«المركزي» التركي يسعف الليرة بتشديد غير متوقع

رفع الفائدة إلى 19% لمواجهة مخاطر التضخم

ارتفعت الليرة التركية تفاعلاً مع رفع أكبر من المتوقع لسعر الفائدة (رويترز)
ارتفعت الليرة التركية تفاعلاً مع رفع أكبر من المتوقع لسعر الفائدة (رويترز)
TT

«المركزي» التركي يسعف الليرة بتشديد غير متوقع

ارتفعت الليرة التركية تفاعلاً مع رفع أكبر من المتوقع لسعر الفائدة (رويترز)
ارتفعت الليرة التركية تفاعلاً مع رفع أكبر من المتوقع لسعر الفائدة (رويترز)

واصل البنك المركزي التركي مسيرة تشديد سياسته النقدية التي بدأها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقرر رفع سعر الفائدة الرئيسي بواقع 2 في المائة بأعلى من المتوقع؛ بالنظر إلى المخاوف المتصاعدة بسبب ظروف الطلب المحلي وارتفاع أسعار الصرف والأسعار المواد الغذائية الأساسية التي تؤثر سلباً على سلوك التسعير وتوقعات التضخم، بينما تفاعلت الليرة التركية مع القرار واستردت بعض خسائرها.
وأعلن البنك، في بيان أصدره عقب اجتماع لجنة السياسة النقدية أمس (الخميس)، رفع سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو) المعتمد كأساس لأسعار الفائدة من 17 إلى 19 في المائة، قائلاً إنه تقرر رفع سعر الفائدة الرئيسي مع تأكيد إجراء تشديد نقدي قوي إضافي بالنظر إلى المخاطر المتصاعدة.
ولفت البيان إلى تحسن توقعات النمو العالمي وارتفاع أسعار السلع العالمية نتيجة التطورات الإيجابية التي شهدتها السياسات النقدية والمالية التوسعية وعملية التطعيم ضد وباء كورونا، مضيفاً أن تخفيف القيود والتدابير الخاصة بمكافحة انتشار الفيروس في تركيا أسهم في تنشيط سير النشاط الاقتصادي بشكل قوي.
وتوقع البيان زيادة في النشاط الاقتصادي في قطاع الخدمات والقطاعات ذات الصلة بالتزامن مع تخفيف القيود، مشيراً إلى أن النمو المرتفع للقروض إلى جانب الطلب المحلي القوي يسهم في التأثير سلباً على ميزان الحساب الجاري نتيجة ارتفاع أسعار الواردات.
وأضاف أن ظروف الطلب المحلي وارتفاع أسعار الصرف والأسعار الدولية للأغذية الأساسية، تؤثر سلباً على سلوك التسعير وتوقعات التضخم، مشدداً على أن البنك المركزي سيواصل استخدام موقفه النقدي الحازم لفترة طويلة مع مراعاة جميع العوامل المؤثرة على التضخم، إلى أن تتشكل مؤشرات قوية تدل على تراجع التضخم واستقرار الأسعار.
وأدى رفع سعر الفائدة بما يفوق التوقعات إلى ارتفاع مؤشر بورصة إسطنبول خلال التعاملات 0.6 في المائة عند الساعة 1115 بتوقيت غرينتش، إضافة إلى ارتفاع عائد أسهم البنوك بنحو 3 في المائة.
واستجابت الليرة التركية مع القرار، وتراجع سعر صرف الدولار من 7.48 إلى 7.32 ليرة تركية، متأثراً برفع سعر الفائدة، لتربح الليرة 2.2 في المائة مقابل الدولار، كما تراجع اليورو بنسبة 2.3 في المائة إلى 8.78 ليرة مقابل أكثر من 9 ليرات في تعاملات مساء أول من أمس.
وكشف محللون عن أن البنك المركزي دعم أصول الليرة التركية من خلال اتخاذ خطوات لتشديد السياسة النقدية ضد الضغوط التضخمية.
وكانت الليرة التركية تراجعت قبل قرار البنك المركزي بشأن الفائدة، حيث كان متوقعاً أن يرفع سعر الفائدة الرئيسي 1 في المائة إلى 18 في المائة، لكنه رفع السعر 2 في المائة ليؤكد التزامه بتطبيق سياسة مشددة من أجل خفض التضخم، الذي سجل 15.61 في المائة نهاية الشهر الماضي.
وزادت التوقعات برفع جديد لسعر الفائدة، بعد أن خسرت الليرة ما يصل إلى 10 في المائة منذ منتصف فبراير (شباط)، إذ زادت العوائد على سندات الخزانة الأميركية.
ويواجه البنك المركزي التركي أكبر اختبار لمصداقيته منذ تعيين رئيسه الجديد ناجي إقبال في أوائل نوفمبر الماضي.
ويبلغ متوسط سعر الفائدة على الودائع بالليرة التركية لمدة شهر واحد 15.6 في المائة سنوياً، وفقاً لبيانات البنك المركزي، مما يوفر عوائد ضئيلة للمستثمرين لتحمل مخاطر العملة المحلية. وبلغ المعدل 16.1 في المائة في بداية العام. بينما يبلغ عائد الاحتفاظ بالنقد في حسابات الودائع بالليرة لمدة لا تقل عن 3 أشهر 17.3 في المائة سنوياً.
وسجلت الليرة التركية أدنى مستوياتها على الإطلاق عند 8.58 ليرة للدولار في بداية نوفمبر. وارتفعت إلى 6.88 مقابل الدولار بحلول منتصف فبراير.
ويرى محللون أن البنك المركزي يحتاج أيضاً إلى رفع أسعار الفائدة لإظهار قدرته على العمل دون تدخل سياسي، وذلك في مواجهة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي يعد من أشد المعارضين لأسعار الفائدة المرتفعة، لاعتقاده، خلافاً للنظريات الاقتصادية المتعارف عليها، بأن الفائدة المرتفعة هي سبب ارتفاع التضخم. ولهذا السبب أقال اثنين من رؤساء البنك المركزي في أقل من عامين، معلناً نفسه «عدواً» للفائدة. ويريد المستثمرون طمأنة بشأن التدخل السياسي في السياسة النقدية للبنك المركزي ورؤية استقلاليته.



