العراق: تراجع للفقر... والاحتياطي الأجنبي

الاحتجاجات تعرقل عمل مصافي النفط... ومباحثات لإحياء القطاع الزراعي

أعلنت وزارة التخطيط العراقية انخفاض معدلات الفقر في البلاد إلى 25 % من السكان (أ.ف.ب)
أعلنت وزارة التخطيط العراقية انخفاض معدلات الفقر في البلاد إلى 25 % من السكان (أ.ف.ب)
TT

العراق: تراجع للفقر... والاحتياطي الأجنبي

أعلنت وزارة التخطيط العراقية انخفاض معدلات الفقر في البلاد إلى 25 % من السكان (أ.ف.ب)
أعلنت وزارة التخطيط العراقية انخفاض معدلات الفقر في البلاد إلى 25 % من السكان (أ.ف.ب)

فيما أظهرت المؤشرات تراجع معدلات الفقر في العراق بشكل كبير خلال النصف الثاني من العام الماضي بعد ارتفاع بالغ في النصف الأول، انخفضت مستويات الاحتياطيات الأجنبية العام الماضي بنسبة 20 في المائة، إلا أنها لا تزال في «حدود الكفاية»، بينما تتواصل المعوقات في قطاع النفط الذي يعد أهم مصدر للدخل بالبلاد.
وأعلنت وزارة التخطيط العراقية الثلاثاء انخفاض معدلات الفقر في البلاد إلى 25 في المائة من السكان، مشيرة إلى أن «عدد الفقراء في العراق أقل من 10 ملايين شخص».
ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن المتحدث باسم الوزارة، عبد الزهرة الهنداوي، قوله إن «المؤشرات المتوفرة حول معدلات الفقر في البلاد وفق آخر دراسة بالتعاون مع البنك الدولي في النصف الثاني من العام 2020 بلغت 24.8 في المائة». وأضاف أنه «في المرحلة الأولى لظهور جائحة (كورونا) في النصف الأول من العام الماضي ارتفعت نسبة الفقر إلى 31.7 في المائة، إلّا أنها عادت إلى الانخفاض بفضل الإجراءات المتخذة والمتمثلة برفع حظر التجوال، وعودة العمل والأنشطة لوضعها الطبيعي التي أدت إلى انحسار النسبة إلى 25 في المائة».
وأشار الهنداوي إلى أن الاستعدادات جارية في الوزارة لإجراء التعداد العام للسكان، وهناك عمليات لاستكمال المتطلبات وفق الإمكانيات المتاحة. ومن جهة أخرى، نقلت صحيفة «الصباح» الحكومية الصادرة الثلاثاء عن مصدر مسؤول بالبنك المركزي العراقي قوله إن «إجمالي احتياطيات البنك المركزي العراقي تبلغ حاليا قرابة 56 مليار دولار وهي لا تزال ضمن حدود الكفاية».
وذكر المسؤول أن إجمالي الاحتياطيات من العملة الأجنبية انخفضت بنسبة 20 في المائة تقريبا خلال العام 2020، موضحا أنه «لا توجد لدى البنك المركزي العراقي خطط لزيادة الاستثمار بالذهب».
وذكر المسؤول العراقي أن إجمالي مقدار الدين الداخلي في العراق يبلغ 63 تريليونا و500 مليار دينار عراقي (نحو 43.56 مليار دولار). وفيما تعاني الميزانية جراء العجز وتراجع الاحتياطي، تستمر المعاناة النفطية. وتوقفت مصفاة محافظة ذي قار العراقية لتكرير النفط الخام بشكل كامل عن الإنتاج لليوم الثالث على التوالي بعد قيام متظاهرين بإغلاق المصفاة ومنعهم دخول العاملين. ويأتي ذلك في إطار احتجاجات شعبية للمطالبة بحل أزمة البطالة، وتحسين الخدمات في محافظة ذي قار (375 كيلومترا جنوب العاصمة).
وقال شهود لوكالة الأنباء الألمانية إن عشرات المتظاهرين في مدينة الناصرية أغلقوا الطرق المؤدية إلى مصفاة ذي قار النفطية لليوم الثالث على التوالي، ومنعوا دخول العاملين والمركبات الخاصة بنقل المنتجات النفطية إلى المصفاة احتجاجا على عدم تعيينهم.
وأفاد الشهود بأن مجاميع أخرى من المتظاهرين أغلقت مبنى دائرة فرع المنتجات النفطية في ذي قار وديوان مبنى المحافظة إضافة لعدد من الطرق والجسور رغم الانتشار الكبير للقوات الأمنية في الشوارع ومحيط الأبنية الحكومية. وفي سياق منفصل، بحث وزير التخطيط العراقي، الدكتور خالد بتال نجم، مع ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في العراق، الدكتور صلاح الحاج حسن، والمندوبة الدائمة للعراق لدى منظمة الأغذية والزراعة في روما، صفية السهيل، سبل تعزيز التعاون بين المنظمة ووزارة التخطيط العراقية، وتعزيز تنفيذ الإطار المشترك لتطوير القطاع الزراعي في العراق وآلية التعاون بين الوزارات المعنية.
وأكد وزير التخطيط العراقي أهمية إحياء القطاع الزراعي ليكون رائدا في الاقتصاد العراقي، وتعزيز مساهمته في الإنتاج الوطني، مشيداً بفاعلية دور منظمة الفاو في العراق في دعم هذا القطاع.
من جهتها، أكدت المندوبة الدائمة للعراق لدى منظمة الأغذية والزراعة، حاجة العراق إلى دعم منظمة الفاو للبرامج التي تستهدف القطاع الزراعي والمزارعين، وتحسين البيئة، وبناء أو تعزيز القدرات من خلال البرامج التي تقدم الدعم المؤسسي والفردي.
بدوره أوضح ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، أهمية الإطار المشترك كآلية فعالة ومبتكرة ومستدامة لتنسيق تنمية القطاع الزراعي العراقي والذي سيحقق أفضل استثمار للموارد في دعم النمو الزراعي المستدام وتحقيق الأمن الغذائي وخلق فرص العمل، والقدرة على التكيف مع التغيرات المناخية، مضيفا أن المنظمة ستقدم الدعم اللازم لتحسين قطاع الزراعة في العراق.



