تركيا ترفض اتهامات أوروبية بـ«انتهاكات جسيمة» في سوريا

قصف روسي بين ريفي حلب وإدلب

عائلة سورية نازحة في ريف إدلب (أ.ف.ب)
عائلة سورية نازحة في ريف إدلب (أ.ف.ب)
TT

تركيا ترفض اتهامات أوروبية بـ«انتهاكات جسيمة» في سوريا

عائلة سورية نازحة في ريف إدلب (أ.ف.ب)
عائلة سورية نازحة في ريف إدلب (أ.ف.ب)

أعلنت تركيا رفضها قرارا للبرلمان الأوروبي اتهمها بارتكاب «انتهاكات جسيمة» لحقوق الإنسان في سوريا وطالبها بسحب قواتها منها، واصفة ما جاء في القرار بـ«الاتهامات البعيدة عن الواقع وغير المسؤولة».
وأكدت وزارة الخارجية، في بيان، أنها ترفض الادعاءات التي وجهها البرلمان الأوروبي إلى تركيا، التي قال إنها «تحتضن ملايين السوريين على أراضيها، وتتحمل مسؤوليات كبيرة بمفردها بسبب الأزمة في هذا البلد».
وأصدر البرلمان الأوروبي، الخميس، قرارا أعرب فيه عن القلق إزاء استمرار «المأزق السياسي» في سوريا، وعدم إحراز تقدم في إيجاد حل في سوريا، رافضا التطبيع مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد. كما أكد أن الانتخابات الرئاسية المقبلة «بلا مصداقية».
وأكد القرار أن الحل الدائم للنزاع السوري لا يمكن تحقيقه بالطرق العسكرية. وانتقد القرار النظام السوري، بسبب عدم رغبته في التفاوض حول صياغة مسودة الدستور، رغم استعداد المعارضة السورية للتعاون.
وأدان البرلمان الأوروبي جميع المجازر وانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في سوريا، واتهم النظام السوري وروسيا وإيران وتركيا بالوقوف وراءها، كما اتهم تركيا بتعريض السلام في الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط للخطر. ولفت القرار إلى أن سوريا «ليست بلداً آمناً للعودة إليه، وأن أي عودة يجب أن تكون آمنة وطوعية وكريمة، بما يتماشى مع الموقف المعلن للاتحاد الأوروبي». وقالت الخارجية التركية، في بيانها الصادر ليل الجمعة - السبت ردا على القرار الأوروبي، إن تركيا نفذت عمليات عسكرية شمال سوريا بموجب حق الدفاع عن النفس المنصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، بهدف مكافحة التنظيمات الإرهابية التي تشكل خطرا على الشعبين التركي والسوري.
وأضافت أن الجيش التركي بذل جهودا كبيرة في سبيل عدم إلحاق الأذى بالمدنيين خلال تلك العمليات، التي نجح من خلالها في تخليص الشعب السوري من تنظيم «داعش»، ووحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تعتبرها أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني (المحظور) في لافتة إلى أن تلك العمليات أسفرت عن عودة أكثر من 420 ألف لاجئ سوري إلى ديارهم طوعا، مع إشراف قوات محلية تابعة للحكومة السورية المؤقتة في الحفاظ على الاستقرار والأمن بالمنطقة.
وتابع البيان أنه كان يجب على البرلمان الأوروبي انتقاد الوحدات الكردية جراء «أنشطتها الإرهابية» المتزايدة في الفترات الأخيرة بهدف القضاء على الاستقرار والأمن في المنطقة، معتبرا أن تركيا تواصل بإصرار كبير مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية على الأرض من جهة، وتسعى على الطاولة إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية بموجب القرار الأممي رقم 2254. من جهة أخرى.
وتابع البيان: «ندعو البرلمان الأوروبي لإدراك مدى أهمية المساهمات التركية في سوريا من حيث حماية حدود الناتو وأوروبا، والسعي للمساهمة في التوصل إلى تسوية سياسية للمشكلة، بدلا من توجيه اتهامات غير مسؤولة وبعيدة عن الواقع».
في سياق متصل، قصفت القوات التركية المتمركزة في بلدة كلجبرين بريف حلب الشمالي بعشرات القذائف المدفعية، أطراف بلدة تل رفعت ومحيط مطار منغ العسكري وحربل وحصية والسد ومزارع أم حوش، ومواقع في ناحية شيراوا ما بين صوغانة وأقيبة، ضمن مناطق انتشار قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وتواصل القصف التركي، أمس (السبت) لليوم الثاني على التوالي، حيث كانت القواعد العسكرية التركية في منطقة «درع الفرات» استهدفت، أول من أمس، محيط مطار منغ العسكري ومنطقة تل رفعت ومحور مرعناز والشيخ عيسى الخاضعة لسيطرة قسد في شمال حلب، وذلك بعد مقتل عنصر من الفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا، في اشتباكات عنيفة بالرشاشات الثقيلة والمدفعية على محور بلدة كفرخاشر بريف حلب، بين الفصائل الموالية لتركيا من جهة، وقوات قسد من جهة أخرى، إثر محاولة تسلل بعض عناصرها إلى مواقع متقدمة للفصائل الموالية لتركيا. كما قصفت القوات المتمركزة في القاعدة التركية في قرية توخار الصغير بالمدفعية الثقيلة، محيط قرية الجات شمال منبج في ريف حلب الشرقي.
على صعيد آخر، نفذت طائرة حربية روسية، أمس، 5 غارات بصواريخ شديدة الانفجار على أطراف بلدة رحاب قرب مناطق التماس بين الفصائل وقوات النظام في ريف حلب الغربي، تزامناً مع تحليق طائرات استطلاع في أجواء المنطقة.
في الوقت ذاته، تجددت الاشتباكات المتبادلة بالرشاشات الثقيلة وقذائف الهاون، بين قوات النظام وفصائل المعارضة المسلحة على محاور العمقية والعنكاوي بسهل الغاب شمال غربي حماة، وقصفت قوات النظام قرى وبلدات جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، واستهدفت الفصائل بالمدفعية الثقيلة مواقع قوات النظام في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.