يشكك كثيرون من الجماهير والمحللين في أهمية البيانات والإحصائيات التفصيلية في عالم كرة القدم، مثل الإحصائيات الخاصة بالأهداف المتوقعة، لكن الغريب أن الأشخاص أنفسهم الذين يثيرون الشكوك حول الإحصائيات والمقاييس الجديدة هم أنفسهم من يتقبلون -وبكل سعادة- في كثير من الأحيان إحصائيات وأرقام أخرى تبدو جيدة في ظاهرها! ومن بين الإحصائيات التي يتم تقديمها غالباً من دون أي سياق حقيقي تلك المتعلقة بنظافة الشباك، لكن إذا كنا نريد حقاً معرفة مدى قوة وبراعة حراس المرمى، فإن هذا المقياس بالتحديد يتطلب مزيداً من الدراسة والتمحيص.
وبالنظر إلى أن الإحصائيات المتعلقة بحراس المرمى ضعيفة نسبياً، قياساً بالإحصائيات الخاصة باللاعبين الذين يلعبون في مراكز أخرى داخل الملعب، لا يزال بعضهم ينظر إلى الإحصائيات الخاصة بالشباك النظيفة على أنها أفضل مؤشر على أداء حراس المرمى. ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أنه يتعين علينا النظر إلى هذه الإحصائية ببساطة بصفتها تعكس مقدار العمل الذي يتعين على حارس المرمى القيام به من أجل الخروج بشباك نظيفة. وسنفعل ذلك هنا من خلال النظر في عدد التصديات التي يجب أن يقوم بها حارس المرمى حتى يُبقي لاعبي الفريق المنافس بعيداً عن مرماه.
تشير الأرقام والإحصائيات إلى أن أكثر من 10 في المائة من الشباك النظيفة في الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا هذا الموسم (74 من أصل 699) قد حدثت من دون أن يتصدى حارس المرمى لأي هجمة. وكما هو متوقع، فإن بعض حراس المرمى الذين سجلوا أكبر عدد من الشباك النظيفة هذا الموسم فعلوا ذلك رغم أنهم تصدوا لعدد قليل نسبياً من الهجمات، ولعل أبرز مثال على ذلك هو حارس مرمى تشيلسي الجديد، إدوارد ميندي، الذي ساعد على تطور الأداء الدفاعي لفريقه، لكن في الحقيقة يتعين عليه أن يشكر المدافعين الذين يلعبون أمامه، والذين يقدمون له الحماية بشكل رائع.
لقد كانت المباراة التي فاز فيها تشيلسي على إيفرتون بهدفين دون رد في المرحلة السابعة والعشرين هي المباراة رقم (13) التي يخرج فيها ميندي بشباك نظيفة في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، لكنه لم يتصدَ إلا لكرة واحدة فقط خلال تلك المباراة، كانت عبارة عن هجمة على استحياء من أندريه غوميز الذي سدد كرة ضعيفة من على مسافة 20 ياردة. وفي الحقيقة، يستحق خط دفاع تشيلسي كثيراً من الثناء على الطريقة الرائعة التي يلعب بها خلال الأشهر القليلة الماضية.
ويكفي أن نعرف أن 5 من أصل المباريات الـ13 التي خرج فيها ميندي بشباك نظيفة لم يتصدَ فيها لأي هجمة على الإطلاق. هذا ليس انتقاد لميندي بكل تأكيد، لأن المطلوب من حارس المرمى أن ينقذ الفرص والتسديدات الخطيرة على فريقه، وأن يعمل على تنظيم خط الدفاع من أمامه ويمنح زملاءه الثقة، لكن كل ما في الأمر أنه يجب وضع هذه الإحصائيات في إطارها الصحيح.
وبطبيعة الحال، فإن حراس المرمى الذين يكون لديهم أكبر عدد من الشباك النظيفة في المباريات يلعبون خلف دفاعات قوية توفر لهم الحماية اللازمة، وهو ما يعني أنه لا يتعين عليهم إنقاذ كثير من الفرص الخطيرة، لكن هذا ليس هو الحال دائماً. ولكي نفهم بشكل أكثر عمقاً كيف يحافظ حراس المرمى على نظافة شباكهم، قمنا بتحليل أداء الـ69 حارس مرمى الذين حافظوا على نظافة شباكهم في 5 مباريات أو أكثر في الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا هذا الموسم، وقياس الإحصائيات الخاصة بالشباك النظيفة في كل مباراة وعدد التصديات في كل مباراة من تلك المباريات.
ونشير إلى أن 6 حراس فقط حافظوا على نظافة شباكهم في 50 في المائة على الأقل من المباريات التي لعبوها مع أنديتهم: ميندي في تشيلسي (57 في المائة)، وإيدرسون في مانشستر سيتي (56 في المائة)، ومايك مينيان في ليل الفرنسي (54 في المائة)، وبيتر غولاكسي في لايبزيغ الألماني (50 في المائة)، وكيلور نافاس في باريس سان جيرمان (60 في المائة)، وإيمي مارتينيز في أستون فيلا (54 في المائة). ولم يكن من الغريب أن نعرف أن هؤلاء الحراس قد تعرضوا لهجمات أو تسديدات أقل من أقرانهم، والدليل على ذلك أن 5 من بين هؤلاء الحراس كانوا أقل من متوسط عدد التصديات لكل مباراة لجميع حراس المرمى هذا الموسم (2.72).