«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
TT

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)
سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

قبل ساعات قليلة من «الختام المفترض» لمؤتمر «كوب 29» للمناخ في العاصمة الأذرية باكو على بحر قزوين، سيطر الخلاف على المباحثات؛ إذ عبرت جميع الأطراف تقريباً عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الذي قدمته إدارة المؤتمر ظهر يوم الجمعة في «مسودة اتفاق التمويل»، والذي اقترح أن تتولى الدول المتقدمة زمام المبادرة في توفير 250 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035 لمساعدة أكثر الدول فقراً، وهو الاقتراح الذي أثار انتقادات من جميع الأطراف.

وتتولى حكومات العالم الممثلة في القمة في باكو عاصمة أذربيجان، مهمة الاتفاق على خطة تمويل شاملة لمعالجة تغيّر المناخ، لكن المؤتمر الذي استمر أسبوعين تميز بالانقسام بين الحكومات الغنية التي تقاوم الوصول إلى نتيجة مكلفة، والدول النامية التي تدفع من أجل المزيد.

وقال خوان كارلوس مونتيري غوميز، الممثل الخاص لتغيّر المناخ في بنما، والذي وصف المبلغ المقترح بأنه منخفض للغاية: «أنا غاضب للغاية... إنه أمر سخيف، سخيف للغاية!»، وأضاف: «يبدو أن العالم المتقدم يريد أن يحترق الكوكب!».

وفي الوقت نفسه، قال مفاوض أوروبي لـ«رويترز» إن مسودة الاتفاق الجديدة باهظة الثمن ولا تفعل ما يكفي لتوسيع عدد البلدان المساهمة في التمويل. وأضاف المفاوض: «لا أحد يشعر بالارتياح من الرقم؛ لأنه مرتفع ولا يوجد شيء تقريباً بشأن زيادة قاعدة المساهمين».

ومن جانبها، حثت أذربيجان الدول المشاركة على تسوية خلافاتها والتوصل إلى اتفاق مالي يوم الجمعة، مع دخول المفاوضات في المؤتمر ساعاتها الأخيرة. وقالت رئاسة المؤتمر في مذكرة إلى المندوبين صباح الجمعة: «نشجع الأطراف على مواصلة التعاون في مجموعات وعبرها بهدف تقديم مقترحات تقلص الفجوة وتساعدنا على إنهاء عملنا هنا في باكو».

