منظمة فرنسية: إعمار سوريا سيستغرق أجيالاً

نساء يسرن وسط الدمار بإدلب شمال غربي سوريا في 12 مارس 2020 (أ.ب)
نساء يسرن وسط الدمار بإدلب شمال غربي سوريا في 12 مارس 2020 (أ.ب)
TT

منظمة فرنسية: إعمار سوريا سيستغرق أجيالاً

نساء يسرن وسط الدمار بإدلب شمال غربي سوريا في 12 مارس 2020 (أ.ب)
نساء يسرن وسط الدمار بإدلب شمال غربي سوريا في 12 مارس 2020 (أ.ب)

تؤكد لوسيل بابون، من منظمة «هانيدكاب إنترناشونال» التي تتخذ من ليون في فرنسا مقراً وتنشط على الحدود السورية، أن حالة الطوارئ لم تتوقف في سوريا منذ بدء النزاع قبل عشر سنوات، مشيرة إلى أن إعادة إعمار البلاد ستستغرق «أجيالاً عدة».
أخذت هذه المنظمة ومقرها مدينة ليون الفرنسية، على عاتقها الاهتمام بأكثر من 1,8 مليون لاجئ في لبنان والأردن والعراق ومصر وتركيا قبل أن تضطر للخروج من الأراضي التركية في عام 2016، وفق بابون، مديرة منطقة الشرق الأوسط في منظمة «هانديكاب إنترناشونال» بين عامي 2016 و2020.
> ما هو تقييمكم الأوّلي للحرب الدائرة منذ عشر سنوات في سوريا؟
- في بعض المراحل كنا مذهولين إزاء مستوى العنف وتخطي كل الخطوط الحمراء. لم يتمكّن المجتمع الدولي من وقف المجزرة. و90% من المصابين بأعمال القصف في المناطق الحضرية (النطاق العمراني) وتلك المحيطة بها هم مدنيون. على هذا الصعيد، لا يمكن الحديث عن أضرار جانبية.
لم تتوقف الأخطار يوماً. حتى في المراحل التي قيل فيها إن الأوضاع ستشهد بعض الاستقرار كانت تتجدد موجات النزوح. حالياً، ربما تراجعت حدة أعمال القصف، لكنها لم تتوقف.
للجيل الجديد حق علينا أن نضع إطاراً بالحد الأدنى لكي لا يتكرر ما حصل. التحدي بالنسبة إلينا وللمجتمع الدولي هو عدم التضحية بهذا الجيل الجديد على غرار ما حصل لذويهم. كذلك هناك تحدي إرساء الاستقرار في المنطقة.
> ما الآفاق بالنسبة إلى ملايين السوريين الذي غادروا البلاد إلى دول مجاورة مثل لبنان والأردن؟
- لا يمكنهم العودة لأنهم خائفون، وإنما أيضاً لانعدام فرص التطلّع إلى المستقبل بسبب الدمار الهائل اللاحق بالبلاد.
عدد المستشفيات والمراكز الصحية العاملة في البلاد أقل من خمسين. في الرقة (المعقل السابق لتنظيم «داعش») ما نسبته 80% من البنى التحتية مدمّر.
ما يميّز النزاع في سوريا عن غيره من النزاعات هو حجم الدمار الناجم عن استخدام أنواع عدة من العبوات الناسفة، وهو ما يجعل إزالة الألغام تقنياً عملية بالغة التعقيد، كما أن ماهية المناطق المدمّرة من حضرية ومناطق محيطة بها لا تزال تعقّد الأمور.
سُجّل 225 ألف استخدام للأسلحة المتفجرة بين عامي 2012 و2019 في حلب وإدلب وضواحي دمشق خصوصاً. وفق خبراتنا نعتقد أن ما بين 10 و30% من الوسائل المستخدمة في عمليات القصف هذه لم تنفجر، ما يقود إلى مستوى غير مسبوق من المخلفات التفجيرية التي تُضاف إليها الألغام والعبوات يدوية الصنع، إلخ. ستستغرق عمليات نزع الألغام وأعمال التنظيف وإعادة الإعمار باعتقادنا أجيالاً عدة. إنها ساحة أنقاض.
كذلك تجب مساعدة اللاجئين على البقاء لعقود قادمة في البلدان التي استقبلتهم.
نعمل مع هذه الدول من أجل تعزيز خدماتها لكي تتمكن من استيعاب هذه المجموعات، ومع الأمم المتحدة لحثّها على فتح مجالات العمل.
إنه الحل الأكثر واقعية مقارنةً بالعودة أو النقل إلى بلدان أخرى.
> ما التحديات الجديدة المرتبطة بأزمة «كوفيد - 19» بالنسبة إلى اللاجئين وطواقم الإغاثة؟
- لا شك أن الجائحة شكّلت كارثة للاجئين الذين كانوا يعملون بصورة غير رسمية لضمان حد أدنى من المدخول. المراحل التي فُرض فيها الإغلاق التام في بدايات الأزمة كانت بالغة التعقيد، إذ تعذّر على البعض تلقّي العلاج أو الحصول على قسائم غذائية، كذلك تقيّدت حركة المنظمات غير الحكومية. هذه المجموعات أقل استفادة من الرعاية مقارنةً بغيرها، حتى وإن أدركت سلطات هذه البلدان أن ترك البؤر تتزايد لا يصب في مصلحتها.
حالياً، تكمن المشكلة الرئيسية في الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الجائحة والتي تؤثر على هذه المجموعات، خصوصاً في لبنان حيث تفاقم الأزمة السياسية الأوضاع.
لذا علينا أن نحافظ على وجود فاعل بانتظار أن تسمح الأوضاع باستشراف بدء إعادة الإعمار وعودة اللاجئين. البعض يقول إن الأزمة السورية انتهت لأنه لم يعد يُحكى عن القصف، لكن في الحقيقة، هؤلاء الأشخاص لا يزالون هنا. والاحتياجات لا تزال هائلة.



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.