«الفرقة الرابعة» تفجّر منزل قيادي معارض في درعا

بعد مقتل 21 عنصراً منها في كمين الثلاثاء الماضي

TT

«الفرقة الرابعة» تفجّر منزل قيادي معارض في درعا

أقدم عناصر من «قوات الغيث»، أحد أهم تشكيلات «الفرقة الرابعة» التي يقودها اللواء ماهر شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، على تفجير منزل القيادي السابق في الفصائل المعارضة بدرعا جنوب البلاد، أبو طارق الصبيحي، المسؤول عن الكمين الذي أودى بحياة 21 عنصراً من قوات النظام و«الفرقة الرابعة».
واستفاقت مناطق ريف درعا الغربي، صباح الثلاثاء، على اشتباكات بين مجموعات محلية وقوات من «الفرقة الرابعة» بين بلدتي اليادودة والمزيريب، تخللها قصف بقذائف الهاون، حيث استهدف مجهولون رتلاً عسكرياً تابعاً لـ«الفرقة»، أدى إلى قتل 21 عنصراً من «قوات الغيث» في ريف درعا الغربي، على الطريق الواصل بين بلدتي اليادودة والمزيريب.
وتشهد المنطقة الغربية من درعا حالة من التوتر منذ دخول رتل عسكري تابع لـ«الفرقة»، مساء الثلاثاء، التابعة لـ«قوات الغيث» التي يقودها العميد غياث دلة من مرتبات اللواء 42، التابع للفرقة الرابعة، ودخلت المنطقة الغربية، وعززت نقاطها وحواجزها المنتشرة سابقاً في المنطقة، بدءاً من ضاحية درعا وصولاً إلى الحاجز العسكري عند مؤسسة الري.
وهددت «الفرقة الرابعة»، قبل شهرين، باقتحام مناطق في ريف درعا الغربي، وشهدت المنطقة وصول تعزيزات كبيرة لمحيط مدينة طفس، وبعد جولات تفاوضية بين اللجنة المركزية للتفاوض في درعا وضباط من «الفرقة»، وبحضور الجانب الروسي، انتهت حالة التصعيد في المنطقة، حيث اتفقت حينها الأطراف على إلغاء طرح تهجير 6 من أبناء المنطقة الغربية كانت الفرقة الرابعة مطالبة بتسليمهم أو ترحيلهم إلى الشمال السوري، وبقائهم بضمان العشائر في المنطقة باستثناء محمد الصبيحي، المطلوب أساساً للجنة المركزية ولعدم معرفة مكانه. وتعهدت العشائر بـ«عدم ممارسة المطلوبين لأعمال مناهضة للدولة».
ووافقت اللجنة المركزية حينها على دخول قوات النظام إلى بعض مناطق ريف درعا الغربي وإجراء تفتيش روتيني، بحضور أعضاء اللجنة، وقوات من «الفيلق الخامس» الذي تشرف عليه روسيا جنوب سوريا، والمشكل من فصائل المعارضة سابقاً في جنوب سوريا في عام 2018. وتعهد حينها قائد القوات الروسية في جنوب سوريا بمنع أي عملية اقتحام وتصعيد عسكري في مناطق ريف درعا الغربي إذا التزمت الأطراف بالاتفاق.
ولا تزال منطقة اتفاق التسوية جنوب سوريا تشهد حالة من الانفلات الأمني وعمليات الاغتيال، حيث قُتل اثنان وجُرح آخرون من قوات النظام السوري، الأربعاء، بعد استهداف سيارة كانت تقلهم على طريق المستشفى الوطني في مدينة جاسم شمال درعا، في حين أقدم مجهولون على اغتيال موسى الزعبي، متزعم مجموعة محلية في بلدة الطيبة بريف درعا الشرقي تعمل لصالح الأمن العسكري في درعا.
ووفقاً لمصادر محلية، فإن اشتباكات عنيفة اندلعت، صباح الثلاثاء، بين بلدتي اليادودة والمزيريب عند منطقة ضاحية المزيريب غربي درعا، بعد وقوع رتل لـ«الفرقة» بكمين أعده مجهولون أثناء توجه قوات «الرابعة» إلى مقر محمد الصبيحي.
وأضافت المصادر أن الاشتباكات حصلت باستخدام أسلحة خفيفة ومتوسطة وقذائف دبابات، سقطت في محيط المنطقة التي جرت فيها الاشتباكات، تبعها استنفار عسكري لقوات النظام السوري في المنطقة الغربية من درعا، واستقدام تعزيزات عسكرية إلى مؤسسة الري التي تسيطر عليها قوات «الرابعة» قرب بلدة اليادودة، وإغلاق الطرقات الرئيسية، والحواجز العسكرية بشكل تام، في ريف درعا الغربي.
ونعت وسائل إعلام تابعة للنظام السوري وصفحات تابعة لـ«الفرقة»، عبر منصات التواصل الاجتماعي، 21 عنصراً من قوات الغيث في ريف درعا الغربي، بينهم ثلاثة قياديين وضابط برتبة نقيب.
وقال ناشطون في ريف درعا الغربي إن قوات «الفرقة» كانت متجهة لاعتقال الصبيحي، وإن المسلحين الذين استهدفوا القوات تابعون للصبيحي، وأعدوا لهم كميناً عند وصولهم إلى مقر قائدهم.
والصبيحي هو من أبرز الشخصيات المطلوبة والملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية واللجنة المركزية في درعا، بعد حادثة قتله لتسعة عناصر من الشرطة المدنية في بلدة مزيريب قبل شهر مايو (أيار) من العام الماضي، وهو متوارٍ عن الأنظار منذ ذلك الوقت، ومتهم أيضاً باستهداف مجموعة من أعضاء اللجنة المركزية في درعا، واستُثني من الاتفاق الأخير الذي حصل بين اللجنة المركزية للتفاوض في درعا و«الفرقة الرابعة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.