دعوات لتوحيد خطاب كردستان وفاءً لضحايا «الكيماوي» في حلبجة

قيادة الإقليم طالبت بغداد بتعويض عائلات القتلى والمصابين

نصب لضحايا القصف الكيماوي بمدينة حلبجة في كردستان العراق (أ.ف.ب)
نصب لضحايا القصف الكيماوي بمدينة حلبجة في كردستان العراق (أ.ف.ب)
TT

دعوات لتوحيد خطاب كردستان وفاءً لضحايا «الكيماوي» في حلبجة

نصب لضحايا القصف الكيماوي بمدينة حلبجة في كردستان العراق (أ.ف.ب)
نصب لضحايا القصف الكيماوي بمدينة حلبجة في كردستان العراق (أ.ف.ب)

دعت قيادة إقليم كردستان، في الذكرى الثالثة والثلاثين لمجزرة حلبجة التي صادفت أمس، جميع مكونات الإقليم إلى توحيد خطابها؛ وبغداد إلى تعويض أسر الضحايا والمصابين، «وفاء لدماء شهداء المجزرة» التي وقعت عندما قصفت قوات نظام الرئيس الأسبق صدام حسين المدينة بالأسلحة الكيماوية في 16 مارس (آذار) 1988.
وقال رئيس الإقليم، نيجيرفان بارزاني، في بيان رسمي: «في هذه الذكرى نجدد تأكيدنا على توحيد الخطاب والموقف بين جميع مكونات كردستان وفاء لدماء وأرواح الشهداء»، مضيفاً أنه «على جميع قوى السياسة العمل على إيلاء اهتمام أكبر بحلبجة وذوي الشهداء والمصابين، وأن تكون في مستوى التضحيات التي قدمتها هذه المحافظة»، مطالباً الحكومة الاتحادية بأن «تتحمل واجباتها الأخلاقية والقانونية في تعويض الضحايا». ودعا المجتمع الدولي إلى «العمل بجدية لمنع الأسلحة المحظورة وإنتاجها، والقضاء على تكنولوجيا الموت لحماية أرواح الناس والبيئة والمجتمعات».
من جهته، قال رئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني، في بيان: «نستذكر بإجلال وإكبار شهداء هذه الجريمة الكبرى التي ارتكبها حزب البعث باستخدام الأسلحة المحرمة، مما أدى إلى استشهاد آلاف الأبرياء وإصابة آلاف آخرين، فيما لا يزال بعضهم يعاني من آثارها إلى الآن». وأضاف أن «حلبجة أصبحت هوية ورمزاً عالمياً عن نضال شعب كردستان وتضحياته، ولهذا يجب علينا أن نستذكر شهداء وضحايا هذه الجريمة، وأن نُبقي ذكراها خالدة»، مضيفاً أن «حكومة الإقليم لا تزال تبذل قصارى جهودها في مطالبة الحكومة العراقية بتعويض أسر الشهداء والمصابين عن هذه الجريمة»، مشدداً على «ضرورة العمل لمنع تكرار جرائم الإبادة الجماعية ضد شعب كردستان وأي من المكونات في العالم».
إلى ذلك، أكدت عضو لجنة الصحة في برلمان كردستان، كلاويز عبيد، في تصريح للصحافيين عقب انتهاء جلسة برلمان كردستان الثلاثاء المخصصة لمناقشة أوضاع حلبجة، أن بيئة «حلبجة غير مسمومة، بعد مضي أكثر من ثلاثة عقود من الزمن على القصف الكيماوي الذي تعرضت له على يد النظام السابق»، وأضافت: «أعددنا دراسة مع مركز البحوث والدراسات بجامعة دهوك، وتوصلنا إلى نتيجة أن بيئة حلبجة غير مسمومة من ناحية المياه والأجواء والتراب». وتابعت أن «الدراسة أجريت على الضحايا من المصابين والولادات بعد عام 1988 في حلبجة، وأخذت عينات من المنتجات الزراعية والتراب وتم فحصها في مختبرات جامعة دهوك».
وفي 16 مارس 1988، أواخر أيام الحرب العراقية - الإيرانية، حلقت مقاتلات عراقية فوق حلبجة لمدة 5 ساعات وألقت خليطاً من غازَي الخردل والسارين وغازات الأعصاب. وخلف القصف 5 آلاف قتيل؛ معظمهم من النساء والأطفال، وآلاف الجرحى.
وفي يناير (كانون الثاني) 2010 حكم بإعدام علي حسن المجيد؛ الملقب «علي الكيمياوي»، ابن عم صدام حسين، ونفذ فيه الحكم لمسؤوليته عن هذه المجزرة. وفي 2007 حكم على رجل أعمال هولندي في هولندا بالسجن 17 عاماً بتهمة التواطؤ لارتكاب جرائم حرب بعد إدانته بتسليم بغداد مواد كيماوية في ثمانينات القرن الماضي وهو يعلم بأنها ستستخدم لإنتاج أسلحة كيماوية.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.