فوز ترمب يعيد رسم خريطة الأسواق

شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

فوز ترمب يعيد رسم خريطة الأسواق

شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

ارتفعت مؤشرات «وول ستريت» الرئيسية إلى مستويات قياسية جديدة يوم الأربعاء، بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2024، بعد 4 سنوات من خروجه من البيت الأبيض.

مع هذا الفوز، تتوقع الأسواق الاقتصادية الأميركية موجة من التعديلات الكبرى، تشمل تخفيضات ضريبية، وتخفيف القيود التنظيمية، وتطبيق سياسات قد تعيد هيكلة المشهد الاقتصادي الأميركي.

في الوقت نفسه، يترقب المستثمرون تأثير السياسات المحتملة لترمب على الأسواق، من بينها احتمالات زيادة التعريفات الجمركية التي قد تؤدي إلى تفاقم التضخم والعجز. ونتيجة لذلك، شهدت أسواق الأسهم قفزات ملحوظة، مع ارتفاع العوائد على السندات الأميركية، وصعود «بتكوين» إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، كما عزّز الدولار من موقعه في الأسواق العالمية.

قفزات ملحوظة للأسواق الأميركية

مع بداية يوم التداول، شهدت أسواق الأسهم الأميركية قفزات قوية، حيث سجّل مؤشر «داو جونز» الصناعي زيادة قدرها 1190 نقطة، ما يعادل 2.82 في المائة ليصل إلى 43412.81 نقطة.

كما سجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعاً بنسبة 1.62 في المائة، بينما ارتفع مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 1.69 المائة.

وأوضح المحلل الأول في شركة «تريد نيشن»، ديفيد موريسون، أن الأسواق شعرت «بارتياح» نتيجة للنتيجة السريعة والواضحة للاقتراع، وهو ما ساهم في تعزيز الثقة بشكل كبير.

كما حقّق مؤشر «راسل 2000» للأسهم الصغيرة أكبر المكاسب بين المؤشرات الرئيسية، حيث ارتفع بنسبة 4.1 في المائة ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 3 سنوات.

ويتوقع المستثمرون أن تستفيد الشركات المحلية من بيئة تنظيمية وضريبية أكثر تساهلاً، بالإضافة إلى أن هذه الشركات ستكون أقل تأثراً بالتعريفات الجمركية التي قد يتم فرضها على الواردات الأجنبية.

كما انخفض مؤشر الخوف، الذي يقيس تقلبات السوق، بما يقارب 5 نقاط، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ سبتمبر (أيلول). وقبل النتائج، كان المستثمرون يستعدون لعدة أيام من عدم اليقين بشأن من سيفوز في الانتخابات.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «سي إف آر إيه»، سام ستوفال: «مع احتمال زيادة التحفيز وتخفيف القيود أو اللوائح على الصناعات، قد نرى السوق تحقق انتعاشاً قوياً بين الآن ونهاية العام».

وشهدت الأسهم المرتبطة بسياسات ترمب القوية خلال ولايته الثانية مكاسب كبيرة، حيث ارتفعت أسهم مجموعة «ترمب ميديا» بنسبة 16 في المائة.

