متى سيخرج «المرتزقة» من بلادنا؟ سؤال يُحيّر الليبيين

قوات أمن ليبية في سرت يوم الاثنين الماضي (رويترز)
قوات أمن ليبية في سرت يوم الاثنين الماضي (رويترز)
TT

متى سيخرج «المرتزقة» من بلادنا؟ سؤال يُحيّر الليبيين

قوات أمن ليبية في سرت يوم الاثنين الماضي (رويترز)
قوات أمن ليبية في سرت يوم الاثنين الماضي (رويترز)

أظهرت الأجواء الإيجابية التي يعيشها الليبيون هذه الأيام إصراراً لدى غالبيهم على عدم العودة لأيام «الفوضى والحرب»، لكنهم طرحوا سؤالاً بدا متكرراً حول موعد مغادرة المقاتلين الأجانب و«المرتزقة» بلادهم، ومدى الاستفادة من الزخم الدولي لـ«تطهير» ليبيا مما يسمونهم «قوات الاحتلال»؟ لكن وسط تزاحم هذه النوعية من الأسئلة التي تحيّر الليبيين، استبعد سياسيون وعسكريون إغلاق هذا الملف قُبيل إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في نهاية العام.
ويتوزع قرابة 20 ألف مقاتل و«مرتزق» بمحور (سرت - الجفرة) بين قوات «الجيش الوطني» في قواعد جوية رئيسية خصوصاً في الجفرة (500 كيلومتر جنوب طرابلس)، وإلى الغرب في قاعدة الوُطية التابعة لحكومة «الوفاق»، أكبر قاعدة عسكرية على الحدود التونسية، وذلك منذ فشلت الحرب التي أمر بشنها المشير خليفة حفتر على العاصمة طرابلس، وتراجع قواته إلى وسط البلاد في مطلع يونيو (حزيران) الماضي.
ويرى مصدر عسكري ليبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «وضعية هذه القوات، التي تدفقت على البلاد منذ بداية عام 2019 خصوصاً من روسيا وتركيا، متوقفة على إجراء الانتخابات المتفق عليها في 24 ديسمبر (كانون الأول)»، متوقعاً «بقاءها واستخدامها كورقة ضغط في يد الطرفين المتنازعين». لكنه استدرك: «إذا نجحت حكومة (الوحدة الوطنية) بقيادة عبد الحميد دبيبة، في إجراء الانتخابات مع نهاية العام فلن تكون هناك حاجة لوجود (المرتزقة)، وعندئذ ستبادر الأطراف الدولية التي دفعت بها بسحبها من ليبيا».
وسبق لدبيبة القول أمام جلسة مجلس النواب منتصف الأسبوع الماضي إن «المرتزقة والقوات الأجنبية خنجر في ظهر الليبيين، ولا بد من تحرر البلاد منهم»، لكنه رأى أن «الأمر ليس هيناً ويحتاج إلى الحكمة».
وتقول اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، التي وقعت اتفاقاً في 23 أكتوبر (تشرين الأول) بوقف «إطلاق النار»، إنها «تبذل جهوداً لإخراج المقاتلين و(المرتزقة) من ليبيا، لكن الأمر سيستغرق وقتاً»، ولفتت في مناسبات عديدة إلى أنها «لا تستطيع إخراج العناصر الأجنبية، لكونها لا تمتلك الولاية القانونية لتنفيذ هذه الأعمال، وعدم تبعية أي قوة أمنية على أرض في سرت لها».
وثمّنت جبهة «النضال الوطني» الليبية، موقف مجلس النواب في منح الثقة لحكومة دبيبة، ورأت في بيان مساء أول من أمس، أنه «استكمالاً لنشر السلم والأمن في البلاد، ينبغي إنهاء أي وجود عسكري غير شرعي، والعمل على استبعاد أشكال الوجود الأجنبي العسكري كافة على الأراضي الليبية».
ورغم الهدوء الملحوظ على محور (سرت - الجفرة) فإن الأمر لم يخلُ من مناكفات بين (طرفي النزاع)، إذ يرصد كل منهما تحركات لعناصر «المرتزقة» في المدن المجاورة لسرت بالتجول والتسوق من المحال التجارية والأسواق الشعبية.
وأظهرت صور نشرتها عملية «بركان الغضب» التابعة لقوات «الوفاق» تحركات لمن سمّتهم «مرتزقة الجنجويد» خلال تجولهم في الطريق المؤدية من المجمعات الإدارية إلى جزيرة الدوران وسط مدينة هون بمنطقة الجفرة (وسط ليبيا).
كما نشرت صوراً رأت أنها لأعمال حفر تجريها عناصر من «مرتزقة» شركة «فاغنر» الروسية بين الجفرة وسرت إلى بوابة النص (خشوم آخير) على بُعد 42 كيلومتراً من ودان باتجاه سرت، تعتقد أنها لمد أنبوب داخل الخندق لنقل النفط وشحنه بحراً، لكن مسؤولاً بشرق ليبيا نفى صحة ذلك.
وفي إطار طرح السؤال ذاته عن موعد إخراج «المرتزقة» من ليبيا، وصف أعضاء بمجلس النواب هذه الخطوة بأنها من «التحديات الكبرى» أمام حكومة دبيبة. ودعا البرلماني جبريل أوحيدة، في تصريح صحافي، إلى «إغلاق ملف الحرب بإخراج القوات الأجنبية، ولجم الميليشيات أينما وُجدت، وبسط الأمن وصولاً إلى انتخابات نزيهة وفق قاعدة دستورية عادلة في أقرب الآجال، إن لم يكن في الموعد المحدد».
وأرسلت أنقرة طائرات مسيّرة ومدربين ومستشارين عسكريين إلى ليبيا بموجب اتفاق عسكري موقّع مع حكومة «الوفاق»، كما أرسلت «مرتزقة» سوريين، حسب خبراء الأمم المتحدة. وتنفي موسكو لعب دور في وجود «مرتزقة» روس. لكن في مايو (أيار) الماضي، أكد خبراء من الأمم المتحدة وجود مرتزقة في ليبيا من مجموعة (فاغنر) المعروفة بأنها مقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.