صحافيون ومشاركون يراجعون مسودة الاتفاق الختامي بمقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو ظهر يوم الجمعة (أ.ب)

وحددت المسودة أيضاً هدفاً أوسع لجمع 1.3 تريليون دولار من تمويل المناخ سنوياً بحلول عام 2035، والذي سيشمل التمويل من جميع المصادر العامة والخاصة. وهذا يتماشى مع توصية من خبراء الاقتصاد بأن تتمكن البلدان النامية من الوصول إلى الحصول على تريليون دولار على الأقل سنوياً بحلول نهاية العقد. لكن المفاوضين حذروا من أن سد الفجوة بين تعهدات الحكومة والتعهدات الخاصة قد يكون صعباً.

وكان من المقرر أن تختتم قمة المناخ في مدينة بحر قزوين بحلول نهاية يوم الجمعة، لكن التوقعات كانت تصب في اتجاه التمديد، على غرار مؤتمرات «الأطراف» السابقة التي تشهد جميعها تمديداً في اللحظات الأخيرة من أجل التوصل إلى اتفاقات.

وقال لي شو، مدير مركز المناخ الصيني في «جمعية آسيا»، وهو مراقب مخضرم لمؤتمرات «الأطراف»: «إن إيجاد (نقطة مثالية) في المحادثات قريباً أمر بالغ الأهمية. أي شيء آخر غير ذلك قد يتطلب إعادة جدولة الرحلات الجوية».

وعاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى باكو من اجتماع «مجموعة العشرين» في البرازيل يوم الخميس، داعياً إلى بذل جهود كبيرة للتوصل إلى اتفاق، وحذر من أن «الفشل ليس خياراً».

وبدوره، قال دانييل لوند، المفاوض عن فيجي، لـ«رويترز»، إن «الطريق لا يزال طويلاً... إنه رقم (الوارد بالمسودة) منخفض للغاية مقارنة بنطاق الحاجة القائمة وفهم كيفية تطور هذه الاحتياجات».

كما عكس المؤتمر انقسامات كبيرة إزاء قضايا مثل ما إذا كان يجب تقديم الأموال في صورة منح أو قروض، والدرجة التي ينبغي بها حساب أنواع التمويل الخاص المختلفة في تحقيق الهدف السنوي النهائي.

وانتقد المفاوضون والمنظمات غير الحكومية إدارة المؤتمر. وهم يأخذون على الأذربيجانيين الافتقار إلى الخبرة في قيادة مفاوضات بين ما يقرب من 200 دولة. وقال محمد آدو، ممثل شبكة العمل المناخي: «هذا هو أسوأ مؤتمر للأطراف على ما أذكر».

كما شابت المفاوضات حالة من الضبابية بشأن دور الولايات المتحدة، أكبر مصدر في العالم لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، قبل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي لا يؤمن بقضية المناخ، إلى البيت الأبيض.

وقال المبعوث الأميركي جون بوديستا: «نحن، بصراحة، نشعر بقلق عميق إزاء الخلل الصارخ في التوازن» في النص. في حين أعرب المفوض الأوروبي وبكي هوكسترا عن موقف مشابه بقوله إن النص «غير مقبول في صيغته الحالية».

ويكرر الأوروبيون القول إنهم يريدون «الاستمرار في توجيه الدفة»، وهو مصطلح تم اختياره بعناية، كدليل على حسن النية. لكن العجز المالي الذي تعانيه بلدان القارة العجوز يحد من قدراتهم.

وتساءل المفاوض البنمي خوان كارلوس مونتيري غوميز: «نحن نطلب 1 بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فهل هذا كثير جداً لإنقاذ الأرواح؟». في حين أعربت الوزيرة الكولومبية سوزان محمد عن أسفها، قائلة: «إنهم يدورون في حلقة مفرغة وهم يؤدون ألعابهم الجيوسياسية».

ومن جانبها، دعت الصين، التي تؤدي دوراً رئيساً في إيجاد التوازن بين الغرب والجنوب، «جميع الأطراف إلى إيجاد حل وسط»... لكن بكين وضعت «خطاً أحمر» بقولها إنها لا تريد تقديم أي التزامات مالية. وهي ترفض إعادة التفاوض على قاعدة الأمم المتحدة لعام 1992 التي تنص على أن المسؤولية عن تمويل المناخ تقع على البلدان المتقدمة.