«توغلات» تركية شمال سوريا لـ«تقطيع أوصال» الكيان الكردي

أنقرة استعملت «ورقة اللاجئين» ضد بروكسل

«توغلات» تركية شمال سوريا لـ«تقطيع أوصال» الكيان الكردي
TT

«توغلات» تركية شمال سوريا لـ«تقطيع أوصال» الكيان الكردي

«توغلات» تركية شمال سوريا لـ«تقطيع أوصال» الكيان الكردي

اتسم موقف تركيا من الوضع في سوريا بالارتباك وبني على حسابات خاطئة منذ قيام الثورة على نظام الرئيس بشار الأسد الذي اعتقد صناع القرار في أنقرة في 2011، أنه سرعان ما سيسقط في غضون شهرين أو ثلاثة على الأكثر ما دفعهم إلى تغيير مواقفهم الحادة منه من وصفه على لسان الرئيس رجب طيب إردوغان بـ«القاتل» و«السفاح» إلى الإصرار على إخراجه من المعادلة، إلى الموافقة على استمراره في «مرحلة انتقالية» يتم خلالها تحقيق الانتقال السياسي.
بقيت تركيا بعيدا عن التدخل العسكري المباشر في سوريا حتى عام 2016، لكنها استقبلت نحو 4 ملايين من النازحين السوريين وأقامت معسكرات إيواء لهم في المناطق المتاخمة للحدود التي لا يوجد بها سوى نحو 300 ألف منهم بينما انتشر الباقون داخل المدن وبخاصة إسطنبول، وعملت في الوقت ذاته على تشكيل هياكل عسكرية ومدنية لتولي زمام الأمور في البلاد بعد «رحيل الأسد» بدءا بـ«الجيش السوري الحر» و«المجلس الوطني» و«الائتلاف» و«الحكومة المؤقتة».
- ثلاثة «توغلات»
وعلى مدى السنوات الخمس الأخيرة، شنت تركيا ثلاث عمليات عسكرية في شمال سوريا بدأت بعملية «درع الفرات» في 2016، والتي استهدفت إبعاد تنظيم «داعش» و«وحدات حماية الشعب» الكردية. وفي 2018 نفذت وفصائل معارضة عملية «غصن الزيتون» في عفرين، بهدف إنهاء وجود «الوحدات» (التي تعتبرها تركيا تنظيما إرهابيا وامتدادا لحزب العمال الكردستاني) في مناطق الحدود، ثم عملية «نبع السلام» في أكتوبر (تشرين الأول) 2019. والتي استهدفت مناطق «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) شرق الفرات، وتوقفت بعد أيام قليلة بعد السيطرة على مدينتي تل أبيض ورأس العين، بتدخل من الولايات المتحدة وروسيا، اللتين وقعتا اتفاقيتين مع تركيا لوقف العملية مع ضمان انسحاب «قسد» إلى مسافة 30 كلم من الحدود وتسيير دوريات مشتركة.
وفي 27 فبراير (شباط) 2020 أعلنت تركيا إطلاق عملية في إدلب تحت اسم «درع الربيع» استهدفت وقف تقدم الجيش السوري في محافظة إدلب، بعد مقتل 36 جنديا من جنودها في هجوم على إحدى نقاطها العسكرية المنتشرة في منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا بموجب اتفاق أستانة مع روسيا وإيران في 2017، والذي استغلته تركيا للوجود عسكريا في إدلب. وسعت من هذا الوجود لتقيم أكثر من 65 نقطة مراقبة في إدلب ومناطق من حلب وحماة واللاذقية، لكنها لم تستمر طويلا أيضا بعد تدخل روسيا لتوقيع اتفاق لوقف النار في موسكو في 5 مارس (آذار) تضمن إقامة منطقة عازلة بين قوات النظام والمعارضة وتسيير دوريات تركية - روسية على جانبيها وفتح طريقي حلب - اللاذقية الدولي وحلب - دمشق، على أن تقوم تركيا بتأمين مسار الدوريات والفصل بين فصائل المعارضة المعتدلة والجماعات المتشددة، وهو ما أعلنت روسيا أن تركيا فشلت فيه حتى الآن ولذلك أوقفت تسيير الدوريات المشتركة منذ أغسطس (آب) 2020.
- مبررات ومصالح
بررت تركيا تدخلها العسكري في سوريا بإقامة منطقة آمنة لإيواء 4 ملايين لاجئ سوري على أراضيها، وهو المطلب الذي لم يلق دعما من أميركا وأوروبا، فضلا عن دعم حق الشعب السوري في اختيار نظامه ودعم مطالبه والتعبير عنها بحرية، وتأمين حدودها المشتركة مع سوريا من أنشطة «حزب العمال الكردستاني».
واتضح من خلال تطورات الأزمة السورية أن تركيا تستخدم اللاجئين، «ورقة ضغط» على أوروبا للحصول على مزيد من المساعدات، والتسهيلات وإعادة الحياة إلى مفاوضات انضمامها إلى عضويته. كما أنها اعتمدت ممارسات «التتريك» في المناطق التي سيطرت عليها في شمال وشمال شرقي سوريا عبر «تغيير بنيتها الديموغرافية» وربطها إداريا بالولايات التركية الحدودية مثل هطاي وغازي عنتاب، وتعميم استخدام الليرة التركية وتولي مؤسسات خدمات البريد والكهرباء والتعليم والصحة في هذه المناطق بالمخالفة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وهناك اعتقاد أن تركيا تهدف لجعل إدلب منطقة خاضعة للفصائل والتنظيمات السياسية والعسكرية. وأعلنت أن قواتها لن تخرج منها «حتى يتم التوصل إلى حل للأزمة السورية».
وتواجه السياسة التركية انتقادات واسعة في الداخل، وأكد الجنرال التركي المتقاعد أحمد ياووز، أن إردوغان ارتكب «أخطاء فادحة» في سياساته تجاه سوريا، فيما رأى وزير الخارجية الأسبق يشار ياكيش، أن سياسة إردوغان خاطئة لأنها «كانت مبنية على الافتراض بأن الأسد سيرحل في وقت قريب.
لكن تبين خطأ هذا التقييم، كما أن هناك خطأ آخر تمثل في قطع العلاقات مع سوريا وإغلاق جميع قنوات الاتصال بها»، فضلا عن أن تركيا تعاونت مع الغرب في تزويد المعارضة السورية بالسلاح والذخيرة، ولم تتمكن من منع وقوع السلاح في أيدي المتطرفين، وتحولت إلى بلد عبور للأسلحة والمتشددين إلى سوريا.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.