ومن بين هؤلاء الحراس الستة، كان ميندي صاحب أقل عدد من التصديات في المباراة الواحدة عند الحفاظ على نظافة شباكه، بمعدل 1.23 تصدياً فقط في المباراة. لقد أنقذ 16 فرصة فقط في المباريات الـ13 التي لم تهتز فيها شباكه. وفي المقابل، حافظ حارس مرمى وست بروميتش ألبيون، سام جونستون، على نظافة شباكه في 5 مباريات، لكنه أنقذ 21 فرصة في هذه المباريات الخمس فقط (بمعدل 4.2 تصدياً لكل مباراة).
ومع ذلك، يعد حارس المرمى الأبرز في أوروبا هذا الموسم هو حارس مرمى أستون فيلا، مارتينيز، الذي حافظ على نظافة شباكه للمرة الـ14 هذا الموسم ضد وولفرهامبتون في المرحلة السابعة والعشرين، وأذهل الجميع بتصدٍ خرافي، ليساعد فريقه على الخروج بنقطة من هذه المباراة. ومع ذلك، كانت هذه المباراة هادئة، وفقاً لمعاييره الخاصة، حيث لم يتصدَ إلا لفرصتين فقط أمام وولفرهامبتون، وهو ما كان أقل بكثير من متوسط تصدياته البالغ 3.57 تصدياً في كل مباراة من المباريات الـ14 التي حافظ فيها على نظافة شباكه. لقد بلغ عدد التصديات التي قام بها مارتينيز في هذه المباريات الأربعة عشرة 50 تصدياً، قياساً بـ16 تصدياً لميندي في المباريات الـ13 التي حافظ فيها على نظافة شباكه، وهو ما يوجب التركيز حقاً على الغرض من هذا التحليل.
وفي الدوري الإسباني الممتاز، يستحق حارس مرمى أتليتكو مدريد، يان أوبلاك، وحارس مرمى برشلونة، مارك أندريه تير شتيغن، كثيراً من الثناء والتقدير على الأداء الذي يقدمانه هذا الموسم. وعلى الرغم من أنه من الطبيعي أن نتوقع أن يتعرض الحارسان لعدد أقل من الهجمات، قياساً بحراس المرمى الآخرين في المسابقة، فإن الظروف التي يمر بها الناديان كانت تعني أن الأمر لم يكن كذلك هذا الموسم. لقد أصبح أتلتيكو مدريد يلعب بطريقة أكثر هجومية، قياساً بالسنوات الأخيرة، وقد ساعده هذا التحول الخططي والتكتيكي على تسجيل مزيد من الأهداف، وتصدر جدول ترتيب الدوري الإسباني الممتاز، لكن ذلك كان يعني أيضاً وجود مساحات أكبر في خط الدفاع، وبالتالي تعرض حارس المرمى لكثير من الهجمات الخطيرة. وقد اعتمد الفريق كثيراً على يان أوبلاك الذي تصدى لـ37 هجمة في المباريات الـ12 التي حافظ فيها على نظافة شباكه (بمعدل 3.08 تصدياً لكل مباراة). وفي غضون ذلك، وعلى الرغم من تحسن نتائج برشلونة في الدوري الإسباني الممتاز بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، لا يزال الفريق غير مقنع من الناحية الدفاعية، وهو ما يتضح من حقيقة أن تير شتيغن قد أنقذ 3.22 هجمة في المتوسط في المباريات التسع التي حافظ فيها على نظافة شباكه.
وبشكل عام، كان أداء حراس المرمى في الدوري الإنجليزي الممتاز جيداً هذا الموسم. وكان 14 حارساً من بين الـ69 حارساً الذين شملتهم هذه الدراسة أعلى من المتوسط، فيما يتعلق بالإحصائيات الخاصة بعدد المباريات التي خرجوا فيها بشباك نظيفة وعدد التصديات التي قاموا بإنقاذها في تلك المباريات. ويلعب نصف هؤلاء الحراس في إنجلترا. وكان مارتينيز هو الأبرز، لكن نيك بوب وإيلان ميسلير قاما بعمل جيد أيضاً في المباريات التي خرجا فيها بشباك نظيفة، في حين تفوق كل من لوكاس فابيانسكي وهوغو لوريس وروي باتريسيو وجوردان بيكفورد في الإحصائيتين المتعلقتين بعدد المباريات التي خرجوا فيها بشباك نظيفة وعدد التصديات التي قاموا بإنقاذها.
ولا يمكن قول الشيء نفسه عن حارس مرمى ليفربول، أليسون بيكر، الذي انعكست أرقامه على نتائج ومستوى ناديه، حيث لم يحافظ حارس المرمى البرازيلي على نظافة شباكه إلا في 5 مباريات فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، لكنه تصدى لـ16 هجمة في تلك المباريات؛ وهو الرقم نفسه الذي حققه ميندي في 13 مباراة حافظ فيها على نظافة شباكه. إن الموازنة بين هذين الحارسين تسلط الضوء على التحسن الذي طرأ على خط دفاع تشيلسي، في مقابل خط دفاع ليفربول الذي يعاني كثيراً في الفترة الأخيرة.
الشباك النظيفة لا تعكس المستوى الحقيقي لحراس المرمى
المدافعون الذين يقدمون لهم العون بشكل رائع يلعبون دوراً أيضاً في حماية مرماهم
الشباك النظيفة لا تعكس المستوى الحقيقي لحراس المرمى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة