بعث رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، خطابات إلى الاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وأميركا، بهدف تشكيل آلية رباعية للتوسط في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، مقترحاً التأسيس لنهج جديد للتفاوض، يقوم على وجود الشركاء الدوليين الرئيسيين، من خلال الآلية الرباعية، قصد الاستفادة من تجربة جولات التفاوض السابقة.
وقالت الخارجية السودانية، في بيان صحافي، أمس، إن خطاب «حمدوك» شدد على أن اللجنة الرباعية «تهدف إلى تعزيز دور الاتحاد الأفريقي في المفاوضات، وليست بديلاً عنه»، داعياً دولة الكونغو، بوصفها رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، للتنسيق وقيادة هذه الرباعية.
وأوضح حمدوك في الخطاب، الذي بعث به أول من أمس، أن الرباعية «من شأنها أن تُقدّم دعماً دولياً وإقليمياً كبيراً، وتُشكّل الضمانة المطلوبة لبناء الثقة، وتعزيز الخبرات الموجودة في مجال قضايا المياه العابرة للحدود»، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وأميركا كانوا جزءاً من المفاوضات، وعلى دراية بالموقف في سد النهضة.
وكانت الحكومة السودانية قد عبّرت عن قلقها إزاء تصريحات إثيوبيا عزمها ملئاً ثانياً لسد النهضة في يونيو (حزيران) المقبل، دون اتفاق ملزم يضمن تبادل المعلومات، وضمانات التشغيل، والإدارة البيئية والاجتماعية.
وفي هذا السياق، أكد رئيس الوزراء في الخطاب أن أي إجراء أحادي الجانب للملء سوف يلحق الضرر بالسودان، ويهدد أمنه القومي، داعياً إثيوبيا إلى العودة لطاولة المفاوضات لإبرام اتفاق قانوني ملزم حول سد النهضة.
وأشارت وزارة الخارجية، في البيان، أن الخطاب «ستتبعه تحركات دبلوماسية كثيفة على المستوى الإقليمي والدولي لشرح الموقف الراهن وخطورته، وضرورة دعم اللجنة الرباعية».
من جهة ثانية، علمت «الشرق الأوسط» من مصادرها باتصال أجراه رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، بحضور وزيرة الخارجية مريم المهدي، ووزير الري ياسر عباس، مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، لتكثيف الضغوط على إثيوبيا لقبول وساطة الآلية الرباعية في جولة المفاوضات المقبلة، بهدف وقف أي خطوات أحادية من جانبها، تزيد من تعقيدات القضية والمشهد على المستوى الإقليمي. وكانت وزيرة الخارجية السودانية قد التقت أول من أمس رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي بالخرطوم، روبرت فان دن دوول، الذي أكد بدوره استعداد «الأوروبي» للمشاركة في رئاسة الآلية الرباعية لمفاوضات سد النهضة.
ويلوّح السودان باللجوء إلى خيارات قانونية، لم يكشف عنها، في حال إقدام إثيوبيا على مواصلة الملء الثاني قبل التوصل لاتفاق، فيما يرجح مقربون من دوائر صنع القرار أن تكون إحدى هذه الخطوات توجه السودان إلى مجلس الأمن الدولي. ووافقت مصر خلال زيارة رئيسها عبد الفتاح السيسي للخرطوم، الأسبوع الماضي، على توسيع مظلة الوساطة لتشمل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأميركا. وتأتي التحركات السودانية عقب التوافق الكبير مع مصر على تكثيف التنسيق المشترك بين البلدين في ملف سد النهضة، لبدء مسار مفاوضات جادة، وفعالة من أجل التوصل لاتفاق في أقرب فرصة ممكنة قبل موسم الفيضان.
وكان الجانبان قد اتفقا على رفض أي إجراءات أحادية من جانب إثيوبيا للملء الثاني للسد، دون اتفاق قانوني عادل وملزم، قد يلحق أضراراً بحقوق ومصالح دولتي المصب السودان ومصر. لكن إثيوبيا رفضت الثلاثاء الماضي الوساطة الرباعية، معلنة تمسكها بوساطة الاتحاد الأفريقي، الذي يرأس دورته الحالية رئيس دولة الكونغو فيليكس تشيسكيدي.
وتعثرت المفاوضات بسبب الصعوبة، التي يجدها الاتحاد الأفريقي في اتخاذ قرار بمنح الخبراء الأفارقة دور الوسطاء، والمسهلين في العملية التفاوضية لتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث في القضايا محل الخلاف. فيما تخطط إثيوبيا خلال العام الحالي لحجز 13 بليون متر مكعب من المياه في عملية الملء الثاني للسد، والتي تقارب 3 أضعاف الملء الأول في العام الماضي، وهو الأمر الذي يشكل تهديداً لأكثر من نصف سكان السودان على النيل الأزرق. كما يهدد أكبر منشآته المائية (سد الروصيرص).
ويعول السودان كثيراً على ثقل أميركا والاتحاد الأوروبي في التأثير الإيجابي على الدول الثلاث، وعلى وجه الخصوص إثيوبيا لتحريك الملف باتجاه اتفاق متوافق عليه، ومرضٍ لجميع الأطراف.
السودان يطلب رسمياً تشكيل «آلية رباعية» في مفاوضات سد النهضة
قدّم خطابات للأمم المتحدة و«الأفريقي» و«الأوروبي» وأميركا
السودان يطلب رسمياً تشكيل «آلية رباعية» في مفاوضات سد النهضة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة