وسط ترقب مجتمعي، انطلقت «حكومة الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدُّبيية، عقب أدائها اليمين أمام مجلس النواب الليبي، لتبحث في ملفات عدة خلفتها سابقتها تتعلق بكيفية تسيير حياة المواطنين، وحل أزماتهم خلال مدة ولايتها القصيرة التي تنتهي في الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
الحكومة الجديدة، تتألف من 35 وزيراً، بينهم 6 وزراء دولة، وجميعهم لم يشاركوا في أي حكومات ليبية سابقة، غير أنها لم تنج من «المحاصصة». وهذا ما دفع الدبيبة إلى القول أمام جلسة منح الثقة التي عقدت في مدينة سرت، إنه «ليس مرتاحاً لتشكيل حكومة كبيرة، لكن التوازنات الجغرافية والسياسية في البلاد كانت سبباً في ذلك... لقد فرضت المحاصصة نفسها على تشكيلة الحكومة، وكنت أود حصر الوزراء في عدد أقل».
هذا، ويتمحور تشكيل الحكومة، التي تضم 29 وزارة، على ستة مرتكزات رئيسية، تمثلت وفقاً لرؤية الدبيبة، في «التنوع دون الإخلال بمسألة الكفاءة»، وتمثيل المرأة والشباب، وتحقيق اللامركزية، والإدارة العادلة للثروات.
واستبقى الدبيبة على حقيبة الدفاع لنفسه مؤقتاً لحين الاستقرار على مَن يشغلها؛ نظراً لاشتعال الصراع على هذا المنصب بالذات. واعترف أمام مجلس النواب قائلاً «هناك شبه انسداد في تعيين وزير للدفاع في حكومة الوحدة الوطنية، في ظل وجود صراع محتدم على هذه الحقيبة، إضافة إلى تدخلات خارجية»، لم يسمّها.
لكن من جانب ثانٍ، حظيت المرأة بنصيب وصف بـ«الجيد» من التمثيل الوزاري في هذه الحكومة، فضلاً عن أنها المرة الأولى التي تمسك سيدة ليبية بحقيبة وزارة الخارجية، التي أسندت إلى نجلاء المنقوش، المحامية والناشطة بالمجتمع المدني. والمنقوش العضو في «منبر المرأة الليبية من أجل السلام»، وهي تنتمي إلى مدينة بنغازي، وتُدرّس حالياً أسس العدالة التصالحية والتوعية بالتأهيل النفسي عقب الحروب والنزاعات المسلحة، بجانب أنها طالبة دكتوراه.
وإلى جانب المنقوش، اختيرت أربع نساء أخريات لشغل حقائب وزارية، وهنّ: وفاء أبو بكر محمد الكيلاني لوزارة الشؤون الاجتماعية، ومبروكة توفي أوكي لوزارة الثقافة والتنمية المعرفية، وحورية خليفة ميلود الطرمال لوزارة الدولة لشؤون المرأة، وحليمة إبراهيم البوسيفي لوزارة العدل؛ والأخيرة عملت قاضية في عدد من الدوائر قبل أن تترأس دائرة استئنافية بالمحكمة الابتدائية في ليبيا. وعبرت الزهراء لنقي، الناشطة الليبية عضو «ملتقى الحوار السياسي»، عن سعادتها لما وصفته بـ«اللحظة الفارقة» في تاريخ المرأة الليبية باعتلائها منصب الخارجية لأول مرة في تاريخ الدولة الليبية، مهنئة «كل النساء الليبيات على هذا المنجز».
من جهته، رد المتحدث باسم الحكومة الجديدة محمد حمودة، على أن بعض المناطق لم تُمثّل بها، وقال إن تشكيل الحكومة جرى وفق اختيار ممثلين عن الدوائر الـ13 في ليبيا، بجانب وجود ستة وزراء دولة يعتبرون مستشارين «ولهم مقعد في مجلس الوزراء». وللعلم، تمكّن الدبيبة من إزاحة فتحي باشاغا، وزير الداخلية السابق بـ«حكومة الوفاق الوطني»، صاحب النفوذ القوي في مدينة مصراتة بغرب البلاد، ليحل بدلاً منه خالد التيجاني مازن، وكيل وزارة الداخلية. وسبق لمازن أن تم تكليفه لفترة وجيزة مهام وزير الداخلية بعد توقيف باشاغا، عن العمل من قبل السراج، والتحقيق معه. أما وزارة حقيبة المالية فقد أسندت إلى الدكتور خالد المبروك عبد الله، الحاصل على درجة الدكتوراه في المحاسبة من جامعة كوينزلاند بأستراليا، والمنتمي لمدينة مُرزُق بجنوب ليبيا. وسبق أن شغل منصب نائب رئيس مجلس الإدارة في مصرف الجمهورية.
وقال سياسي ليبي مقرب من مجلس النواب، إن حكومة «الوحدة الوطنية» «لم يكن لها أن تحصل على ثقة البرلمان لولا أن الدبيبة استجاب لمطالب شخصيات نافذة وتتعلق بتوزير بعض الشخصيات ترضية لبعض مناطق ليبيا، ونرجو من الله أن ينجح في مهمته».
حكومة «الوحدة» الليبية تعبر «نفق الثقة» بـ«المحاصصة»... وتحقق مكاسب للمرأة
حكومة «الوحدة» الليبية تعبر «نفق الثقة» بـ«المحاصصة»... وتحقق مكاسب للمرأة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة