السعودية تبدأ اليوم تطبيق مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية في سوق العمل

خبراء لـ : ستجذب الاستثمار الأجنبي وتقوض القضايا العمالية وترفع كفاءة الكوادر

بدء تطبيق مبادرة العلاقة التعاقدية في سوق العمل اليوم واستئناف قطار الحرمين نهاية الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
بدء تطبيق مبادرة العلاقة التعاقدية في سوق العمل اليوم واستئناف قطار الحرمين نهاية الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تبدأ اليوم تطبيق مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية في سوق العمل

بدء تطبيق مبادرة العلاقة التعاقدية في سوق العمل اليوم واستئناف قطار الحرمين نهاية الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
بدء تطبيق مبادرة العلاقة التعاقدية في سوق العمل اليوم واستئناف قطار الحرمين نهاية الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

تبدأ السعودية اليوم (الأحد)، تطبيق مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية، وذلك بعد أن أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إطلاق إحدى مبادرات برنامج التحول الوطني، التي تستهدف دعم رؤية الوزارة في بناء سوق جاذبة وتمكين وتنمية الكفاءات البشرية وتطوير بيئة العمل.
وأكد مختصون أهمية السعي وراء تحسين سوق العمل المحلية لتتواكب مع تطلعات الدولة وتكون جاذبة لاستقطاب الكفاءات الماهرة، مؤكدين أن من مزايا خدمة التنقل الوظيفي إلغاء التحكم الجائر وضعف الإدارة على العمالة وإجبار صاحب العمل على الالتزام بالعلاقة التعاقدية.

رفع الكفاءة
وأفاد الرئيس التنفيذي لشركة «ميرسير» الاستشارية العالمية في السعودية محمود غازي، بأن تطبيق العلاقة التعاقدية سيمكن من رفع كفاءة الموارد البشرية العاملة في سوق العمل السعودية، إذ ستفك ارتباط علاقة الشخص بالكفالة المعمول بها سابقاً، لتجعل معيار التنقل في العمل وفق الإجراءات والاشتراطات الجديدة، متعلقة بمدى الكفاءة والجدارة والمستوى المهني.
وقال غازي لـ«الشرق الأوسط» إن تغيير آلية تنقل العمالة الذي انتهجته وزارة الموارد البشرية في مبادرتها الجديدة سيحدث قفزة في تحسين حقوق الموظف وصاحب العمل على حد سواء، وهو الأمر الذي سينعكس بدوره على مستوى جذب المستثمرين ورفع الاستثمارات في السعودية.

القضايا العمالية
وقال المحلل الاقتصادي عبد الرحمن الجبيري لـ«الشرق الأوسط»، إن المبادرة تساعد في تقويض القضايا العمالية وكفاءة سوق العمل السعودية لإحداث نقلة نوعية متطورة في العلاقة التعاقدية بشكل عام بين المنشآت الاقتصادية بمختلف تخصصاتها.
وتابع أن المبادرة تأتي ضمن مجموعة من البرامج والآليات الهادفة إلى تطبيق أفضل الممارسات العالمية بما يحقق هيكلة سوق العمل، ومنها الجوانب التشريعية والسياسات والضوابط وربطها بالأداء الرقمي لتحقيق مرونة واستجابة أعلى، مشيراً إلى أن معدل القضايا العمالية قد وصل في آخر 3 أعوام إلى 153 ألف قضية بمعدل زيادة 167 في المائة.
وذكر الجبيري: «مع بداية التطبيق يمكن القول إن هناك كثيراً من الإيجابيات؛ ومنها زيادة تنافسية العامل السعودي وتحسين بيئة العمل المحلية وتبوؤ مراكز متقدمة في تصنيف السعودية ضمن مؤشر التنافسية الدولية، وخفض التكاليف الناتجة عن آليات التوظيف، ودعم فرص أكبر لتوطين الوظائف والتقنية واكتساب الخبرات، ما سيخفض حالات الهروب وبلاغات التغيب».

الأنظمة الدولية
من جانبه، أفصح عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للموارد البشرية بدر العنزي لـ«الشرق الأوسط»، أن المبادرة جاءت لمواكبة سوق العمل العالمية والأنظمة الدولية لتكون صحية، كما ستشهد منافسة عالية بين المنشآت والعمال، إضافة إلى جذب رؤوس الأموال الأجنبية بعد إلغاء نظام الكفالة.
وكشف العنزي عن احتمالية وجود ارتباك في السوق بعد تطبيق القرار، وذلك من الطبيعي، بحسب وصفه، كون النظام الجديد يحتاج لفترة زمنية لاستيعابه في المنشآت الإجراء حيث التطبيق العملي للعقود بعد أشهر من بدء التنفيذ، مضيفاً أنه من المؤكد صدور تحديثات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية متعلقة بالمبادرة في الفترة المقبلة.

