضرورة تغيير السياسة التحريرية لهذه القنوات بما يتناسب مع ميثاق الشرف الصحافي والإعلامي، ووقف حملات التحريض والسباب، مع تحذير من إغلاق القنوات التي لا تلتزم، وترحيل الإعلاميين الذين لا يتجاوبون مع القواعد الجديدة للعمل.
واستبعد رئيس مجلس إدارة قناة «الشرق» أيمن نور، أن يخلو محتوى القنوات من البرامج السياسية تماماً، رداً على ما قيل عن قرار تركي بإغلاق تلك القنوات، لكنه اعترف بأن التقارب السياسي الحاصل بين مصر وتركيا قد يكون له بعض الانعكاسات.
وعبّر نور، الذي غرّد عبر «تويتر» بما معناه أن هناك تضييقاً من جانب السلطات التركية على القنوات الموجهة من إسطنبول، في تصريحات، عن اعتقاده بأن تركيا لن تقْدم على خطوة إغلاق أي قناة، لافتاً إلى أن هناك طلباً من السلطات بالتزام «مواثيق الشرف الإعلامي والصحافي».
ورأى نور، وهو مؤسس حزب «الغد» ومرشح سابق للرئاسة في مصر، كان قد أُوقف لسنوات بتهمة التزوير في أوراق تأسيس حزبه الذي نقله إلى خارج مصر مؤخراً، أن ما يحدث «أزمة» وتمنى تجاوزها. وقال إنه يقدر البلد الذي توجد فيه تلك القنوات (تركيا). وعن التغيير المحتمل في سياسات التحرير في تلك القنوات واقتصار محتوى برامجها على القضايا الاجتماعية والثقافية، قال نور إنه يستبعد عدم وجود برامج سياسية.
بدوره، قال مستشار رئيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، ياسين أقطاي، إن الخطوة التي قامت بها الحكومة التركية جاءت لضبط أداء تلك القنوات، في إطار التوجه الحالي لتحسين العلاقات مع مصر، بعد أن لاحظت أن هناك محتوى سياسياً غير لائق، ويخالف مواثيق الشرف الصحافية والإعلامية.
وزعم أقطاي، الذي يمثل حلقة الوصل بين السلطات التركية وجماعة الإخوان، وأعضاء تيارات الإسلام السياسي الأخرى من مختلف الدول العربية، والذي تكرر ظهوره على هذه القنوات، أن السلطات التركية لم تكن تتابع ما تقدمه هذه القنوات، حتى تبلغها تنبيهاً من الحكومة المصرية بأن هناك تجاوزات في برامجها، وتم التحقق من هذه التجاوزات.
وأثارت هذه التصريحات تهكماً واسعاً من جانب المتابعين، كون أقطاي هو أقرب المسؤولين الأتراك من قيادات الإخوان وقنواتهم.
في السياق ذاته، ذكرت وسائل إعلام تركية، أن السلطات فرضت إقامة جبرية على قيادات إخوانية وإعلاميين من العاملين بتلك القنوات، وطالبت 30 من القيادات بالتزام الصمت وعدم الإدلاء بتصريحات سياسية، مشيرة إلى أن الأيام القادمة قد تشهد تدقيق حسابات بعض القيادات والإعلاميين في البنوك، وترحيل بعضهم، وتسليم أعداد من المطلوبين من جانب السلطات المصرية لإدانتهم بجرائم في مصر.
لكنّ أقطاي نفى أن يكون هناك اتجاه لتسليم أيٍّ من العناصر المقيمة على الأراضي التركية، وأن تركيا لن تسلمهم إلى بلادهم. وأضاف: «كل ما هنالك هي مطالبة بإعادة النظر في الخطاب الإعلامي الموجه لمصر، وضبط الألفاظ، تحت طائلة القوانين المتعارف عليها إعلامياً»، نافياً شائعات عن وضع إعلاميين في قنوات الإخوان قيد الإقامة الجبرية.
وقوبلت الخطوة التركية، التي جاءت بعد سلسلة من التصريحات من جانب الرئيس التركي وعدد من وزرائه حول أهمية عودة العلاقات مع مصر إلى طبيعتها، بترحيب مصري أعرب عنه وزير الدولة المصري للإعلام أسامة هيكل. ورأى هيكل الخطوة التركية «بادرة طيبة من الجانب التركي تخلق مناخاً ملائماً لبحث الملفات محل الخلافات بين الدولتين، على مدار السنوات الماضية»، مضيفاً أن صدور قنوات من دولة لتعادي دولة أخرى «ليس مقبولاً في العلاقات الدولية، ومن المهم جداً لكل دولة أن تبحث عن مصالحها ومصالح شعبها، ولا أعتقد أن الخلافات السياسية بين تركيا ومصر تصب في مصالح الشعبين».
وأكد هيكل أن مصر دولة لا تعادي أحداً، وأن الموقف المصري ثابت في علاقاتها الدولية، حيث تعمل على تطوير علاقاتها مع الجميع، على أساس من التفاهم والحفاظ على المصالح المشتركة.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، قد أعلن الأحد الماضي، أن بلاده تتفاعل مع جميع الشركاء الدوليين والإقليميين، وفقاً لسياسة التوازن في العلاقات المبنية على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول. وقال شكري، خلال اجتماع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، فيما عُدّ أول رد مصري رسمي على تصريحات التودُّد التركية، إنه «لا توجد علاقات مع تركيا خارج القنوات الطبيعية»، مضيفاً أن مصر «حريصة على العلاقة بين الشعبين المصري والتركي، والمواقف السياسية السلبية من الساسة الأتراك لا تعكس العلاقة بين الشعبين».
وأضاف شكري: «إذا ما وجدنا أن هناك تغييراً في السياسة التركية تجاه مصر، وعدم تدخل في الشؤون الداخلية، وانتهاج سياسات إقليمية تتوافق مع السياسة المصرية، قد تكون هذه أرضية ومنطلقاً للعلاقات الطبيعية»، مشيراً إلى أن أنقرة يجب أن تترجم الأقوال إلى أفعال.
إلى ذلك، واصل المسؤولون الأتراك رسائل التودُّد إلى مصر، إذ أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أن بلاده تسعى إلى علاقات جيدة مع كل دول جوارها، بما في ذلك مصر. وقال أكار في كلمة في أثناء مشاركته في فعالية نظّمتها وزارة الدفاع في أنقرة مساء الخميس، إن تركيا ترغب في علاقات حسن جوار مع كل دول المنطقة، بما في ذلك مصر واليونان.


