روحاني يحذّر خصوماً في الداخل من «الخيانة»

روحاني يتحدث أمام وسائل الإعلام بينما كانت تهطل الأمطار أمس (الرئاسة الإيرانية)
روحاني يتحدث أمام وسائل الإعلام بينما كانت تهطل الأمطار أمس (الرئاسة الإيرانية)
TT

روحاني يحذّر خصوماً في الداخل من «الخيانة»

روحاني يتحدث أمام وسائل الإعلام بينما كانت تهطل الأمطار أمس (الرئاسة الإيرانية)
روحاني يتحدث أمام وسائل الإعلام بينما كانت تهطل الأمطار أمس (الرئاسة الإيرانية)

في آخر اجتماع للحكومة قبل نهاية السنة الإيرانية الحالية الأحد المقبل، قطع الرئيس الإيراني، حسن روحاني، مسار خطاباته خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، في مخاطبة الرئيس الأميركي الجديد بشأن رفع العقوبات، عبر إحياء الاتفاق النووي، واختار هذه المرة، توجيه رسائل داخلية، حصراً، إذ حذر خصومه من «ارتكاب الخيانة»، بحال عرقلة رفع العقوبات الأميركية.
وطالب روحاني «أقلية»، اتهمها بعرقلة رفع العقوبات بـ«التوبة». وقال إنها «خيانة كبيرة للتاريخ والشعب الإيراني، إذا وضع أي فصيل، فرداً أو جماعة، صخوراً أمام رفع العقوبات حتى لو لساعة واحدة، لأي سبب كان»، لكنه بنفس الوقت قال إن «السبب اليوم هو الانتخابات»، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 يونيو (حزيران)، وذلك دون أن يشير إلى طبيعة الأعمال التي تعرقل جهود حكومته في دبلوماسية الاتفاق النووي. ونسبت «رويترز» إلى روحاني قوله إن «الأقلية الصغيرة التي تعرقل هذا المسار يجب أن توقف عملها الهدام... إذا أوقفته ستتمكن الحكومة من إنهاء العقوبات»، مضيفا: «اليوم الظروف مواتية أكثر من أي وقت مضى لرفع العقوبات»، لافتاً إلى أن الأميركيين مستعدون للعودة للاتفاق لكنه أضاف: «الكلمات لا تكفي... ننتظر الأفعال وليس الأقوال».
وعلى منوال آخر اجتماع للحكومة في نهاية كل عام، وقف روحاني أمام فريقه الوزاري ووسائل الإعلام لإلقاء الكلمة الأسبوعية، بينما تهطل الأمطار في ساحة مكتب الرئاسة.
وكرر روحاني الدفاع عن السياسة الخارجية الإيرانية: «أحرزنا نجاحات دبلوماسية وسياسية خلال ثلاث سنوات من الحرب الاقتصادية». وأشار إلى رفض مجلس الأمن الدولي، تفعيل آلية «سناب بك» التي تقدمت بها الإدارة السابقة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وانتهاء الحظر الأممي على الأسلحة الإيرانية، بموجب الاتفاق النووي، وأشار إلى حكم أولي صدر من محكمة العدل الدولية، ينص على قبول دعوة إيرانية ضد العقوبات الأميركية.
جاءت رسالة روحاني الداخلية، غداة كلمة شبّه فيها سلوك إدارة بايدن بإدارة سلفه ترمب، في ممارسة الضغوط القصوى. وبدا من تصريحات روحاني أنها تؤيد ما قاله وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أول من أمس، في كلمة أمام مجلس الشيوخ الفرنسي عن وجود «مشكلة تكتيكية» و«مسألة داخلية في إيران، لأننا نقترب من الانتخابات الرئاسية (هناك) في يونيو»، تعرقل الجهود الدبلوماسية. وأضاف: «نحن نرسل إشارات إلى الإيرانيين حتى نتمكن من العودة لـ(الاتفاق النووي)، وهو ما سيكون مقدمة لنقاش أوسع يتجاوز خطة الاتفاق (الحالي)، بشأن زعزعة الاستقرار الإقليمي، وكذلك قدرات إيران الصاروخية... العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة هي مجرد نقطة البداية». وفيما بدا رداً سريعاً على رسائل روحاني ولودريان بنفس الوقت، نشر حساب أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني، على موقع «تويتر» المحظور في إيران، تغريدة بثلاث لغات بمضمون واحد، قال فيها: «لن يحدث شيء ما لم تتخذ أميركا إجراءات فعالة في إطار رفع العقوبات الجائرة». وأضاف: «المأزق الحالي ليس تكتيكياً وداخلياً، بل مرتبط باستراتيجية الغرب القسرية».
