الأكراد و«ثوار الرقة» يستعدون لإطلاق معركة تحرير «تل أبيض» بعد كوباني

تراجع معنويات «داعش» قد يسهم في تسهيل المهمة

الأكراد و«ثوار الرقة» يستعدون لإطلاق  معركة تحرير «تل أبيض» بعد كوباني
TT

الأكراد و«ثوار الرقة» يستعدون لإطلاق معركة تحرير «تل أبيض» بعد كوباني

الأكراد و«ثوار الرقة» يستعدون لإطلاق  معركة تحرير «تل أبيض» بعد كوباني

باتت معركة «تل أبيض» قاب قوسين أو أدنى من الانطلاق في مواجهة «داعش» في موازاة انسحاب التنظيم من ريف حلب، وقد أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن مدينة تل أبيض في الرقة تشكل الهدف المقبل للمقاتلين الأكراد بعد انتصارهم في كوباني (عين العرب) الكردية.
وأكد الناشط أبو محمد من الرقة أن المقاتلين الأكراد و«لواء ثوار الرقة» باتوا على أطراف قرية شلبية التي تبعد نحو 70 كيلومترا عن تل أبيض، وقد يبدأ الهجوم خلال ساعات أو أيام قليلة على أبعد تقدير، مشيرا إلى أن «تل أبيض» الواقعة في شمال الرقة، تحت سيطرة «داعش» بشكل كامل منذ نحو السنة، وكانت المعركة الأخيرة في الرقة قبل بدء معركة كوباني. وأوضح أن تحريرها سيفتح البوابة التركية لعودة عدد كبير من اللاجئين.
وفي حين أشار أبو محمد، الناشط في تجمع «الرقة تذبح بصمت»، أن مقاتلي «داعش» حفروا خندقا بطول 5 كيلومترات من قرية المنبطح باتجاه كوباني، أكد أن معركة تحرير تل أبيض لن تكون كما كوباني، لأن هذه المرة «داعش» في موقع الدفاع وليس الهجوم ومعنويات مقاتليها ضعيفة بعد الهزيمة في كوباني، كما أن عددا منهم انشق والتحق بجبهة النصرة وأحرار الشام، أو انتقل إلى تركيا.
وأضاف: «إذا حصل الأكراد وثوار الرقة على السلاح الثقيل وأصبح هناك تساوٍ في موازين القوى، فلن تكون المعركة طويلة». وفي شريط فيديو أعلن ثوار الرقة أمس تحرير قرية «خانك تحتاني»، ومحاصرة معمل لافارج القريب من قرية الشلبية، وطلبوا من المقاتلين المعارضين في تركيا الالتحاق بصفوفهم. وتعتبر مدينة تل أبيض السورية الواقعة على الحدود مع تركيا، من المدن المهمة لتنظيم داعش المتطرف، وهي معبر حدودي مهم للمقاتلين القادمين من تركيا إلى سوريا.
ولفت أبو محمد إلى أن التحالف الدولي كان قد ضرب مواقع لـ«داعش» في تل أبيض ولا سيما في الأطراف، إضافة إلى مبنى المحكمة ومبنى الحسبة، ويوم أمس استهدف أطراف قرية الشلبية.
ونقلت وكالة الأنباء الكردية «ara news» عن مصادر من داخل مدينة تل أبيض، أن التنظيم قام بحفر وبناء سواتر ترابية عند أطراف المدينة، إضافة إلى قرى خان، سليب، قران وأحمدية غربي المدينة، حيث تقترب المعارك من تلك القرى».
ونقلت الوكالة عن ناشط في الرقة قوله «إن التنظيم يلجأ إلى عمليات تمويه لتجنب طيران التحالف بالريف الغربي»، مشيرا إلى أنه قام بتوزيع ألبسة عسكرية خاصة بوحدات حماية الشعب «YPG» على بعض من عناصره ليرتدوها في تلك القرى.
في المقابل، لفت الناشط أبو محمد لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «داعش» قد يقوم بهذا الأمر فقط مع مقاتليه خلال تنفيذهم لعملية معينة، مستبعدا أن يقوم بتوزيع البذلات على جميع مقاتليه. وكان تنظيم «داعش» قد بدأ بسحب عدد من مقاتليه وعتاده من مناطق شمال شرقي مدينة حلب السورية، ورأت مصادر ميدانية أن هذا الانسحاب هو نتيجة النقص الكبير في أعداد عناصر داعش جراء المعارك التي خاضها في الفترة الأخيرة وتسببت له في خسائر كبيرة في العناصر والعتاد، إضافة إلى غارات التحالف لمواقعهم وحالات الفرار والهروب التي شهدها التنظيم في صفوفه.
وبحسب المصادر فإن تنظيم داعش يهدف بانسحابه من ريف حلب إلى تقليل خسارته وتجميع ما تبقى من عناصره في منطقة واحدة وهي الرقة والحسكة ودير الزور.
وذكر المرصد أن تنظيم «داعش» أرسل مقاتلين من حلب لتعزيز الصفوف الأمامية مع القوات الكردية وجماعات المعارضة السورية المتحالفة التي استغلت هزيمة التنظيم في كوباني لشن هجمات جديدة ضده.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.