الأزمة تفرض مهامّ جديدة على القوى الأمنية

المواد الغذائية المدعومة تسبب إشكالات بين اللبنانيين وتُمنع عن السوريين

TT

الأزمة تفرض مهامّ جديدة على القوى الأمنية

فرضت الأزمة المعيشية التي يمر بها لبنان مشهداً أمنياً غير معتاد، إذ بات من الطبيعي أن تجد عناصر أمنية تُنظم شراء المواد الغذائية، وأخرى تقف على أبواب محال بيع هذه المواد، بعدما تحولت خلال الأسابيع الماضية إلى نقاط، تشهد بشكل شبه يومي إشكالات بين المواطنين أنفسهم، أو بين لبنانيين وسوريين، على خلفية الأحقية في الحصول على المواد المدعومة.
وانتشر أمس مقطع فيديو، قيل إنه في بلدة عمشيت (جبل لبنان) يظهر فيه مواطن لبناني يصرخ اعتراضاً على إعطاء البضائع المدعومة للسوريين، ويطالب بمنع من ليس لديه هوية لبنانية من دخول السوبرماركت، ويشير تداول الفيديو إلى حدوث إشكال بين لبنانيين وسوريين في البلدة، على خلفية أحقية الحصول على مواد مدعومة. وكان انتشر أيضاً قبل أيام مقطع فيديو يُظهر عناصر أمنية في أحد محال بيع مواد غذائية يطلبون البطاقات الشخصية من الأشخاص الذين يريدون شراء أرز مدعوم، انطلاقاً من حصر المواد المدعومة بالمواطنين. ولا يعد وجود عناصر أمنية في محال بيع المواد الغذائية خارج المهام التي تناط بهذه العناصر عادة، والتي تأتي تحت عنوان حفظ الأمن حسب ما يشير عضو لجنة الدفاع الوطني والداخلية النيابية النائب وهبي قاطيشا، لكن هذا المشهد بالتأكيد يعتبر مؤشراً سلبياً لما وصلت إليه الأوضاع في لبنان، بسبب سوء إدارة الأزمات، ولا سيما الاقتصادية منها، فبدلاً من أن تكون هذه العناصر تلاحق المخاطر الأمنية الكبيرة باتت تعالج إشكالات بين مواطنين على خلفية عبوة زيت أو كيس حليب.
ورأى قاطيشا في حديث مع «الشرق الأوسط» أنه عادة ما تضطر عناصر الأمن إلى التدخل بهذه الطريقة عندما تخاف السلطة الحاكمة من فوضى تسبب بها الأزمات الاقتصادية، وهذا الأمر حصل ويحصل في جميع الدول التي تشهد أزمات اقتصادية، مشيراً إلى أن هذا المشهد للعناصر الأمنية قد يتسع إذا لم يتم تشكيل حكومة تقوم بإصلاحات تنعكس على الوضع المعيشي سريعاً.
وكان انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية مقطع فيديو يظهر عناصر من الجيش اللبناني، يغلقون سوبرماركت، وأكثر من مقطع يُظهر عناصر من أمن الدولة يشرفون على بيع مواد غذائية مدعومة، فضلاً عن تدخل عناصر أمنية لفض أكثر من إشكال، في عدد من نقاط بيع مواد غذائية، في أكثر من منطقة لبنانية.
ومع بداية الأزمة، وبعدما فرضت المصارف سقوف سحب للمودعين، انتشرت عناصر من قوى الأمن على أبواب عدد من المصارف منعاً لحدوث إشكالات بين المواطنين والموظفين، ومع أزمة شح الدواء طالبت الصيدليات بحمايتها بعد حدوث أكثر من اعتداء عليها، كما تكرر الأمر نفسه مع المستشفيات، بعدما وصلت إلى طاقتها الاستيعابية، بسبب ارتفاع أعداد إصابات «كورونا» خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين.
وكانت مديرية الأمن العام كلفت بالإشراف على توزيع المازوت من إحدى مصافي النفط على المحطات منعاً لاحتكاره أو تهريبه، كما كلف الجيش اللبناني بمهمة توزيع مساعدات مالية، منحتها الحكومة للأسر الأكثر فقراً، فضلاً عن مهمة توزيع التعويضات على المتضررين من انفجار مرفأ بيروت.
ويقول مصدر أمني إنه لا يتم تخصيص عناصر لمحال بيع المواد الغذائية أو غيرها، لكن هناك دوريات موجودة على الأرض، وعند حصول أي إشكال قريب منها تتدخل لفضّه وهذا ضمن مهامها، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنه من الطبيعي أن يتدخل الجيش، ولو لم تكن هذه الأمور من صلب مهامه، لأنه مؤتمن على السلم الأهلي والاستقرار.



اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.