«المركبات الملكية» في القاهرة يحتفي بذكرى ميلاد محمد علي باشا

المتحف يعرض لوحة نادرة رُسمت في 1811 لتخليد «مذبحة القلعة»

TT

«المركبات الملكية» في القاهرة يحتفي بذكرى ميلاد محمد علي باشا

يحتفي متحف المركبات الملكية في القاهرة بذكرى مرور قرنين ونصف القرن على ميلاد محمد علي باشا، مؤسس الأسرة العلوية التي حكمت مصر لأجيال متعاقبة في الفترة من (1805 حتى 1952)، عبر عرض لوحة نادرة تُخلد مذبحة القلعة الشهيرة ضد المماليك، وهي عبارة عن بورتريه رُسم عام 1811، ويظهر فيه مؤسس الأسرة العلوية ممتطياً جواده ويبدو أكثر نحافة من هيئته المعروفة تاريخياً لإظهار القوة والفروسية والانتصار، وفي الخلفية تفاصيل فنية دقيقة لمعركة مذبحة القلعة التي أسست لحكم أسرته وأبنائه من بعده.
اللوحة الزيتية التي يعرضها متحف المركبات الملكية بحي بولاق أبو العلا التاريخي (وسط القاهرة) تعود إلى عام 1811، وفق أحمد الصباغ، مدير عام المتحف، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللوحة أمر برسمها إبراهيم باشا نجل محمد علي عقب (مذبحة القلعة) تخليداً للمعركة التاريخية التي أسست لحكم أسرته، واحتفاءً بانتصار والده على المماليك، وهي لوحة نادرة؛ إذ تُعد الوحيدة التي يظهر فيها مؤسس مصر الحديثة ممتطياً جواده».
وحرص الرسام على أن يظهر والي مصر في البورتريه بجسد رشيق «عكس الواقع» لتوحي هيئته بالقوة والعظمة، حسب أمين الكحكي، مدير متحف المركبات الملكية، ويقول الكحكي لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «تفاصيل اللوحة تُظهر محمد علي باشا بمظهر القوي المنتصر، وتُبرز الهيمنة والسيطرة وسمات القائد والفارس رشيق الجسد».
ووُلد محمد علي باشا في 4 مارس (آذار) عام 1769، وتولى حكم مصر بداية من عام 1805 حتى عام 1848، وتوفي في 2 أغسطس (آب) 1849، ويوصف تاريخياً بأنه «مؤسس مصر الحديثة»؛ لما حققه من نهضة في مجالات متنوعة خلال فترة حكمه التي استكملها أبناؤه إلى أن قامت ثورة 23 يوليو (تموز) 1952 والتي أنهت حكم أسرته، وتحولت مصر بعدها من الملكية إلى الجمهورية.
ويقول أمين الكحكي، إنّ «عرض اللوحة يهدف إلى إلقاء الضوء على حقبة مهمة من تاريخ مصر، وما شهدته تلك الفترة من نهضة وتقدم في مجالات مختلفة بعد مرور قرنين ونصف القرن على ميلاد محمد علي باشا، فضلاً على تعريف الجمهور بمُقْتنيات المتحف النادرة».
يقع متحف المركبات الملكية في قلب العاصمة المصرية، وتحيط به العديد من البنايات الأثرية والمنشآت الحيوية، بينها مسجد السلطان أبو العلا، ومبنى الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو)، ومقر وزارة الخارجية، وأنشأه الخديو إسماعيل في الفترة بين عامي 1863 و1879، وسُمي حينها بـ«مصلحة الركائب الخديوية»، ثم تغير اسمه إلى «مصلحة الركائب السلطانية» في عام 1914، ثم «مصلحة الركائب الملكية» في عام 1924، وتحول اسمه إلى «متحف الركائب الملكية» في عام 1978، ويعتبر من أندر المتاحف ويعد الرابع من نوعه على مستوى العالم بعد متاحف روسيا وإنجلترا والنمسا.
وفي عام 2001 أُغلق المتحف، وبدأت وزارة السياحة والآثار مشروعاً لترميمه توقف بعدها لنحو 6 سنوات، واستأنفت المشروع عام 2017 بتكلفة بلغت نحو 63 مليون جنيه (الدولار يعادل نحو 15.7 جنيه مصري) إلى أن أعيد افتتاحه في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، ويضم عشرات «العربات الملكية»، منها عربة «الآلاي» و«النصف آلاي»، وهما من العربات التي تجرها الخيول كانت تصنع بمواصفات معينة للملوك وكبار رجال الدولة، بينها العربة التي كانت أهدتها الإمبراطورة أوجيني، (إمبراطورة فرنسا) للخديو إسماعيل خلال حفل افتتاح قناة السويس، فضلاً عن عربات ملكية أخرى تسمى «الكلش»، وإكسسوارات الخيول، مثل «الركاب» و«السرج» الذي يوجد منه مجموعات متنوعة، منها سرج خاص بالأطفال، وأنواع خاصة بالنساء، وملابس الفرسان الذين كانوا يحيطون بالموكب الملكي.
وتُعرض لوحة محمد علي باشا في قاعة الحصان بالمتحف، وتضم القاعة لوحات زيتية متنوعة لأبرز شخصيات الأسرة العلوية يمتطون خيولهم، فضلاً عن مجموعة لوحات تصور الخيول الملكية، وأخرى توثق لحفل افتتاح قناة السويس في عهد الخديو إسماعيل.



حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
TT

حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

يُشكّل «مهرجان ضي للشباب العربي» الذي يُطلقه «أتيليه العرب للثقافة والفنون» في مصر كل عامين، تظاهرة ثقافية تحتفي بالمواهب العربية الشابة في الفنون التشكيلية، وتعكس عمق التعبير وتنوعه بين الفنانين المشاركين عن القضايا الجماعية والتجارب الذاتية.

وتشهد نسخته الخامسة التي انطلقت تحت شعار «بلا قيود»، وتستمر لشهر كامل في قاعات غاليري «ضي» بالقاهرة، مشاركة 320 فناناً من الشباب، يمثلون 11 دولة عربية هي مصر، والسعودية، والسودان، وسوريا، وفلسطين، والعراق، والأردن، واليمن، ولبنان، والعراق، وتونس.

تُقدم سلمى طلعت محروس لوحة بعنوان «روح» (الشرق الأوسط)

وبين أرجاء الغاليري وجدرانه تبرز مختلف أنواع الفنون البصرية، من الرسم والتصوير والحفر والطباعة والخزف والنحت. ومن خلال 500 عملٍ فني تتنوع موضوعاتها وتقنياتها وأساليبها واتجاهاتها.

ويحفل المهرجان في دورته الحالية بأعمال متنوعة ومميزة للشباب السعودي، تعكس إبداعهم في جميع ألوان الفن التشكيلي؛ ومنها عمل نحتي للفنان السعودي أنس حسن علوي عنوانه «السقوط».

«السقوط» عمل نحتي للتشكيلي السعودي أنس علوي (الشرق الأوسط)

يقول علوي لـ«الشرق الأوسط»: «استلهمت العمل من فكرة أن كلمَتي (حرام) و(حلال)، تبدآن بحرف الحاء، وهما كلمتان متضادتان، وبينهما مساحات شاسعة من الاختلاف».

ويتابع: «يُبرز العمل ما يقوم به الإنسان في وقتنا الراهن، فقد يُحرّم الحلال، ويُحلّل الحرام، من دون أن يكون مُدركاً أن ما يقوم به هو أمر خطير، وضد الدين».

ويضيف الفنان الشاب: «لكنه بعد الانتهاء من فعله هذا، قد يقع في دائرة الشكّ تجاه تصرّفه. وفي هذه المرحلة أردت أن أُجسّد تلك اللحظة التي يدخل إليها الإنسان في مرحلة التفكير والتشكيك في نفسه وفي أعماله، فيكون في مرحلة السقوط، أو مراجعة حكمه على الأمور».

وتأتي مشاركة الفنانة السعودية سمية سمير عشماوي في المهرجان من خلال لوحة تعبيرية من الأكريلك بعنوان «اجتماع العائلة»، لتعكس عبرها دفء المشاعر والروابط الأسرية في المجتمع السعودي.

عمل للتشكيلية السعودية سمية عشماوي (الشرق الأوسط)

وتقول سمية لـ«الشرق الأوسط»: «تُعدّ اللوحة تجسيداً لتجربة شخصية عزيزة على قلبي، وهي لقاء أسبوعي يجمع كل أفراد أسرتي، يلفّه الحب والمودة، ونحرص جميعاً على حضوره مهما كانت ظروف الدراسة والعمل، لنتبادل الأحاديث، ونتشاور في أمورنا، ونطمئن على بعضنا رغم انشغالنا».