مقالات ذات صلة

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي في مطار أنقرة في إسطنبول (من البث المباشر لوصول الرئيس المصري) play-circle 00:39

السيسي وصل إلى أنقرة في أول زيارة لتركيا

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)

مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

أعلنت «الداخلية المصرية»، الثلاثاء، القبض على المتهم ببث «فيديو فيصل» الذي شغل الرأي العام، مؤكدة «اعترافه» بارتكاب الواقعة، بـ«تحريض» من عناصر «الإخوان».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الإعلامي بقناة «الشرق» الإخوانية عماد البحيري تم توقيفه بسبب التهرب الضريبي (من حسابه على  «فيسبوك»)

تركيا توقف إعلامياً في قناة إخوانية لتهربه من الضرائب

أحالت السلطات التركية، (الخميس)، المذيع بقناة «الشرق» المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، عماد البحيري، إلى أحد مراكز التوقيف بدائرة الهجرة في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

الجزائر: فصيل «الإخوان» يرشح الرئيس تبون لعهدة ثانية

أعلنت حركة البناء الوطني (فصيل الإخوان في الجزائر)، الجمعة، عن ترشيحها الرئيس عبد المجيد تبون للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 7 سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

غارة جوية إسرائيلية تستهدف شاحنات محملة بمواد طبية وإغاثية في حمص

من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)
من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)
TT

غارة جوية إسرائيلية تستهدف شاحنات محملة بمواد طبية وإغاثية في حمص

من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)
من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)

استهدفت غارة إسرائيلية، الأحد، شاحنات تحمل مواد إغاثية وطبية في مصنع فارغ للسيارات الإيرانية جنوب مدينة حمص وسط سوريا، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بعد أيام من غارات طالت دمشق والحدود اللبنانية السورية.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال «المرصد» إن طائرات إسرائيلية شنّت «غارات جوية بثلاثة صواريخ استهدفت(...) 3 شاحنات محملة بالمواد الغذائية والطبية في معمل للسيارات الإيرانية بمنطقة حسياء الصناعية»، الواقعة جنوب المدينة.

وأدّت الغارة إلى إصابة 3 أشخاص من فرق الإغاثة، وتدمير الشاحنات القادمة من العراق لتقديم مساعدات إنسانية للبنانيين المتضررين من الغارات الإسرائيلية، وفق «المرصد».

من جهته، أكد مدير المدينة الصناعية في حسياء عامر خليل وقوع «أن عدواناً جوياً إسرائيلياً استهدف 3 سيارات داخل المدينة الصناعية، محملة بمواد طبية وإغاثية، والأضرار مادية»، وفق ما نقلت «وكالة الأنباء الرسمية» (سانا).

يذكر أن حمص محافظة حدودية مع لبنان.

وكثّفت إسرائيل في الأيام الماضية وتيرة استهداف نقاط قرب المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، التي عبرها مؤخراً عشرات الآلاف هرباً من الغارات الإسرائيلية الكثيفة على لبنان.

وأدّت غارة إسرائيلية، استهدفت فجر الجمعة منطقة المصنع في شرق لبنان، إلى قطع الطريق الدولي بين لبنان وسوريا، وأتت بعد اتهام إسرائيل «حزب الله» باستخدام المعبر لنقل الأسلحة.

كما شنّت إسرائيل مراراً في الأيام الماضية غارات جوية داخل سوريا.

وأدت إحداها، الأربعاء، على منطقة المزة في دمشق إلى مقتل حسن جعفر قصير، وهو صهر الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، الذي قتل بغارات إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية في 27 سبتمبر (أيلول).

ومنذ بدء النزاع في سوريا عام 2011، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية في هذا البلد، مستهدفة مواقع لقوات النظام وأهدافاً إيرانية وأخرى لـ«حزب الله» الحليف لطهران ودمشق.

ونادراً ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ الضربات، لكنّها تكرّر أنها ستتصدى لما تصفه بمحاولات إيران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا. ومنذ بدء غاراتها المكثفة في لبنان في 23 سبتمبر، شددت إسرائيل على أنها ستعمل على الحؤول دون نقل «حزب الله» لـ«وسائل قتالية» من سوريا إلى لبنان.