الكفاءات البشرية
من جهته، أكد الأستاذ بكلية الأعمال بجامعة جدة الدكتور سالم باعجاجه لـ«الشرق الأوسط»، أن مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية هي إحدى مبادرات رؤية 2030، وذلك لبناء سوق عمل جاذبة وتنمية الكفاءات البشرية وتطوير بيئة العمل، وقد أطلقت خدمات التنقل الوظيفي للعامل بين منشآت القطاع الخاص، وكذلك تسجيل الخروج والعودة بطرق سهلة يسمح فيها للعامل برفع الطلب خلال مدة سريان العقد بشكل آلي عبر منصة «أبشر» دون تدخل رب العمل، وأن هذه إجراءات رائعة نحو تطوير سوق العمل.
وتقدم المبادرة ثلاث خدمات رئيسية؛ هي التنقل الوظيفي، وتطوير آليات الخروج والعودة والخروج النهائي، وتشمل جميع العاملين الوافدين في منشآت القطاع الخاص ضمن ضوابط محددة تراعي حقوق طرفي العلاقة التعاقدية.
وأوضحت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أن هذه المبادرة تأتي ضمن سعيها لتحسين ورفع كفاءة بيئة العمل، واستكمالاً لجهودها السابقة في هذا المجال من خلال إطلاق كثير من البرامج؛ أهمها برنامج حماية أجور العاملين في القطاع الخاص وتوثيق العقود إلكترونياً، ورفع الوعي بالثقافة العمالية وبرنامج «ودي» لتسوية الخلافات العمالية، وكذلك اعتماد التأمين على حقوق العاملين، وإطلاق منظومة اللجان العمالية المنتخبة، وغيرها من الإجراءات التي تُعنى بتطوير وتحسين بيئة العمل وحماية حقوق جميع أطراف العلاقة التعاقدية.

التنقل الوظيفي
وبحسب وزارة الموارد البشرية، تسعى مبادرة «تحسين العلاقة التعاقدية» لزيادة مرونة وفاعلية وتنافسية سوق العمل، ورفع جاذبيتها بما يتواءم مع أفضل الممارسات العالمية، وتفعيل المرجعية التعاقدية في العلاقة العمالية بين صاحب العمل والعامل بناء على العقد الموثق بينهما، ما يسهم في تقليص التباين في الإجراءات التعاقدية للعامل السعودي مقابل الوافد، الأمر الذي سينعكس على زيادة فرص توظيف المواطنين في السوق واستقطاب الكفاءات.
وتتيح خدمة التنقل الوظيفي للعامل الوافد الانتقال لعملٍ آخر عند انتهاء عقد عمله دون الحاجة لموافقة صاحب العمل، كما تحدد آليات الانتقال خلال سريان العقد شريطة الالتزام بفترة الإشعار والضوابط المحددة، وتسمح خدمة الخروج والعودة بالسفر خارج المملكة وذلك عند تقديم الطلب.
وتعزز المبادرة من تنافسية سوق العمل السعودية مع الأسواق العالمية وترفع تصنيفه في مؤشرات التنافسية الدولية، حيث ترتقي بسياسات العمل وفق الممارسات المُنظِّمة للعلاقات العمالية المتفق عليها، كما ستؤدي إلى الحد من الخلافات التي تنشأ أحياناً بسبب عدم اتفاق أطراف العلاقة، وتسهم في تمكين وتنمية رأس المال البشري واستقطاب الكفاءات في سوق العمل.
ومن المنتظر أن تُحدث «تحسين العلاقة التعاقدية» آثاراً اقتصادية إيجابية، منها مرونة سوق العمل وتطوره، ورفع إنتاجية القطاع الخاص، واستقطاب الكفاءات أصحاب المهارات العالية، والمساهمة في تحقيق مستهدفات برنامج رؤية المملكة 2030 عبر برنامج «التحول الوطني».


مقالات ذات صلة

اختتام الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج واليابان

الاقتصاد الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)

اختتام الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج واليابان

ناقشت الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي واليابان عدداً من المواضيع في مجالات السلع، والخدمات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

أكمل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الاستحواذ على حصة تُقارب 15 % في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة تجمع المسؤولين السعوديين واليابانيين خلال إطلاق صندوق مؤشرات متداولة وإدراجه في بورصة طوكيو (الشرق الأوسط)

«الاستثمارات العامة السعودي» يستثمر بأكبر صندوق في بورصة طوكيو

أعلنت مجموعة «ميزوهو» المالية، الخميس، إطلاق صندوق مؤشرات متداولة، وإدراجه في بورصة طوكيو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
TT

بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)

خفّضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف فرنسا بشكل غير متوقع يوم الجمعة، ما أضاف ضغوطاً على رئيس الوزراء الجديد للبلاد، لحشد المشرّعين المنقسمين لدعم جهوده للسيطرة على المالية العامة المتوترة.

