غموض يسود مشاورات تأليف الحكومة ومرجعيات دينية تبحث مبادرة وساطة

TT

غموض يسود مشاورات تأليف الحكومة ومرجعيات دينية تبحث مبادرة وساطة

يسود الغموض مشاورات تأليف الحكومة اللبنانية المتعثرة، على وقع الوضعين الاقتصادي والأمني المتأزمين مع تأكيد أكثر من طرف أن الاتصالات بهذا الشأن لم تتوقف، في حين دخل المجلس الشيعي على الخط عبر دعوته دار الإفتاء كي تعمل المرجعيات الدينية على مبادرة لتقريب وجهات النظر والتواصل مع المسؤولين لحلّ معضلة التأليف.
ولا يستبعد وزير الداخلية السابق مروان شربل، أن يعلن خلال أيام عن الاتفاق على تشكيل الحكومة، لكنه يلفت في الوقت نفسه إلى بعض الأمور العالقة التي لا تزال محور بحث، مع تأكيده أن الاتصالات غير متوقفة بين المعنيين بالتأليف. ويقول شربل الذي اتصل أخيراً برئيس الجمهورية ميشال عون والتقى كلاً من رئيس البرلمان نبيه بري ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، لـ«الشرق الأوسط»، «كنا في مرحلة الضوء الأحمر أصبحنا في الضوء الأصفر على أمل أن نصل قريباً إلى الأخضر». ويوضح «البحث يتم انطلاقاً من مبادرات عدة، وأحياناً الدمج فيما بينها، والأهم أن الاتصالات جارية على أكثر من خط ولا يمكن القول إن هناك جموداً، إنما البحث يتم وفق سلة متكاملة من توزيع الوزارات إلى نيل الحكومة الثقة والبيان الوزاري».
ويلفت إلى أن «عقدة وزارة الداخلية ونيل الحكومة الثقة هي من ضمن العراقيل العالقة التي يعمل عليها»، مؤكداً أن «الرئيس عون لا مشكلة لديه في حكومة من 18 أو 20 وزيراً، ولا يطالب بالثلث المعطل، وبري طرح أن يسمي عون وزير الداخلية بموافقة الحريري، لكنه في الوقت عينه يعتبر أن منح تكتل (التيار الوطني الحر) الثقة للحكومة أمر مهم كي لا تكون عرجاء، لجهة الغطاء المسيحي، في ظل مقاطعة حزبي القوات والكتائب». وعما إذا كان اسمه مطروحاً لتولي وزارة الداخلية قال شربل «أنا جاهز للمهمة، إنما لم أطرح نفسي ولم يطرح عليّ أحد الموضوع».
وأمام ما يحصل لا يستبعد شربل أن يتم تشكيل الحكومة بين يوم وآخر، معتبراً أن «الأسابيع القليلة المقبلة حاسمة، إذا لم يتم التأليف يعني دخلنا في المجهول وعندها لن يكون لها فائدة»، مشيراً في الوقت عينه إلى أن «دخول المرجعيات الدينية على الخط أمر مهم، وهي تصب في خانة الجهود لدعم الحكومة ومنحها ضمانة من كل الجهات».
وأمس، زار نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، على رأس وفد ضم المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، والأمين العام للمجلس الشيعي نزيه جمول، وقال بعد اللقاء «وصلنا اليوم إلى وضع صعب جداً يحتاج إلى مبادرات، يحتاج إلى عمل من أجل إخراج البلد من هذا المأزق الذي هو فيه»، معلناً أنه طرح مبادرة هي محل تشاور مع سائر القيادات الروحية والمرجعيات الدينية، بالسعي من أجل تقريب وجهات النظر والتواصل مع المسؤولين من أجل حل الإشكال في تأخير تأليف الحكومة، وقال «الوضع لم يعد يحتمل، والخطر كبير جداً. وبعيداً عن كل الطروحات التي ليس وقتها الآن؛ لأن هناك خطراً وجودياً على البلد، من أجل ذلك؛ فإن أول ما يجب فعله السعي لتحقيقه، وهو الأرضية لكل الحلول السياسية لوجود حكومة، فمن دون تأليف حكومة لا يمكن أن يكون هناك إصلاح ولا حل لجميع المشاكل التي يعاني منها البلد»،
كذلك، دعت «حركة أمل» بعد اجتماع أمس برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، القيادات الرسمية في مختلف مواقعها بشكل خاص إلى تحمّل مسؤولياتها فوراً وإلى وقفة تاريخية لإنقاذ لبنان ومنع انزلاقه نحو مهاوي الانهيار، أو لا سمح الله الزوال.
وقالت في بيان «المطلوب من الجميع تضحية من أجل لبنان وليس تضحية بلبنان من أجل مصالح آنية أو سياسية أو شخصية»، مجددة «التحذير من الاستمرار بالاستهتار بمصالح الناس وأوجاعهم وتركهم فريسة للتفلت الاقتصادي والمالي، وعلى كل المستويات».
وأضافت «المطلوب اليوم قبل الغد إنجاز حكومة وفقاً لما نصت عليه المبادرة الفرنسية وتكون فيها كل (الأثلاث) للبنان، ليس فيها ثلث أو ربع أو فرد معطل، بل حكومة تستعيد ثقة اللبنانيين وثقة العالم بلبنان دولة المؤسسات والقانون، فمن غير الجائز تحت أي ظرف من الظروف الهرب في هذه اللحظة المصيرية من تحمّل المسؤولية، والإمعان في إتباع سياسة الكيد وتصفية الحسابات السياسية والشخصية لتصفية الوطن».



إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.