الموت يغيّب آخر الأطباء اليهود في العراق

رفاق إلياهو أشادوا بطيب أخلاقه... ووزارة الصحة نعته

الدكتور ظافر فؤاد إلياهو
الدكتور ظافر فؤاد إلياهو
TT

الموت يغيّب آخر الأطباء اليهود في العراق

الدكتور ظافر فؤاد إلياهو
الدكتور ظافر فؤاد إلياهو

غيّب الموت، أول من أمس، الدكتور ظافر فؤاد إلياهو، وهو آخر الأطباء المنتمين إلى ما تبقى من الطائفة اليهودية في العراق، ولا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، بعد أن كان يناهز 120 ألف نسمة، قبل هجرتهم وترحيلهم القسري إلى إسرائيل في أربعينات وخمسينات القرن الماضي.
وكتب زميله الدكتور كمال الحسيني في نعيه: «العراق يودع آخر طبيب من الطائفة اليهودية، لم يترك بلده العراق، رغم كل الظروف والمخاطر التي كانت تهدده، اليوم فقدت أخاً وزميلاً برحلة دراسة (البورد التخصصي) في مستشفى الواسطي». وأضاف: «يعجز اللسان عن وصفه، كان كتلة من أخلاق وأدب، والبسمة لا تفارق شفتيه أبداً، لم يترك العراق بلده الأم رغم المغريات التي توفرت له في أرض الميعاد».
وبحسب الحسيني، فإن الدكتور «ظافر فؤاد إلياهو ولد في بغداد عام 1960 وتخرج من كلية الطب بجامعة بغداد عام 1984 وتخصص في جراحة العظام والكسور».
ويقول مصدر من وزارة الصحة لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزارة نعت الفقيد في بيان، وكان قد أحيل إلى التقاعد قبل أشهر لبلوغه السن القانونية». ويرجح المصدر وفاة إلياهو إثر «جلطة قلبية» وليس جراء فيروس كورونا. كما نعته نقابة أطباء العراق.
أما الموظف الصحي رسول أبو نور، الذي عمل لسنوات مع الدكتور ظافر في مستشفى الواسطي، فيقول: «يعجز الكلام عن وصف الفقيد، كان طيباً متعاطفاً، يتعامل مع الموظفين والمرضى بلطف وأريحية، وكان يتمتع بهدوء لافت، ويميل إلى العزلة نوعاً ما». ويؤكد أبو نور أنه كان «يعيش مع والدته، التي توفيت قبل نحو عام، وشقيقته الوحيدة التي تعمل طبيبة أسنان في أحد المراكز الصحية ببغداد، وكان يسكن منزلاً في حي الصناعة ببغداد».
ويقول إخصائي الأمراض النفسية الدكتور جميل التميمي: «تلقيت دعوة إفطار رمضاني عام 2000 في دار أطباء مستشفى الواسطي القريب من مستشفى ابن رشد للطب النفسي التي كنت أعمل فيه، جمعت الدعوة 5 أطباء كنا نتدرب في اختصاصات عليا متنوعة بين جراحة الكسور والجراحة التجميلية والطب النفسي».
ويضيف: «الحدث لم يكن غريباً، لكنه أصبح كذلك، حين همس بأذني صديقي صاحب الدعوة مبتسماً، وهو يقول؛ هل تعلم يا جميل أن هذي الجلسة تجمع 3 أديان مختلفة، اليهودية والمسيحية والإسلام! كان أحد الحضور هو الطبيب اليهودي الدكتور ظافر فؤاد إلياهو».
ويعبر كلام التميمي عن حالة «السرية والغموض» التي تحيط غالباً حياة من بقوا من اليهود في العراق، وخاصة في بغداد، نتيجة المخاطر التي قد يتعرضون لها في حال الكشف عن هوياتهم. وتتضارب الروايات حول أعدادهم في العاصمة؛ حيث يشير بعضها إلى أن عددهم لا يتجاوز 5 أشخاص، وهناك من يقول ربما يتجاوز العدد 30 شخصاً، معظمهم غادر منذ سنوات للعيش في إقليم كردستان.
وكان يهود العراق تعرضوا في يونيو (حزيران) 1941 لأعمال عنف ونهب، أو ما بات يعرف بـ«الفرهود»، خلال احتفالهم بعيد «الشفوعوت اليهودي»، ما ترك أثراً عميقاً بين صفوفهم، وساهم لاحقاً في سرعة هروبهم خارج العراق وهجرتهم إلى إسرائيل.



مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

هيمن كل من الحرب في غزة، وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين، بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر، إذ شاعت نبرة غير متفائلة حيال مستقبل هذين الملفين سواء في عهدة الجمهوري دونالد ترمب، أو منافسته الديمقراطية كامالا هاريس اللذين يصعب توقع الفائز منهما.

وبدا تحفظ رسمي مصري بشأن شخص الرئيس الأميركي المفضل لدى الدولة المصرية، فيما قال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الرهان على رجل أو سيدة البيت الأبيض المقبل كان من بين أسئلة وجهها برلمانيون مصريون إلى مسؤول في وزارة الخارجية المصرية، داخل مجلس النواب قبل أيام، إلا أنه لم يرد بشكل حاسم».