وأبدت إدارة الرئيس جو بايدن استعدادها للعودة إلى الاتفاق، لكنها اشترطت بداية عودة إيران إلى التزاماتها. في المقابل، تشدد طهران على أولوية رفع العقوبات، لإحياء مباحثات الاتفاق النووي.
قبل ذلك بيومين، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، خلال مؤتمر عبر الفيديو، نظمه مركز السياسة الأوروبية ومقره بروكسل، أنه لم يلحظ تغييراً بين إدارة بايدن وسياسة الضغوط القصوى التي انتهجتها إدارة ترمب لإجبار إيران على العودة إلى طاولة التفاوض للتوصل إلى اتفاق يقيد البرنامج النووي الإيراني لمدى أبعد، ويعالج الأنشطة الإقليمية، المتمثلة برعاية الميليشيات متعددة الجنسيات، ويضبط ترسانتها الصاروخية.
وكرر ظريف موقف طهران من الخطوة الأميركية أولاً برفع العقوبات. وقال إنه لا يرى ضرورة لإجراء محادثات تمهيدية، وإن الولايات المتحدة تتقدم بمطالب لا صلة لها بالموضوع، محذراً من «نفاد الوقت» مع اقتراب إيران من موعد الانتخابات الرئاسية، وقال: «بمجرد أن نتوجه إلى انتخاباتنا فستكون الحكومة بطة عرجاء (بلا نفوذ حقيقي) ولن يكون بمقدورها فعل أي شيء جاد ثم ستكون هناك فترة انتظار لقرابة ستة أشهر». وقال: «نحن مستعدون للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة فور عودة الولايات المتحدة لتنفيذ الاتفاق. الأمر بهذه السهولة. نحن لسنا بحاجة إلى أي مفاوضات إضافية». وكان الاتفاق النووي ثمرة مباحثات بدأت سراً بإشراف «المرشد» علي خامنئي، في زمن الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، قبل أن تظهر للعلن وتتحول لاحقاً إلى السياسة الرئيسية لروحاني الذي حقق فوزاً ساحقاً مرتين متتاليتين في انتخابات الرئاسة، منتصراً على المرشحين المحافظين بوعوده بفتح الاقتصاد الإيراني على العالم الخارجي، والانفتاح الداخلي.
وحسب «رويترز»، فإن المعارضة المحافظة في إيران ترى أن العقوبات الأميركية «دليل على فشل سياسة روحاني المتمثلة في التقارب مع العدو». ورجح تحليل «رويترز» من الأوضاع الحالية الإيرانية، أن «من شأن عدم إحراز تقدم في المسألة النووية أن يهدد فرص تولي سياسي معتدل المسؤولية خلفاً لروحاني رغم أن القرار النهائي بشأن أي مبادرة دبلوماسية يتخذه المرشد الإيراني، وليس الرئيس المنتخب».
وقبل أسبوعين، أبلغ المبعوث الأميركي الخاص بإيران، روب مالي، موقع «أكسيوس» الإخباري، أن الولايات المتحدة لن «تهرع» للتفاوض مع إيران من أجل التوصل بأي ثمن إلى اتفاق حول الملف النووي قبل الانتخابات الإيرانية في يونيو.
وقال المسؤول الأميركي: «لا نعتزم تكييف وتيرة محادثاتنا مع الانتخابات الإيرانية. ما يحدد الوتيرة هو إلى أي مدى يمكننا أن نصل، بما يتوافق مع الدفاع عن مصالح الأمن القومي الأميركي»، وأضاف: «بكلام آخر، لن نسرع الأمور أو نبطئها بسبب الانتخابات الإيرانية».
وفي أواخر يناير (كانون الثاني)، نشرت صحيفة «كوريري ديلا سيرا» الإيطالية، مقابلة مع مالي، وبعد يومين من إعلان تعيينه رسمياً، معرباً فيها عن أمله بالتوصل إلى اتفاق على وجه السرعة، لكنه قال: «لا أعتقد أن الأمر انتهى إذا لم نتوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الإيرانية». وأضاف أيضاً: «حتى لو فاز مؤيدو الخط الأكثر صرامة في الانتخابات، فإن قرار التعامل مع الولايات المتحدة سيعتمد على المرشد والآخرين، ولن يتم تحديده ببساطة من قبل من يجلس في مكتب الرئيس».



تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
TT

تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)

نشر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) ملخصاً لتحقيقاته في إخفاقاته خلال الفترة التي سبقت هجوم جماعة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وخلص إلى وجود إخفاقات داخل المنظمة، لكنه أشار في الغالب إلى عناصر خارجية مثل التقسيم غير الواضح للمسؤوليات مع الجيش الإسرائيلي، وسياسة حكومية دفاعية مفرطة فيما يتعلق بغزة على مرِّ السنين، وعدم ملاءمة جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي لمواجهة عدو يشبه في طريقة قتاله «حماس»، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

ويقول جهاز الأمن إن هناك حاجة إلى تحقيق أوسع نطاقاً، وهو تلميح محتمل إلى الحاجة المتصورة إلى لجنة تحقيق حكومية، التي رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تأسيسها.

ويقول الجهاز إن كثيراً من نتائج التحقيق لا يزال سرِّياً، لأنها ستكشف عن أدوات وأساليب استخباراتية سرية لدى «شين بيت».

وقد توصَّل التحقيق إلى أن «شين بيت» فشل في توفير تنبيه للهجوم الواسع النطاق الذي شنَّته «حماس» في السابع من أكتوبر. ولم تسفر إشارات التحذير التي تلقاها «شين بيت» في ليلة السادس من أكتوبر عن اتخاذ إجراءات كبرى من الأجهزة الإسرائيلية.

وبينما تمكَّن فريق صغير من ضباط النخبة من «شين بيت»، والشرطة الإسرائيلية الذين تم نشرهم على حدود غزة قبل الهجوم من المساهمة في القتال، فإنهم لم يتمكَّنوا من منع الهجوم الضخم الذي شنَّته «حماس».

رونين بار رئيس جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) يشارك في حفل أُقيم في متحف ياد فاشيم للهولوكوست في القدس يوم ذكرى الهولوكوست... 5 مايو 2024 (متداولة)

أسباب الفشل

يشير التحقيق إلى أسباب عدة، تتعلق بالاحتراف والإدارة لدى الأجهزة الإسرائيلية، التي أسهمت في الفشل في صدِّ هجوم 7 أكتوبر. ويقول «شين بيت»: «تم فحص الفشل التنظيمي بدقة، وتم تعلم الدروس، وما زال يتم تعلمها».

بالإضافة إلى ذلك، وجد التحقيق أن «شين بيت» لم يقلل من شأن «حماس»، بل على العكس من ذلك، حيث كان لدى الجهاز «فهم عميق للتهديد، وكانت لديه مبادرات ورغبة في إحباط التهديد، خصوصاً (القضاء) على قادة (حماس)».

وبحسب التحقيقات، فإن هناك أسباباً عدة وراء عدم قيام جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) بإعطاء أي إنذار مسبق للهجوم الشامل الذي شنَّته «حماس»:

- خطط «حماس» للغزو البري، التي حصل عليها الجيش الإسرائيلي في وثيقة تُعرَف باسم «أسوار أريحا»، لم يتم التعامل معها بشكل صحيح على مدى سنوات عدة، ولم يتم تحويل الخطط إلى سيناريو يتدرب عليه الجيش وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي.

- عدم وضوح تقسيم المسؤولية بين الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي فيما يتعلق بالمنظمة التي ينبغي لها أن تقدم إنذاراً للحرب، وسط تحوّل «حماس» من جماعة عسكرية صغيرة إلى قوة عسكرية كاملة.

- وفق التحقيق، كان تركيز جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) على إحباط الهجمات الإرهابية، ولم تكن أساليبه قابلةً للتطبيق على عدو يتصرف كجيش.

- خلال الليل بين السادس والسابع من أكتوبر، كانت هناك فجوات في «التعامل مع المعلومات ودمج الاستخبارات»، فضلاً عن العمليات التي لم تتبع البروتوكول المعتاد، ونقص «الاندماج» مع استخبارات الجيش الإسرائيلي.

