ليبيا: دعوات أممية وقبائلية للإفراج عن المعتقلين في «السجون السرية»

كشف تقرير بريطاني تفاصيل مفاوضات سرية كان يمكن أن تؤدي إلى تنحي العقيد معمر القذافي عام 2011 لكن باريس ولندن أفشلتاها (إ.ب.أ)
كشف تقرير بريطاني تفاصيل مفاوضات سرية كان يمكن أن تؤدي إلى تنحي العقيد معمر القذافي عام 2011 لكن باريس ولندن أفشلتاها (إ.ب.أ)
TT

ليبيا: دعوات أممية وقبائلية للإفراج عن المعتقلين في «السجون السرية»

كشف تقرير بريطاني تفاصيل مفاوضات سرية كان يمكن أن تؤدي إلى تنحي العقيد معمر القذافي عام 2011 لكن باريس ولندن أفشلتاها (إ.ب.أ)
كشف تقرير بريطاني تفاصيل مفاوضات سرية كان يمكن أن تؤدي إلى تنحي العقيد معمر القذافي عام 2011 لكن باريس ولندن أفشلتاها (إ.ب.أ)

دعت البعثة الأممية لدى ليبيا، وقبيلة القذاذفة، وجمعيات حقوقية، السلطات القضائية إلى سرعة الإفراج عن المعتقلين منذ سنوات في السجون الرسمية التي تشرف عليها الدولة، أو في أماكن الاحتجاز السرّية الواقعة تحت سيطرة الجماعات المسلحة.
ومنذ تسلم حكومة «الوحدة الوطنية» بقيادة عبد الحميد الدُبيبة، مقاليد الحكم في البلاد، تتصاعد المطالب السياسية والاجتماعية والحقوقية بضرورة فتح ملف المعتقلين والموقوفين، وباقي المسجونين من رموز النظام السابق، من بينهم الساعدي، نجل العقيد الراحل معمر القذافي.
وانتقدت «رابطة شباب قبيلة القذاذفة» في المنطقة الوسطى في ليبيا، «استمرار اعتقال أبناء القبيلة وباقي أبناء الوطن في (سجون الظلام)» على أيدي «الذين يدّعون الإنسانية والوطنية وقيام دولة القانون والمؤسسات والوحدة الوطنية»، حسبما قالت الرابطة. وتابعت أن ذلك «يقتل الأمل في بناء الدولة والمصالحة والتحام النسيج الاجتماعي والسلام».
وطالبت قبيلة القذاذفة في بيان لها، مساء أول من أمس، حكومة «الوحدة الوطنية ومجلس النواب والسلطات الأمنية ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان بالتدخل والإفراج عن (الأسرى) والمعتقلين في الداخل والخارج، والتدخل الفوري لعودتهم إلى أهلهم وذويهم، ليلتئم شمل الوطن، ولطي صفحة الماضي والحروب في خطوة صحيحة وحقيقية للمصالحة الوطنية».
وفيما أعلنت القبيلة أمس، الإفراج عن اثنين من أبنائها هما عطية إمجاهد صالح القذافي وجاد الله الفايدي من سجون مدينة مصراتة بعد ما يقارب 10 سنوات من الاعتقال، دعت إلى «سرعة إطلاق باقي السجناء فوراً».
وانتهت القبيلة بالتساؤل: «أي وطن وأي وحدة وبناء تتحدثون عنها والسجان يستمر باعتقال أبناء الوطن من قبائله وتوجهاته كافة دون أي مبرر بعد التئام الحكومات وتوحد مؤسسات الوطن الواحد؟».
وشهدت العاصمة طرابلس خلال الأعوام العشرة الماضية، عمليات خطف وإخفاء واسعة لسياسيين وقضاة وصحافيين وإعلاميين ومواطنين، وسط تنديد منظمات أممية ودولية.
وسبق للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن رصد في تقرير قدمه إلى مجلس الأمن العام الماضي، وجود نحو 8500 شخص محتجز في 28 سجناً رسمياً تشرف عليها وزارة العدل بحكومة «الوفاق» المنتهية الصلاحية، 60% منهم رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة، بينهم عدد من النساء، علماً بأن سلطات طرابلس أطلقت سراح عدد من السجناء خلال الأشهر الماضية.
وطالب أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، حكومة «الوحدة الوطنية» بـ«إعطاء الأولوية للإفراج عن جميع المحتجزين والمعتقلين قسراً بشكل غير قانوني في عموم البلاد، سواء في مراكز الاحتجاز الرسمية التابعة لوزارة الداخلية أو الأجهزة الأمنية التابعة لرئاسة الوزراء أو في أماكن الاحتجاز السرية التي تديرها جماعات مسلحة».
في السياق ذاته، دخلت البعثة الأممية لدى ليبيا على خط المطالبة بالإفراج عن المعتقلين سواء الذين تم توقيفهم بشكل تعسفي مؤخراً، أو الذين غُيِّبوا عن الحياة، ودعت البعثة، في بيان أصدرته مساء أول من أمس، حكومة «الوحدة الوطنية» إلى «إعطاء الأولوية للإفراج عن جميع الأشخاص المحتجزين بشكل غير قانوني في ليبيا سواء في مراكز الاحتجاز الرسمية أو في أماكن الاحتجاز السرية التي تديرها جماعات مسلحة».
كما عبّرت البعثة الأممية عن قلقها بشأن عبد الخالق محمد مصباح إبراهيم، أحد مسؤولي المصرف الليبي الخارجي، الذي قالت إنه «اعتُقل بشكل تعسفي في وسط طرابلس في التاسع من فبراير (شباط) الماضي، من جماعة مسلحة، حسب مزاعم، ولا يزال مصيره مجهولاً».
وناشدت البعثة السلطات القضائية «التدخل الفوري والإفراج عن إبراهيم، أو تقديمه لمحكمة مختصة دون تأخير تماشياً مع الالتزامات الوطنية لليبيا والتعهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان».
كانت وزارة العدل في حكومة «الوحدة الوطنية» قد قالت إنها بصدد تشكيل لجنة لبحث ملف المعتقلين الليبيين في سجون طرابلس قريباً، خصوصاً الموقوفين في سجون سرية خارج إطار الدولة.
في غضون ذلك، أشار تقرير لصحيفة «الإندبندنت» إلى مفاوضات سرّية كان يمكن أن تنقذ حياة العقيد القذافي عام 2011، موضحةً أن جانبَي المفاوضات، من النظام والمعارضة، اتفقا على مقترح ينص على أن يتخلى القذافي عن الحكم ويترك السياسة، على أن تستمر مؤسسات الدولة دون تغيير، إلا أن المفاوضات انهارت وقُتل القذافي خلال فراره من معقله بمدينة سرت.
واتهم وزير الخارجية النرويجي السابق جوناس ستور، وهو الذي توسط في الاتفاق، فرنسا وبريطانيا، بمعارضة الحل التفاوضي، وقال إن «لندن وباريس لم تقبلا الخيار الدبلوماسي الذي كان من الممكن الوصول إليه وتجنب انهيار الدولة الليبية»، حسبما جاء في تقرير لقناة «روسيا اليوم» نقلاً عمّا كشفته «الإندبندنت».
وأشار ستور للصحيفة إلى أن «وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، هيلاري كلينتون، كانت حريصة على التفاوض، ولكن فرنسا وبريطانيا لم تكونا مهتمتين».
على صعيد آخر، تضاربت الأنباء بشأن العثور على 11 جثة في مدينة بنغازي مساء أول من أمس، وُجدت ملقاة في قارعة الطريق إلى جوار مصنع الإسمنت بمنطقة الهواري جنوب المدينة وعليها آثار طلق رصاص في الرأس؛ وفيما تداول مواطنون ليبيون صوراً لعدد من الجثث قالوا إنهم عثروا عليها وبها طلقات رصاص، نفت الغرفة الأمنية المشتركة ببنغازي أمس، هذه الأنباء وعدّتها تستهدف «تضليل الرأي العام لزعزعة استقرار الوضع الأمني في المدينة». وهذه ليست المرة الأولى التي يُعثر فيها على جثث ملقاة في بنغازي، فقد عُثر في يوليو (تموز) 2017 على 14 جثة لأشخاص مقيدي الأيدي، في مكبٍّ للقمامة، إلى جوار مقر صندوق الضمان الاجتماعي ببنغازي، وفي أكتوبر (تشرين الأول) من العام ذاته عُثر على 36 جثة وعليها آثار تعذيب وإطلاق رصاص في شرق بنغازي.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.