ويختار الأميركيون رئيسهم الـ47 بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب، في نهاية حملة ترافقت مع توتر إقليمي بمنطقة الشرق الأوسط، يراه محللون عاملاً مهماً في الترتيبات المستقبلية لحسابات مصر.

ولا يرى دبلوماسيون مصريون، ومن بينهم محمد العرابي رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق «خياراً مفضلاً للمصالح المصرية» بين أي من هاريس أو ترمب.

ويرى العرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «جوانب إيجابية وسلبية لدى كلا المرشحين، بشأن معادلة العلاقات مع مصر وحرب غزة».

فيما لا يكترث المفكر السياسي والدبلوماسي المصري السابق مصطفى الفقي، بالفروق الضئيلة بين حظوظ ترمب وهاريس، ويرى أنهما «وجهان لعملة واحدة في السياسة الأميركية، وهو الدعم المطلق لإسرائيل»، وفق وصفه لـ«الشرق الأوسط».

وإلى جانب الاقتناع بالدعم الأميركي المطلق لإسرائيل، فإن هناك تبايناً آخر في ترجيحات البعض، إذ يعتقد رئيس حزب «الوفد» (ليبرالي) عبد السند يمامة أن «نجاح هاريس بسياساتها المعتدلة يصب في صالح السياسة الخارجية المصرية في ملف غزة».

في المقابل، يرجح رئيس حزب «التجمع» المصري (يسار) سيد عبد العال «اهتمام ترمب الأكبر بسرعة إنهاء الحرب في غزة»، موضحاً أن «مصالح مصر هي ما يحدد العلاقة مع الرئيس الأميركي المقبل».

وبالنسبة لوكيل المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد، فإن هناك انعكاسات خطيرة لفوز ترمب على «مصالح مصر فيما يخص ملف تهجير الفلسطينيين إلى سيناء».

ويعيد رشاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، التذكير «بمشروع المرشح الجمهوري القديم لتوطين الفلسطينيين في سيناء، وهذا ضد مصر»، علماً بأن صهر ترمب وكبير مستشاريه السابق اقترح في مارس (آذار) إجلاء النازحين الفلسطينيين في غزة إلى صحراء النقب جنوب إسرائيل أو إلى مصر.

في المقابل، تبدو نبرة الثقة من برلمانيين مصريين في قدرة الدبلوماسية المصرية على التعامل مع أي مرشح فائز، خصوصاً في ملف حرب غزة.

ويقول وكيل لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب المصري أيمن محسب، لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة ستتعاطى بإيجابية مع أي فائز ينجح في وقف الحرب في غزة والتصعيد في المنطقة».

بينما يلفت عضو مجلس الشيوخ إيهاب الهرميل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «التواصل الدوري من مصر الرسمية مع أطراف في المعسكرين الحاكمين بأميركا، بشأن غزة وجهود الوساطة المصرية - القطرية».

وخلال الشهر الماضي، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماعين منفصلين وفدين من مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، ضما أعضاء من المعسكرين الديمقراطي والجمهوري، حيث تمت مناقشة جهود تجنب توسيع دائرة الصراع في المنطقة.

وبشأن نزاع «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، يراهن متابعون على مساندة ترمب لمصر حال فوزه، بعدما أبدى اهتماماً لافتاً بالقضية في ولايته الأولى، واستضاف مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، كما سبق أن حذّر الإثيوبيين عام 2020 من «تفجير مصر للسد، بعد أن ضاقت بها السبل لإيجاد حل سياسي للمشكلة».

لكنّ رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، يقول: «مصر لا تُعوّل على أحد، تتحرك من منطلق أنها دولة أفريقية مهمة في قارتها، وتحرص على مصالحها»، فيما يُذكّر وكيل الاستخبارات السابق بأن «ترمب لم يُحدث خرقاً في الملف» رغم اهتمامه به.

ومن بين رسائل دبلوماسية متعددة حملها آخر اتصال بين مصر وإدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، أعاد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأحد الماضي، التأكيد لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على أن «مصر لن تسمح لأي طرف بتهديد أمنها المائي».

سؤال وجّهه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري للمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي

شعبياً، بدا أن المصريين لا يلقون اهتماماً كبيراً بالسباق الأميركي، وهو ما كشفته محدودية الردود على سؤال بشأن توقعات المرشح الأميركي الفائز، ضمن استطلاع أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع للحكومة المصرية.

وبدت تباينات الآراء في الاستطلاع الذي نشر عبر «السوشيال ميديا»، إذ رأى أحد المعلقين أن هاريس الأقرب، في مقابل آخر رجح فوز ترمب. لكن المثير للاهتمام هو توقع أحد المستطلعين «فوز نتنياهو»، أو على حد قول أحد المصريين باللهجة العامية المصرية: «شالوا بايدن وجابوا ترمب أو هاريس... كده كده اتفقوا على حماية إسرائيل».