تركيا تتحدث عن استئناف «الاتصالات» مع مصر

دبلوماسيون وخبراء مصريون يدعون أنقرة لـ«خطوات جادة» تبرهن على التقارب

الرئيس التركي اردوغان في اسطنبول أمس (رويترز)
الرئيس التركي اردوغان في اسطنبول أمس (رويترز)
TT

تركيا تتحدث عن استئناف «الاتصالات» مع مصر

الرئيس التركي اردوغان في اسطنبول أمس (رويترز)
الرئيس التركي اردوغان في اسطنبول أمس (رويترز)

أعلنت تركيا بدء اتصالات دبلوماسية مع مصر «بلا شروط» من أجل فتح صفحة جديدة في العلاقات لافتة في الوقت ذاته إلى عدم وجود أي سبب يمنع تحسين العلاقات مع السعودية. وحول العلاقات مع مصر، قال الرئيس التركي إن تعاوننا الاقتصادي والدبلوماسي والاستخباراتي مع مصر متواصل، ولا يوجد أي مشكلة في هذا، مضيفا: «عملية تعاوننا مع مصر مستمرة، ونتمنى أن نتمكن من مواصلة هذه العملية مع مصر بشكل أقوى»، لذلك، بعد أن أسفرت هذه المحادثات الاستخباراتية والدبلوماسية والسياسية عن نتائج، سننقلها إلى مستويات أعلى.
وجاءت تصريحات إردوغان بالتزامن مع تصريحات لوزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، أدلى بها أمس إلى وكالة «الأناضول والتلفزيون الرسمي التركي (تي آر تي)، أكد فيها بدء الاتصالات الدبلوماسية بين تركيا ومصر من أجل إعادة العلاقات إلى طبيعتها، وعدم طرح البلدين أي شروط مسبقة من أجل ذلك. وقال: «لا يوجد أي شرط مسبق سواء من قبل المصريين أو من قبلنا حاليا، لكن ليس من السهل التحرك وكأن شيئا لم يكن بين ليلة وضحاها، في ظل انقطاع العلاقات لأعوام طويلة، تطبيع العلاقات يتم، لكن ببطء، بطبيعة الحال يحدث هناك نقص في الثقة مع الأخذ بعين الاعتبار القطيعة لأعوام طويلة، وهذا أمر طبيعي يمكن أن يحدث لدى الطرفين، ولهذا تتواصل المباحثات في ضوء استراتيجية وخريطة طريق معينة». وأضاف: «لدينا اتصالات مع مصر سواء على مستوى الاستخبارات أو وزارة الخارجية. واتصالاتنا على الصعيد الدبلوماسي بدأت»، مشيرا إلى أنه سبق والتقى مع نظيره المصري سامح شكري، خلال مشاركتهما في اجتماعات دولية، وأنهما التقيا في نيويورك عام 2019. وتصاعدت في الأسبوعين الأخيرين رسائل التودد إلى مصر من جانب المسؤولين الأتراك وركزت على مسألة توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية، ثم انتقل الحديث إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات التي تأثرت سلبا بالموقف التركي من سقوط حكم جماعة «الإخوان المسلمين في مصر» عام 2013.
في غضون ذلك، دعا دبلوماسيون وخبراء مصريون تركيا لـ«(خطوات جادة) تبرهن التقارب مع القاهرة». وأضافوا لـ«الشرق الأوسط» أن «التصريحات التركية بشأن استئناف (الاتصالات الدبلوماسية) مع القاهرة، قد تدفع لكسر التوتر في العلاقات، وقد تهيئ لمعطيات جديدة وبيئة خصبة لعودة العلاقات على المدى المتوسط أو البعيد وليس على المستوى القريب».
وقال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق، إنه «على تركيا أن تبرهن هذا التقارب – التي تتحدث عنه - على أرض الواقع، عبر خطوات جادة، وتحدد موقفها في ليبيا، ومصير الـ25 ألفا من (المرتزقة) هناك، وأن تكف عن أطماعها في البحر المتوسط». فيما قال الدكتور كرم سعيد، الباحث المتخصص في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر، إن «تصريحات القادة في تركيا والتي بدأت الأسبوع الماضي، تشير إلى أن تركيا تدرك أن هناك نوعاً من التطور الإقليمي ليس في صالحها، فضلاً عن تصاعد الخلافات مع أميركا والتي تتحدث عنها الإدارة الأميركية بشكل مباشر»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «تركيا شعرت بأن جميع السياسات في معاداة القاهرة، لم تسفر عن شيء، ولم (تقزم) الدولة المصرية في الإقليم، فضلاً عما حدث في (قمة العلا) يناير (كانون الثاني) الماضي، والتي أسفرت عن (حلحلة) في العلاقات المصرية - القطرية، والعلاقات السعودية - القطرية، حيث كانت تستغل تركيا العلاقات المتوترة بين مصر وقطر في المنطقة، إلى جانب أن المشهد في ليبيا أصبح أكثر انفتاحاً، ولم يعد في صالح تركيا». ووفق سعيد فإن «التصريحات التركية بشأن مصر، قد تدفع لكسر التوتر في العلاقات بين البلدين، وقد تهيئ لمعطيات جديدة وبيئة خصبة لعودة العلاقات، لكن على المدى المتوسط أو البعيد وليس على المستوى القريب». وأرجع ذلك «لرغبة تركيا ربما في توقيع اتفاقية ترسيم الحدود مع مصر، وهذا أمر مستبعد من قبل القاهرة التي تربطها علاقات قوية مع اليونان وقبرص، فضلاً عن رفض القاهرة لعمليات التنقيب (غير القانونية) لتركيا، إلى جانب وجود وجهات نظر مختلفة بين البلدين حول قضايا تخص الأمن القومي المصري، ورعاية تركيا لمنصات إعلامية تابعة لجماعة (الإخوان) تواصل نشر الإشاعات والأكاذيب عن الشأن المصري».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».