«لقاء تهدئة» بين عون والحريري... واتفاق على موعد آخر الاثنين

لم يخرج بجديد مع استمرار السجال بين فريقيهما

من لقاء الرئيسين عون والحريري أمس (دالاتي ونهرا)
من لقاء الرئيسين عون والحريري أمس (دالاتي ونهرا)
TT

«لقاء تهدئة» بين عون والحريري... واتفاق على موعد آخر الاثنين

من لقاء الرئيسين عون والحريري أمس (دالاتي ونهرا)
من لقاء الرئيسين عون والحريري أمس (دالاتي ونهرا)

لم يخرج اللقاء الـسابع عشر بين الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بأي جديد سوى محاولة التهدئة بين الطرفين وتحديد موعد للقاء جديد الاثنين المقبل، حيث من المفترض أن تكون هناك «إجابات حول كيفية الوصول إلى تشكيل حكومة»، بحسب ما قال الحريري متحدثاً عن فرصة للتأليف.
وقالت مصادر مطلعة على اللقاء لـ«الشرق الأوسط»: «إن اللقاء لم يحمل أي جديد سوى كسر الجليد بين الطرفين وعرض كل منهما وجهة نظره من دون الدخول في التفاصيل واتفاق على مزيد من الدرس واستمرار التواصل».
ورفض الحريري ومصادره الإدلاء بأي معطيات إضافية، باعتبار أنه «قال ما لديه وهو على موقفه من حكومة اختصاصيين من 18 وزيراً، وهو ينتظر عليها إجابات (من عون). لكن مصادر مواكبة للحراك الحاصل قالت لـ(الشرق الأوسط) إن الحريري يترقب ردة فعل الخارج على ما حصل، وأوله كلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن ضرورة تغيير النهج». وأشارت المصادر إلى عودة الحرارة للحراك الفرنسي، مترافقاً مع جس نبض تقوم به السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا التي تجري لقاءات بعيداً عن الأضواء لمتابعة هذه التطورات.
وبعد اللقاء، قال الرئيس المكلف: «تشرفت بلقاء رئيس الجمهورية بعد فترة طويلة، وتحدثت معه عن تطلعاتي بشأن الحكومة، على أن تكون مؤلفة من 18 وزيراً من الاختصاصيين، لكي ننتشل البلد من الأزمة الاقتصادية التي يغرق فيها. ففي نهاية المطاف، الهدف الأساسي من أي حكومة هو وقف الانهيار الذي نواجهه اليوم». وأكد «أن الهدف الرئيسي من أي حكومة هو السير بداية بوقف الانهيار من خلال برنامج صندوق النقد الدولي وأن نعيد ثقة المجتمع الدولي بالبلد».
وتحدث الحريري عن تهدئة بين الطرفين قائلاً: «ربما رأى اللبنانيون بالأمس اصطداماً بين رئاستي الجمهورية والحكومة، وقد أتيت اليوم لكي نحاول التخفيف من هذا الاصطدام ونعمل على تهدئة الأمور، وكما كنت دائماً صريحاً معكم، سأبقى كذلك وسأقول لكم في كل لحظة ما الذي يحصل».
وشهد يوم أمس بعض الاتصالات السياسية قبيل موعد لقاء عون - الحريري، وأُعلن منها اجتماع مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم بالرئيس ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري، بينما كان لافتاً البيان الذي أصدرته الرئاسة حول تحديد الموعد متضمناً رسالة مسبقة للحريري؛ حيث أشارت إلى «أن رئاسة الجمهورية تعول على الحس بالمسؤولية الوطنية لدى الرئيس المكلف، فيأتي حاملاً تصوراً لتشكيل حكومة تراعي مقتضيات التوازن والميثاقية والاختصاص، مستخلصاً ذلك عبر أشهر التكليف الخمسة».
في موازاة ذلك، لم تكن الأجواء السياسية خلال النهار، ولا سيما من قبل الفريقين الأساسيين، أي التيار الوطني الحر، وتيار المستقبل، توحي بإيجابية ما على خط التأليف قبيل اللقاء.
وقال مستشار الحريري النائب السابق مصطفى علوش لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحريري حاول أن يكون إيجابياً إلى أقصى الدرجات مع الإصرار على تشكيل حكومة من المستقلين غير الحزبيين ومن دون ثلث معطل لأي طرف»، مؤكداً «في الوقت عينه للرئيس عون أن تأليف الحكومة والوصول إلى نتيجة يحتاج إلى حسن النية، ولفت إلى أن محاولة الحريري ارتكزت على الطرح الإنساني أكثر منه السياسي، لجهة أهمية تشكيل الحكومة في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان، وكان تريث من قبل الرئيس حيث يفترض أن يظهر شيء ما حتى يوم الاثنين المقبل».
في المقابل، ردّ النائب في «الوطني الحر» سليم عون على من يربط اعتذار الحريري باستقالة عون، قائلاً عبر «تويتر»: «كانوا يريدون التدقيق الجنائي مقابل تشكيل الحكومة، واليوم أصبحوا يريدون استقالة فخامة الرئيس مقابل اعتذار الرئيس المكلف. حلم إبليس بالجنة».
وسجلت مساء أول من أمس ردود فعل على السجال بين عون والحريري، وأسف رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي لكلام عون وطريقة التخاطب التي توجه بها إلى الرئيس المكلف، قائلاً في بيان له: «كنا نتمنى، في هذا الظرف، أن تكون مقاربة فخامته للأمور أكثر منطقية وبما يتناسب مع مصلحة البلد، ولا تكون محكومة بالاعتبارات الشخصية لفخامة الرئيس وفريقه». ودعا «الرئيس المكلف إلى المبادرة هذه المرة أيضاً، وتقديم التشكيلة الحكومية التي يراها مناسبة وفق المعيار الذي وضعه عند تكليفه، وهو تشكيل حكومة اختصاصيين. وليتخذ فخامة الرئيس الموقف الوطني الذي يتناسب مع الأوضاع الخطيرة التي نمر بها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.