وخفض التصنيف، الذي جاء خارج جدول المراجعة المنتظم لـ«موديز» لفرنسا، يجعل تصنيفها «إيه إيه 3» من «إيه إيه 2» مع نظرة مستقبلية «مستقرة» للتحركات المستقبلية، أي 3 مستويات أقل من الحد الأقصى للتصنيف، ما يضعها على قدم المساواة مع تصنيفات وكالات منافسة «ستاندرد آند بورز» و«فيتش».

ويأتي ذلك بعد ساعات من تعيين الرئيس إيمانويل ماكرون للسياسي الوسطي المخضرم، وحليفه المبكر فرنسوا بايرو كرئيس وزراء رابع له هذا العام.

وكان سلفه ميشال بارنييه فشل في تمرير موازنة 2025، وأطاح به في وقت سابق من هذا الشهر نواب يساريون ويمينيون متطرفون يعارضون مساعيه لتقليص الإنفاق بقيمة 60 مليار يورو، التي كان يأمل في أن تكبح جماح العجز المالي المتصاعد في فرنسا.

وأجبرت الأزمة السياسية الحكومة المنتهية ولايتها على اقتراح تشريع طارئ هذا الأسبوع، لترحيل حدود الإنفاق وعتبات الضرائب لعام 2024 مؤقتاً إلى العام المقبل، حتى يمكن تمرير موازنة أكثر ديمومة لعام 2025.

وقالت «موديز» في بيان: «إن قرار خفض تصنيف فرنسا إلى (إيه إيه 3) يعكس وجهة نظرنا بأن المالية العامة في فرنسا سوف تضعف بشكل كبير بسبب التشرذم السياسي في البلاد، الذي من شأنه في المستقبل المنظور أن يقيد نطاق وحجم التدابير التي من شأنها تضييق العجز الكبير».

وأَضافت: «بالنظر إلى المستقبل، هناك الآن احتمال ضئيل للغاية بأن تعمل الحكومة المقبلة على تقليص حجم العجز المالي بشكل مستدام بعد العام المقبل. ونتيجة لذلك، نتوقع أن تكون المالية العامة في فرنسا أضعف بشكل ملموس على مدى السنوات الثلاث المقبلة مقارنة بسيناريو خط الأساس الخاص بنا في أكتوبر (تشرين الأول) 2024».

وفتحت وكالة التصنيف الائتماني الباب لخفض تصنيف فرنسا في أكتوبر، عندما غيرت توقعاتها للبلاد من «مستقرة» إلى «سلبية».

وكان بارنييه ينوي خفض عجز الموازنة العام المقبل إلى 5 في المائة من الناتج الاقتصادي من 6.1 في المائة هذا العام، مع حزمة بقيمة 60 مليار يورو من تخفيضات الإنفاق وزيادات الضرائب. لكن المشرّعين اليساريين واليمينيين المتطرفين عارضوا كثيراً من حملة التقشف وصوتوا على إجراء حجب الثقة ضد حكومة بارنييه، مما أدى إلى سقوطها.

وقال بايرو، الذي حذر منذ فترة طويلة من ضعف المالية العامة في فرنسا، يوم الجمعة بعد وقت قصير من توليه منصبه، إنه يواجه تحدياً «شاقاً» في كبح العجز.

وقال وزير المالية المنتهية ولايته أنطوان أرماند، إنه أخذ علماً بقرار «موديز»، مضيفاً أن هناك إرادة لخفض العجز كما يشير ترشيح بايرو. وقال في منشور على أحد مواقع التواصل الاجتماعي: «إن ترشيح فرنسوا بايرو رئيساً للوزراء والإرادة المؤكدة لخفض العجز من شأنه أن يوفر استجابة صريحة».

ويضيف انهيار الحكومة وإلغاء موازنة عام 2025، إلى أشهر من الاضطرابات السياسية التي أضرت بالفعل بثقة الشركات، مع تدهور التوقعات الاقتصادية للبلاد بشكل مطرد.

ووضعت الأزمة السياسية الأسهم والديون الفرنسية تحت الضغط، ما دفع علاوة المخاطر على سندات الحكومة الفرنسية في مرحلة ما إلى أعلى مستوياتها على مدى 12 عاماً.