الجزائر تقلّص مقاعد برلمانها لخفض الإنفاق العمومي

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
TT

الجزائر تقلّص مقاعد برلمانها لخفض الإنفاق العمومي

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

قلصت الرئاسة الجزائرية عدد مقاعد البرلمان إلى 407 مقاعد، بعدما كان في حدود 462، في خطوة تهدف إلى خفض حجم الإنفاق على غرفة التشريع؛ التي ستجدَّد في 12 يونيو (حزيران) المقبل، بمناسبة انتخابات البرلمان المبكرة.
وأصدر الرئيس عبد المجيد تبون، أول من أمس، أمراً يحدد الدوائر الانتخابية، وعدد المقاعد المطلوب شغلها في انتخابات البرلمان. ويحدد هذا الأمر؛ الذي نُشر في الجريدة الرسمية، الدوائر الانتخابية، وعدد المقاعد المطلوب شغلها في انتخابات أعضاء «المجلس الشعبي الوطني»، أو الغرفة الأولى بالبرلمان الجزائري (407 مقاعد)، وأعضاء مجلس الأمة (الغرفة الثانية) المنتخبين (116)، طبقاً لأحكام القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات.
وتوزع المقاعد لكل دائرة انتخابية في انتخاب المجلس الشعبي الوطني، بحسب عدد سكان كل ولاية (محافظة). كما يحدد عدد المقاعد في كل دائرة انتخابية، على أساس تخصيص مقعد واحد لكل حصة، تتضمن 120 ألف نسمة، على أن يخصص مقعد إضافي لكل حصة متبقية، تشمل 60 ألف نسمة. ولا يمكن أن يقل عدد المقاعد عن 3 بالنسبة للمحافظات التي يقل عدد سكانها عن 200 ألف نسمة.
ويحدد عدد المقاعد في الدائرة الانتخابية للجالية الجزائرية بالخارج، في انتخاب المجلس الشعبي الوطني، بـ8 مقاعد. علماً بأن العاصمة تحوز أكبر عدد من المقاعد (34). أما بالنسبة لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، فإن الدائرة الانتخابية تحدد بالحدود الإقليمية للولاية، ويحدد عدد المقاعد لكل دائرة انتخابية بمقعدين اثنين.
وكان تبون قد أعلن عن حل المجلس الوطني نهاية فبراير (شباط) الماضي، مبرراً ذلك بـ«الاستجابة لأهم مطالب الحراك الشعبي». غير أن الآلاف من ناشطي الحراك أكدوا في المظاهرات الأسبوعية أنهم يرفضون هذا الاستحقاق، وطالبوا بـ«التغيير الجذري» تحت شعار: «ارحلوا جميعاً عن الحكم».
وتنقسم مواقف الطبقة السياسية من الانتخابات، بين مؤيد للمشاركة فيها ورافض لها، خصوصاً بعد أن أطلقت الرئاسة تكتلين من المجتمع المدني في الساحة السياسية لإعداد لوائح الترشيحات، في توجه يوحي بأن الرئيس يعتزم الاعتماد على نشطاء الجمعيات، بدل مناضلي الأحزاب السياسية لدعم سياساته في البرلمان الجديد.
إلى ذلك، صرّح الأمين العام لوزارة المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، أمس، للإذاعة الحكومية بأن اعتراف الرئيس الفرنسي بقتل المناضل السياسي والمحامي علي بومنجل (1957) أيام ثورة التحرير، «خطوة إيجابية لمصالحة الذاكرتين»، مبرزاً أن «مؤرخين كباراً في الجزائر استحسنوا اعتراف الرئيس الفرنسي بمسؤولية جيش بلاده في قتل الشهيد بومنجل، على أساس أنها بداية لمصالحة الذاكرة. لكن بالنسبة لنا كجزائريين، فإن تاريخنا واضح وضوح الشمس، ونعرف جيداً أن الشهيد بومنجل قتل تحت التعذيب، وهذا الأمر ليس جديداً بالنسبة لنا».
كما أكد ربيقة أن هذا الاعتراف «يعدّ خطوة إيجابية، ونود أن نقول إن تاريخنا يمتد من 1830 إلى 1962، ولا يمكن تجزئته إلى أحداث»؛ في إشارة إلى رغبة الحكومة الجزائرية في اعتراف فرنسا بارتكاب جريمة ضد الإنسانية بالجزائر خلال كامل فترة الاحتلال (1830 - 1962).
وبخصوص قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 9 مارس (آذار) الحالي، رفع السرية عن أرشيف الثورة، قال المسؤول الحكومي الجزائري: «هذه المسألة فنية بحتة، فبعد مرور 50 أو 70 سنة من الطبيعي أن يتم رفع السرية عن الأرشيف أو جزء منه».
مشدداً على أن «استعادة هذا الأرشيف يجب أن تخضع لشروط معينة، ودراسة وتمعن من أهل الاختصاص، حتى لا نقع في الخطأ أو المغالطة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.