تنسيق روسي ـ تركي لاستئناف «الدستورية السورية»

فصائل موالية لأنقرة تقصف في عين عيسى واشتباكات مع «قسد» قرب حلب

TT

تنسيق روسي ـ تركي لاستئناف «الدستورية السورية»

تسعى تركيا بالتنسيق مع روسيا إلى عقد الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف خلال الأسابيع القيلة المقبلة قبل حلول شهر رمضان.
وكشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن اتصالات مع روسيا لعقد الجولة الجديدة من الاجتماعات. وقال إنها أظهرت بشكل جلي أن النظام السوري يرفض الحل السياسي في البلاد. وجدد التأكيد على أن الاجتماعات الوزارية بين تركيا وروسيا وقطر، ليست بديلاً عن مساري أستانة أو جنيف، لافتا إلى أن الحل السياسي هو «الطريق الوحيد لإنهاء المسألة السورية».
وعقد وزراء خارجية روسيا وتركيا وقطر اجتماعاً في الدوحة في 11 مارس (آذار) الحالي، وقال جاويش أوغلو عقب اللقاء إن عملية تشاورية جديدة بشأن سوريا بدأت، بهدف الوصول إلى حل سياسي دائم. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الاجتماع الثلاثي سيتكرر عقده وإن الاجتماع المقبل سيعقد في أنقرة يليه اجتماع في موسكو.
في السياق ذاته، أشار جاويش أوغلو إلى عدم القضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي بشكل كامل في سوريا، معتبرا أن «حزب العمال الكردستاني» وأذرعه، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية التي تعد أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الحليف الأوثق للولايات المتحدة في الحرب على «داعش»، حلت مكان التنظيم.
واعتبر جاويش أوغلو أن «بلدان المجموعة الدولية لدعم سوريا»، بدأت شيئا فشيئا تنفض يدها من الشأن السوري.
كان المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، أكد قبل أيام أن هناك صعوبات تواجه عمل اللجنة الدستورية وأنها تسير ببطء شديد، مشيرا إلى أن «الصيغ الراهنة سارية مع أنه من المحبذ أن يكون عملها أكثر فاعلية وفائدة»، مضيفا: «صحيح أن الأمور مع اللجنة الدستورية تسير ببطء شديد. لكن لا بد من مواصلة العمل ضمن هذه الأطر لأننا لا نرى بديلاً عنها».
على صعيد آخر، واصلت القوات التركية والفصائل الموالية لها، قصفها الصاروخي على مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» في محيط بلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي، أمس (الأربعاء) لليوم الثاني على التوالي، عقب محاولة تسلل عناصر من الفصائل إلى مواقع «قسد» في قريتي صيدا ومعلق شمال عين عيسى، وأسفرت الاشتباكات عن إعطاب عربة عسكرية للفصائل، دون معلومات عن خسائر بشرية.
في الوقت ذاته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بوقوع اشتباكات على محور مريمين بريف أعزاز شمال حلب، بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد».
ووقع انفجار بعبوة ناسفة مزروعة بسيارة مدنية، مساء أول من أمس، أثناء محاولة عناصر من الفصائل الموالية لتركيا تفكيكها، حيث تركت بالقرب من «مدرسة الكوماندوس» على طريق عفرين - جنديرس الرئيسي بريف حلب، ما أدى إلى مقتل عنصرين من الشرطة المدنية إضافة إلى وقوع إصابات طفيفة، وأضرار مادية في موقع التفجير.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».