«سيزار» الفرنسية وزعت جوائزها للمرة السادسة والأربعين

وسط احتجاج على حال الثقافة والفنون

سامي بوعجيلة: أفضل ممثل
سامي بوعجيلة: أفضل ممثل
TT

«سيزار» الفرنسية وزعت جوائزها للمرة السادسة والأربعين

سامي بوعجيلة: أفضل ممثل
سامي بوعجيلة: أفضل ممثل

صعدت الممثلة كورين ماسييرو مسرح الأولمبياد الموسيقي الباريسي لتقديم جوائز سيزار الفرنسية يوم أول من أمس، وهي ترتدي فستاناً أحمر وعلى رأسها موديل لرأس حمار. خلعت الموديل، مفهوم، ثم خلعت ملابسها ووقفت على المنصة عارية تماماً.
لم يكن هناك الكثير من الثياب على أي حال… فستان أحمر مشقوق عند الساقين رمته على أرض المسرح، ووقفت أمام جمهور صفق للبادرة وهي بلباسها الطبيعي.
ماسييرو (57 سنة) ليست بالتحديد جميلة، ولا هي خلعت ما ارتدته على خشبة المسرح لكي تفوز ببطولة فيلم (معظم ما مثلته في السينما /29 فيلماً طويلاً من عام 1993/ كان أدواراً مساندة أو صغيرة). قبل أعوام رُشحت عن بطولتها لفيلم بعنوان «لويس ويمر» (لسيريل منيغون، 2011) لجائزة سيزار ولم تحصل عليها، لكن ظهورها قبل أمس (الجمعة) لم يكن احتجاجاً متأخراً على ذلك أيضاً.
سبب قرارها بالتعري فوق خشبة المسرح سياسي: «لا ثقافة. لا مستقبل»، كما قالت العبارة التي كُتبت على صدرها. ها هي تستدير لتعرض عبارة أخرى موجهة لرئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس. تقول العبارة «أعد لنا الفن يا جان». بعد حين، وبعدما قطعت «كنال بلوس» الفرنسية الإرسال، ثم عادت إليه، شوهدت الممثلة بفستانها من جديد وهي تغادر المسرح.
سبب الاحتجاج العاري يعود إلى تلك القوانين التي فرضتها الحكومة الفرنسية بسبب انتشار الوباء، الذي وقع كصاعقة على العاملين في الميادين الفنية كافة. هذا الظهور لن يُغير شيئاً على صعيد الإجراءات المتخذة ضد انتشار الوباء، لكن رسالته وصلت وربما تكون حافزاً لقيام الحكومة بمراجعة الأضرار الناتجة عن توقف حال الفنانين والعاملين في ضروب الفن بسببها.
مراهقون ومغفلون
نقلت قناة «كانال بلوس» الحفل غير مشفر مما أتاح لغير المشتركين بها متابعة جوائز سيزار في دورتها السادسة والأربعين. مثل «البافتا» البريطانية و«غويا» الإسبانية وسواهما حول العالم، هي بمثابة الأوسكار المحلي، وتمنح جوائزها في 23 مسابقة تشمل على التمثيل في ستة سباقات (أفضل ممثل، أفضل ممثلة، أفضل ممثل في دور مساند، أفضل ممثلة في دور مساند، ثم أفضل ممثلة وممثل جديدين) والسيناريو والإخراج والتصوير والموسيقى والتوليف وأفضل فيلم وأفضل فيلم أجنبي، كما أفضل فيلم قصير من بين أخرى.
سجل «وداعاً أيها المغفلون»Adieu Les Cons) ) فوزاً في ست خانات أهمها أفضل فيلم وأفضل مخرج (ألبير دوبونتل) وأفضل سيناريو أصلي وأفضل تصوير. كذلك فاز بسيزار أفضل ممثل مساند وأفضل تصميم إنتاج.
هو فيلم كوميدي تقع معظم أحداثه داخل مكتب للمعلومات تلجأ إليه امرأة متوسطة العمر (فرجيني إفيرا) بحثاً عن ابنتها المفقودة منذ سنين. يساعدها في البحث موظف يعمل في تلك المؤسسة ولو أنه أعمى.
الأفلام المنافسة له كانت «المراهقات» لسابستيان لفشيتز، الذي عرضته مهرجانات لوكارنو ولندن وبروسل بين أخرى، و«حماري وعشيقي» لكارولين فينال، و«الأشياء التي نقولها، الأشياء التي نقوم بها» لإيمانويل موريه، الذي تدور أحداثه في الريف الفرنسي، كما حال «حماري وعشيقي» (ضمه مهرجان «كان» لعروضه الرسمية للدورة الأخيرة التي لم تقم سنة 2020) و«صيف 45» (قصة حب مثلية لفرنسوا أوزون كان من المقرر لها أن تُعرض كذلك في المهرجان الفرنسي في العام الماضي).
كل من فرنسوا أوزون وإيمانويل موريه وسيباستيان ليفشيتز تنافسوا على جائزة أفضل مخرج ليفوز بها ألبير دوبونتيل عن «وداعاً أيها المغفلون». المرشح الخامس عنوانه «DNA» للمخرجة (الممثلة أصلاً) مايون.
باستثناء الفيلم الفائز فعلاً، تشترك باقي الأعمال في مسحة خفيفة من المعالجة ترمي لإرضاء أذواق الجمهور السائد. حتى فيلم فرنسوا أوزون «صيف 45» مصنوع لتلبية أذواق من هم خارج إطار الاهتمام المباشر بموضوعه.
المسابقة الأجنبية
بمقارنة هذه الزمرة من الأفلام بتلك التي تنافست على جائزة أفضل فيلم أجنبي يتبين أن تلك غير الفرنسية حملت تحديات أعلى بالنسبة لاهتماماتها كما بالنسبة لمعالجاتها. هذا واضح عبر «1917» (هو من إنتاج 2019 لكن توزيعه تأخر في فرنسا) لسام منديز، الذي وضع في سرد حمل ابتكاراً وتشويقاً حكاية جنديين بريطانيين عليهما الوصول إلى ما بعد حدود العدو لتحذير قائد بريطاني من مغبة شن هجومه المزمع خلال الحرب العالمية الثانية.
«كوربوس كريستي» من المخرج البولندي يان كوماسا حول شاب يلجأ للدين مجدداً بعد حياة في الجريمة مكتشفاً ما افتقده من مبادئ أخلاقية واجتماعية. الفيلم الثالث في هذه المسابقة هو «مياه داكنة» الذي يدور حول تسميم البيئة من خلال قصة قضية يرفعها متضررون. فيلم تود هاينز هذا لم يشهد الكثير من النجاح، لكن حفنة من الممثلين الذين يؤمنون برسالته أدوا الأدوار الأولى، وهم تيم روبنز ومارك فالو وآن هاذاواي.
لجانب ما سبق شهدت هذه المسابقة حضور الفيلم الإسباني «عذراء أغسطس» ليوناس تروبا الذي جال مهرجانات كثيرة منذ إطلاقه في المهرجان التشيكي كارلوفي فاري في صيف 2019.
أما الفيلم الفائز فهو «دورة أخرى» للدنماركي توماس فنتربيرغ (عُرض في فرنسا تحت عنوان آخر هو Drunk»») حول لقاء لأربعة أصدقاء من أيام المدرسة سابقاً يتبادلون فيه الشرب والكشف عن دواخل شخصياتهم.
لجائزة أفضل ممثلة في دور رئيسي، تنافست لور كالامي عن «حماري وعشيقي»، وكامليا جوردانا عن «الأشياء التي نقولها، الأشياء التي نقوم بها»، وفرجينيا إفيرا عن «وداعاً أيها المغفلون»، وكل من باربرا سوكوفا ومارتين شيفالييه عن «كلانا». الفائزة بينهن كانت لور كالامي.
في الجانب الرجالي، فاز التونسي الأصل سامي بوعجيلة عن «ولد» (أو «بيك نعيش» كما عنوانه العربي)، وهو فيلم حول مرض يصيب ابن رجل ومطلقته يجمعهما من جديد ويعيد خلافاتهما للعلن.
منافسوه كانوا نيل شنايدر عن «الأشياء التي نقولها والأشياء التي نقوم بها»، وألبير دوبونتيل «وداعاً أيها المغفلون»، ولامبرت ولسون عن دوره في «ديغول»، وجوناثان كوهَن عن «متألق».
فيلمان فازا بجوائز الأفلام المتحركة واحد عن قسم الأفلام القصيرة وعنوانه «ساعة الدب»، والثاني عن في قسم الأفلام الطويلة عنوانه «جوزف»: إنتاج فرنسي - إسباني يستحق ما ناله هنا كونه معنياً بسيرة حياة الرسام الإسباني جوزف بارتولي، الذي لجأ إلى فرنسا (خلال الحرب الأهلية في إسبانيا) باحثاً عن مأوى، فألقي القبض عليه، وأودع معسكر اعتقال قبل تسليمه للغيستابو. بارتولي نفد من الموت عندما فر من المعتقل وتسلل إلى سفينة نقلته إلى المكسيك حيث عاش وواصل رسوماته.