متداول يرتدي قبعة ترمب في قاعة بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

الذهب يتراجع والدولار يقوي من موقفه

على الرغم من المكاسب التي حقّقتها أسواق الأسهم والعملات المشفرة، فإن الذهب الذي يعدّ ملاذاً آمناً للمستثمرين في أوقات عدم اليقين شهد انخفاضاً حاداً.

فقد انخفض سعر الذهب بنسبة تزيد عن 3 في المائة ليصل إلى أدنى مستوى له في 3 أسابيع، في وقت توجه فيه المستثمرون نحو الدولار الأميركي الذي شهد ارتفاعاً هو الأكبر له في يوم واحد منذ يونيو (حزيران) 2016.

ويرى كثير من المستثمرين أن السياسات الاقتصادية لترمب قد تساهم في تحفيز الاقتصاد الأميركي، ما يؤدي إلى تعزيز قوة الدولار.

كما أن احتمالات فرض زيادة في التعريفات الجمركية وارتفاع التضخم قد يؤديان إلى رفع عوائد السندات الأميركية، وهو ما يضغط على الذهب.

المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب يلوح بيده في فعالية بيتكوين 2024 في ناشفيل 27 يوليو 2024 (رويترز)

قطاعا البنوك والمالية في الصدارة

ارتفعت معظم قطاعات مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، حيث قادت المالية المكاسب بزيادة قدرها 5.1 في المائة لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، في ظل ارتفاع العوائد وتوقعات بفوائد أقل من اللوائح.

كما سجّلت أسهم البنوك الكبرى مكاسب ملحوظة. وارتفعت أسهم «جيه بي مورغان تشيس» بنسبة 8.3 في المائة، في حين زادت أسهم القطاع المالي في «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 5.1 في المائة، وهي الزيادة الأكبر بين 11 قطاعاً ضمن المؤشر.

ويعزى هذا الارتفاع إلى التفاؤل بنمو اقتصادي أقوى، ما سيساهم في زيادة الطلب على القروض والتمويل، وكذلك تخفيف اللوائح التي تفرضها الحكومة على القطاع المالي.

«تسلا» وصعود العملات المشفرة

ومن بين الشركات التي استفادت بشكل خاص من فوز ترمب، برزت أسهم «تسلا»، التي ارتفعت بنسبة 15.1 في المائة، ما يعكس الثقة المتزايدة في الشركة تحت قيادة ترمب.

ويرتبط هذا الصعود أيضاً بدعم الرئيس التنفيذي إيلون ماسك لترمب في الحملة الانتخابية الأخيرة.

في المقابل، انخفضت أسهم منافس تسلا «ريفيان» بنسبة 7.3 في المائة، في حين كانت أسهم «تسلا» تواصل تقدمها نحو آفاق جديدة.

ومن المتوقع أن تحقق «تسلا» مكاسب كبيرة تحت إدارة ترمب بسبب حجمها، مع توقعات بأن الإعانات الموجهة للطاقة البديلة والسيارات الكهربائية قد تكون مهددة.

وبينما سيكون هذا الأمر سلبياً بشكل عام للصناعة كلها، فإنه قد يعطي «تسلا» ميزة بفضل حصتها في السوق.

في المقابل، هبطت أسهم الشركات المنافسة في قطاع السيارات الكهربائية بشكل حادّ يوم الأربعاء.

وفي قطاع العملات المشفرة، أعلن ترمب عزمه جعل الولايات المتحدة «عاصمة العملات المشفرة في العالم»، ما عزّز من قيمتها في الأسواق.

وسجّلت عملة «بتكوين» أعلى مستوى لها على الإطلاق، متجاوزة حاجز 75000 دولار، كما شهدت العملات المشفرة الأخرى مثل «دوجكوين» مكاسب ملحوظة.

وارتفعت أسهم شركات مثل «كوينباس» بنسبة 19.4 في المائة.

التضخم والفائدة

بينما يترقب المستثمرون ما سيسفر عنه قرار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، حيث من المتوقع أن يتم تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، فإن سياسات ترمب قد تؤدي إلى ضغط إضافي على التضخم، خاصة في ظل احتمالات رفع التعريفات الجمركية.

وتشير التوقعات إلى أن هذه السياسات قد ترفع العوائد على السندات الأميركية، حيث ارتفعت عوائد السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.47 في المائة، من 4.29 في المائة، في أواخر يوم الثلاثاء، وهو تحرك كبير لسوق السندات. كما أنها ارتفعت بشكل ملحوظ منذ أغسطس (آب)، عندما كانت دون 4 في المائة.