ويُمثّل العمل النحتي «حزن» أول مشاركة للتشكيلية السعودية رويدا علي عبيد في معرض فني، والتمثال مصنوع من خامة البوليستر، ويستند على رخام. وعن العمل تقول لـ«الشرق الأوسط»: «يُعبّر التمثال عن لحظة حزن دفينة داخل الإنسان».

عمل نحتي للفنانة السعودية رويدا علي عبيد في الملتقى (الشرق الأوسط)

وتتابع رويدا: «لا أحد يفهم معنى أن تقابل الصدمات بصمت تام، وأن تستدرجك المواقف إلى البكاء، فتُخفي دموعك، وتبقى في حالة ثبات، هكذا يُعبّر عملي عن هذه الأحاسيس، وتلك اللحظات التي يعيشها المرء وحده، حتى يُشفى من ألمه وأوجاعه النفسية».

من جهته قال الناقد هشام قنديل، رئيس مجلس إدارة «أتيليه العرب للثقافة والفنون»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مهرجان الشباب العربي يمثّل خطوة مهمة في تشجيع الفنانين الشباب ودفعهم إلى الابتكار، وتقديم أفكارهم بلا قيود؛ وانطلاقاً من هذا الفكر قرّرت اللجنة المنظمة أن يكون موضوع المهرجان 2025 مفتوحاً من دون تحديد ثيمة معينة».

وأضاف قنديل: «اختارت لجنتا الفرز والتحكيم أكثر من ثلاثمائة عملٍ فني من بين ألفي عمل تقدّمت للمشاركة؛ لذا جاءت الأعمال حافلة بالتنوع والتميز، ووقع الاختيار على الإبداع الفني الأصيل والموهبة العالية».

ولفت قنديل إلى أن الجوائز ستُوزّع على فروع الفن التشكيلي من تصوير، ونحت، وغرافيك، وخزف، وتصوير فوتوغرافي وغيرها، وستُعلن خلال حفل خاص في موعد لاحق يحدده الأتيليه. مشيراً إلى أن هذه النسخة تتميّز بزخم كبير في المشاركة، وتطوّر مهم في المستوى الفني للشباب. ومن اللافت أيضاً في هذه النسخة، تناول الفنانين للقضية الفلسطينية ومعاناة سكان غزة من خلال أعمالهم، من دون اتفاق مسبق.

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

وبرؤية رومانسية قدّمت الفنانة المصرية الشابة نورهان إبراهيم علاجاً لصراعات العالم وأزماته الطاحنة، وهي التمسك بالحب وتوفير الطفولة السعيدة للأبناء، وذلك من خلال لوحتها الزيتية المشاركة بها في المهرجان، التي تغلب عليها أجواء السحر والدهشة وعالم الطفولة.

وتقول نورهان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «براءة الأطفال هي بذرة الإبداع التي ستعالج العالم كله»، وتتابع: «أحب الأطفال، وأتعلم كثيراً منهم. وأدركت أن معظم المشكلات التي تواجه العالم اليوم من الجرائم الصغيرة إلى الحروب الكبيرة والإرهاب والسجون الممتلئة لدينا، إنما هي نتيجة أن صانعي هذه الأحداث كانوا ذات يومٍ أطفالاً سُرقت منهم طفولتهم».

«بين أنياب الأحزان» هو عنوان لوحة التشكيلي الشاب أدهم محمد السيد، الذي يبرز تأثر الإنسان بالأجواء المحيطة به، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حين يشعر المرء بالحزن، يبدأ في الاندماج مع الطبيعة الصامتة، ويتحوّلان إلى كيان واحد حزين. وحين يسيطر الاكتئاب على الإنسان ينجح في إخفائه تدريجياً».

لوحة للتشكيلية المصرية مروة جمال (الشرق الأوسط)

وتقدم مروة جمال 4 لوحات من الوسائط المتعددة، من أبرزها لوحة لبناية قديمة في حي شعبي بالقاهرة، كما تشارك مارلين ميشيل فخري المُعيدة في المعهد العالي للفنون التطبيقية بعملٍ خزفي، وتشارك عنان حسني كمال بعمل نحت خزفي ملون، في حين تقدّم سلمى طلعت محروس لوحة عنوانها «روح» تناقش فلسفة الحياة والرحيل وفق رؤيتها.