جدول الجوائز‬
بالنسبة لكثيرين، جمعت مسابقة «سيزار» في العام الماضي أفلاماً أعلى قيمة من تلك التي شهدتها دورة هذه السنة.
كان من بين الأفلام السبعة التي تم ترشيحها فيلم «البائسون» للادي لي (إنتاج توفيق عيادي)، و«إني أتهم» لرومان بولانسكي، وهذا الأخير خرج بجائزة أفضل إخراج، بينما فاز «البائسون» بسيزار أفضل فيلم.
وإذا كان احتجاج الممثلة كورين ماسييرو هذا العام لفت الأنظار، ولو إلى حين، لوضع الثقافة والفنون في زمن «الكوفيد»، فإن احتجاج العام الماضي كان مختلفاً ولا يقل حدة، ذلك أن مشاكل بولانسكي الجنسية السابقة طفت من جديد عندما قامت ممثلات أخريات بالكشف عن تعرضهن لتحرشاته.
خارج إطار جوائز سيزار، فإن المناسبات السينمائية المقبلة تتوزع على النحو التالي:
‫• 21 مارس: إعلان جوائز «جمعية كتاب السيناريو الأميركية».‬
• 24 مارس: إعلان جوائز «جمعية المنتجين الأميركية»
• 4 أبريل: إعلان جوائز «جمعية الممثلين»
• 10 أبريل: إعلان جوائز «جمعية المخرجين الأميركية»
• 11 أبريل: إعلان جوائز «بافتا» البريطانية
• 16 أبريل: إعلان جوائز «آني» لسينما الرسوم المتحركة
• 17 أبريل: إعلان جوائز التوليف من قِبل «جمعية المونتاج الأميركية»
• 18 أبريل: إعلان جوائز «جمعية مديري التصوير الأميركية»
• 25 أبريل: إعلان جوائز الأوسكار.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».