- كانت هناك فجوات في عمل آليات الإشراف الاستخباراتي.

- كان التقييم هو أن «حماس» كانت تحاول تسخين الوضع بالضفة الغربية، ولم تكن مهتمةً بفعل ذلك في قطاع غزة.

- كان لدى «شين بيت» «فهم غير صحيح» لقوة الحاجز الحدودي الإسرائيلي مع غزة وقدرة الجيش الإسرائيلي على الرد.

- لم يتم التشكيك في نوايا «حماس» المزعومة بشكل كافٍ في أثناء التقييمات.

- كانت المعلومات الاستخباراتية قليلة نسبياً، بما في ذلك نتيجة لحرية العمل المحدودة في قطاع غزة، خصوصاً من قبل «شين بيت» بشكل مستقل.

بناء قوة «حماس»

كما توصَّل تحقيق «شين بيت» إلى أسباب عدة مكَّنت «حماس» من بناء قواتها لهجوم السابع من أكتوبر، واتخاذ القرار بتنفيذ الهجوم وفق تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي:

- كانت سياسة إسرائيل تجاه غزة تتمثل في الحفاظ على فترات من الهدوء، الأمر الذي مكَّن «حماس» من بناء قوة هائلة.

- تدفق الأموال إلى غزة وتسليمها إلى الجناح العسكري لحركة «حماس».

- التآكل المستمر لردع إسرائيل.

- وبحسب التحقيق، محاولة التعامل مع منظمة «إرهابية» على أساس الاستخبارات والتدابير الدفاعية، مع تجنب المبادرات الهجومية.

- ومن بين العوامل المُحفِّزة لقرار «حماس» بتنفيذ الهجوم، الانتهاكات الإسرائيلية على الحرم القدسي، والموقف تجاه السجناء الفلسطينيين، والإدراك بأن المجتمع الإسرائيلي أصبح ضعيفاً.

رئيس «شين بيت» الإسرائيلي رونين بار (يمين) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي حينها الفريق أول هرتسي هاليفي (يسار) يجريان تقييماً مع كبار الضباط في خان يونس جنوب قطاع غزة... 11 ديسمبر 2023 (الجيش الإسرائيلي)

رئيس «شين بيت»: أتحمّل المسؤولية

وفي بيان مصاحب، قال رئيس «شين بيت»، رونين بار، إن الوكالة «لم تمنع مذبحة السابع من أكتوبر... وبصفتي رئيساً للمنظمة، سأتحمل هذا العبء الثقيل على كتفي لبقية حياتي».

وأضاف: «كشف التحقيق أنه لو تصرف جهاز (شين بيت) بشكل مختلف، في السنوات التي سبقت الهجوم وخلال ليلة الهجوم - سواء على المستوى المهني أو المستوى الإداري - لكان من الممكن تجنب المذبحة. هذا ليس المعيار الذي توقَّعناه من أنفسنا، أو الذي توقَّعه الجمهور منا».

وتابع: «يظهر التحقيق أن جهاز (شين بيت) لم يقلل من شأن منافسنا، بل على العكس من ذلك، فقد أخذ زمام المبادرة، وذهب إلى الهجوم وحاول قطع التهديد في مهده ، ولكن على الرغم من كل هذا، فشلنا».

ويضيف بار أن التحقيق الحقيقي في الإخفاقات يتطلب تحقيقاً أوسع نطاقاً يجسد أيضاً الاتصال والتعاون بين العناصر الأمنية والسياسية.

ويقول: «إن الطريق إلى الإصلاح، كما أكد التقرير، يتطلب عملية واسعة من الوضوح والحقيقة». وأضاف: «لذلك طلبت من لجنة التحقيق والقيادة العليا للوكالة التحقيق ومناقشة، ليس فقط الأسباب التي أدت إلى فشل الخدمة، بل أيضاً إلقاء نظرة واسعة على جميع عمليات العمل ذات الصلة في المنظمة، بوصفها جزءاً من الدروس المستفادة وفرصةً للتغيير الشامل. لكن هذا يتطلب أيضاً الاستعداد للتغيير في الواجهة السياسية والأمنية، وإلا فإن الفشل قد يعود في المستقبل».

وأضاف: «أعتقد أن هذه المنظمة قوية، ومستقرة، ومتواضعة، وقيمها أكثر احترافية مما كانت عليه عشية المذبحة».